"الصالح" لـ "سبق": مشكلتنا  أننا نريد حلولاً خارقة للسكن ولا نغير واقعنا وعادات المجتمع

  • 10/20/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

أكد المختص في التخطيط العمراني والإسكان، م.فهد الصالح، أن أبرز مشكلة تواجه المواطن حالياً هي ارتفاع أسعار العقارات السكنية في جميع الأحياء، والمدن والمناطق، يقابل ذلك حاجة متزايدة للمسكن مقارنة بمعدل نمو السكان والأسر، ما يتطلب إيجاد الحلول المناسبة لسوق العقار والإسكان، حتى لا يكون هناك زيادة في التأثيرات السلبية على المجتمع.   ويقول الصالح لـ "سبق": "من المعلوم للجميع أنه خلال 8 أو 9 سنوات الماضية ارتفع دخل الدولة نتيجةً لارتفاع أسعار النفط التي تجاوزت 100 دولار للبرميل، وقد حصلت طفرة اقتصادية كبيرة في المملكة رفعت من مستوى التنمية في البلد، وارتفع معدل الدعم، والضخ الحكومي في تطوير مشاريع تنموية عدة كان من أبرزها مشاريع البنية التحتية، وقد أثر ذلك إيجاباً على نشاط، وتوسع القطاع الخاص الذي اعتمد كثيراً على المشاريع الحكومية، وما يتولد عنها من فرص اقتصادية، وصاحب ذلك زيادة في الطلب، والنشاط العقاري، وانتعش سوق العقار، والإسكان وحصل ارتفاع كبير في أسعار الأراضي والعقارات أثناء الطفرة الاقتصادية الماضية، في ظل غياب تام لدور وزارة الإسكان آن ذاك مع عدم استفادة من الدعم والضخ الحكومي الكبير الموجه لها، فلم يكن هناك تعامل بالشكل المطلوب لمعالجة أزمة السكن ولم تطرح أو تضخ مخططات سكنية بحجم يوازي الطلب من المستحقين في المدن الرئيسية، ولم تعلن عن سياسات توجه سوق الإسكان، وتعالج الارتفاعات المبالغ فيها في الأسعار، ولم تفعل الاستراتيجية الوطنية للإسكان التي أعدت". ويشير الصالح إلى أنه بعد ذلك حصلت حالة ركود في سوق العقار بدأت منذ أواخر عام 2014م، صاحبها تراجع في حركة البيع، والتداول وتدني القدرة الشرائية للمواطنين وإحجام عدد كبير من طالبي القرض العقاري عن استلام قروضهم ممن صدرت لهم الموافقة على الإقراض من صندوق التنمية العقاري نظراً لارتفاع أسعار الأراضي وتكاليف البناء.  ويضيف: مع انخفاض أسعار النفط خلال السنة والنصف الماضية، حدثت تحولات عديدة في سوق العقار إلا أنه ظل متمسكاً بأسعاره المتضخمة، وبقراءة خاصة للوضع الراهن لقطاع العقار والإسكان يمكن القول أن الوضع الاقتصادي والمالي العام، وما يصحبه من تبعات في انخفاض الأسعار على كافة السلع يفترض معه حدوث انخفاض موازٍ في أسعار العقارات والمساكن. وقد يزيد ذلك في أماكن وينخفض في أماكن أخرى بحكم طبيعته غير المتجانسة، وتحسن حركة السوق والتطوير العقاري والعمراني وانخفاض الأسعار من عدمها سترتبط، وستتأثر في قادم الأيام  بشكل كبير مع طريقة التعامل مع ملف رسوم الأراضي البيضاء، والقدرة على تخطي حداثة التجربة، ومعالجة ثغرات ومشكلات التطبيق المتوقعة وايضاح آلية التعامل في تجاوز كل مرحلة من مراحل تطبيق رسوم الأراضي لتحقيق التوازن المطلوب بين العرض والطلب. ويتساءل الصالح حول المعايير والضوابط والمدة الزمنية التي تحكم عملية الانتقال من مرحلة إلى أخرى، وكيف تستطيع وزارة الإسكان الحكم على قدرة أي من المراحل على الموازنة بين العرض والطلب؟ مؤكدا أن أزمة السكن ستزيد بشكل أكبر بسبب تقليص الدعم الحكومي الموجه نحو قطاع الاسكان، ويخشى هنا من تكرار ماحصل نتيجة توقف الدعم الحكومي لقطاع الاسكان في أعوام  1990-1995م، مما يتطلب ايجاد الحلول البديلة التي تعالج أزمة السكن في ظل هذه الظروف الاقتصادية الحرجة. "من جانب آخر نجد أن قضية السكن ترتبط بشكل أساسي بالمقدرات الاقتصادية، والمتطلبات الاجتماعية للأسر، وتوفر السكن له تأثير قوي في مستوى جودة المعيشة والأمان المجتمعي".. هكذا يقول م. فهد الصالح، متابعا:"النسبة الكبرى ممن يريدون شراء مساكنهم يعتدون الحصول على التمويل إما عن طريق صندوق التنمية العقارية أو الاقتراض من البنوك، وشركات التمويل التجارية، ومع استمرار هذه القضية المتأزمة يتركز النقاش حول القروض السكنية، وآليات التمويل وبالتحديد هناك ثلاثة أمور تتعلق بهذا الجانب هي توقف صندوق التنمية العقارية عن التمويل وصرف الدفعات للمستحقين للقروض السكنية، وهو الذي يعتبر الخيار الوحيد المحبب والمتاح لعموم المواطنين للحصول على تمويل سكني بقرضٍ حسن وبشروط ميسرة، والقرض المعجل الذي ينوي الصندوق إطلاقه خلال الفترة المقبلة بصيغة المرابحة من خلال نسبة ربح ثابتة (2%) طيلة مدة القرض على أن يقوم الصندوق بالسداد للبنك خلال فترة سداد القرض، ويقوم المقترض بعد استكمال سداد أصل القرض للبنك بسداد أرباح القرض للصندوق على شكل أقساط شهرية متساوية خلال مدة ٥ سنوات، وقرار مؤسسة النقد حول استكمال التنسيق لبرنامج الرهن الميسر للتمويل العقاري السكني بحيث يقوم طالب التمويل بتوفير دفعة مقدمة بمقدار 15% من قيمة العقار السكني عوضاً عن الدفعة المحددة سابقاً 30% مع إتاحة الفرصة للبنوك لتمويل العقار بمقدار 70% من قيمته مقابل رهن المسكن حسب نظام الرهن العقاري، وتقديم تمويل إضافي بمقدار 15% مقابل ضمان من وزارة المالية ليصبح إجمالي التمويل البنكي للسكن 85%. ويؤكد الصالح انه من خلال قراءة لما يدور من نقاش حول تلك المواضيع فإن الحذر والتخوف هو سيد الموقف لدى شريحة عظمى من راغبي التمويل والاقتراض بغرض الحصول على السكن، ويعود ذلك لعدم وضوح مآل سوق الاسكان، والعقار في ظل هذه الظروف، والتغيرات الاقتصادية، وارتفاع نسبة الفوائد الكبرى التي تستقطعها الحلول التمويلية المطروحة، وكذلك مقدار ماسيتم استقطاعه من إجمالي دخل المقترض التي تصل إلى 65% من إجمالي دخله، والقسط الشهري الذي سوف يستمر لسنوات طويلة، وسيشكل عبئا ثقيلاً على ميزانية الكثيرين. موضحاً "مشكلتنا الكبرى أننا نريد حلولاً خارقة، ولا نريد أن نغير من حالنا وواقعنا المعايش فمن الضروري أن يتم التعامل مع قضية الإسكان بنظرة شاملة، وليست أحادية الطرف فهناك مشكلات اقتصادية ومالية، وأخرى تشريعية، وقانونية، وهندسية، وتخطيطية". وقال:" عادات وثقافة مجتمع لا بد أن ينظر لها بعين الاعتبار جميعاً، وعلينا أن نستجلب الحلول ممن سبقونا في النجاح، وهنا تحديداً يجب أن نستفيد من التجربة الكندية في معالجة قضية الإسكان من خلال تبني تجربة المؤسسة الكندية للإسكان، والرهن العقاري التي عملت على تيسير الإسكان، وجعله في متناول المواطنين، وتبنت هدف توفير منزل لكل كندي، وقامت بتسهيل التمويل العقاري بشكل منخفض عن السوق، وقامت بتبني عدة برامج لتمكين الحصول على المسكن من خلال تقديم برامج تمويل لمساعدات مباشرة لتحسين ظروف السكن لمحدودي الدخل وساكني المناطق النائية، وكذلك تقديم ضمانات للبنوك عن المواطن الذي لا يستطيع دفع 30% مقدما من قرض المنزل ضمن مشروع الضمان الإقراضي، وهذا ساعد 80% من الكنديين من الحصول على مساكن خاصة بهم، بالإضافة إلى تقديم برنامج التمويل منخفض التكاليف وهو برنامج يقدم قروضاً لمشروعات الإسكان وذات فائدة منخفضة بأقل من سعر السوق للجهات المطورة التي تقوم بتشييد وتقديم خدمات الإسكان الميسر للمواطنين". ويؤكد الصالح على أهمية النظر بعين الاعتبار لقطاع العقار، وتوجيه الدعم له ليكون رافد مهم للدخل العام للدولة كأحد القطاعات المهمة في جانب التنويع الاقتصادي الذي أكدت عليه رؤية المملكة 2030م. مشيرا إلى أهمية الاستفادة من التجارب العالمية في استخدام نظام وسياسات السكن الاجتماعي المدعوم كحل يحقق عملية التوازن بين طرفي الإيجار من خلال وضع قانون للإيجار يتوافق مع توجهات سوق الإسكان يجري فيها حساب هامش ربحي معقول يضاف لقيمة الإيجار بالنظر للأوضاع الاقتصادية، مع توجيه دعم حكومي وإعانات على غرار ما تقدمه الدولة أيدها الله في بعض السلع الأخرى، وكذلك تسهيلات في الأنظمة والبناء لتحفيز الملاك والمستثمرين لخفض الأسعار مقابل القيام بتأجير وحدات سكنية منخفضة الأسعار تتوافق مع دخول الأسر.

مشاركة :