النسخة: ستكون قمة الخليج هذه المرة ساخنة على غير العادة، فاللقاء الخليجي اهتم وأبحر كثيراً بمخاطر الخارج أكثر من ملفات الداخل، فملفات الشأن الخليجي الداخلية ذات الحماسة المتجددة كانت تنتقل بهدوء من طاولة لطاولة وتتباين حولها الأصوات فيكون نصيبها البطء والتأجيل والتسويف. عمان الدولة الهادئة الوادعة ورفيقة الصمت وعاشقة الهدوء والمفضلة للاستماع والاستمتاع قالت «لا» ثلاث مرات، ولم تشأ أن تقسمها على أكثر من قمة خليجية كي تكون قمة الكويت قمة مفصلية من أجل الهم الخليجي الموحد، «لا» للاتحاد الخليجي، وللعملة الخليجية الموحدة، ولتوسعة قوات درع الجزيرة، ودعمت لاءاتها الثلاث حديثة النمو - لا الولادة - بالرغبة الصريحة في النأي بالمنطقة عن الصراعات الدولية، وكأن منطقتنا خالية من هذه الصراعات لأؤكد أن العقول القارئة لهذه الصراعات تختلف من قطر خليجي لآخر. «عمان» قالت رأيها وإن كنت أحسبه متأخراً مستعجلاً وكان من اللذيذ أن تمرره منذ زمن، لا أن تلْعَب به كضاغط على ملفات القمة ليعيد ترتيبها بما يكفل خروجاً ختامياً يحمل أقل نصيب من التفاؤل في أسوأ الأحوال ويضع اليد على الجراح، ليس على القمة أن توقظ النائم من الملفات بل لتعمل على تحريك وتنشيط وتشجيع المستيقظ منها، فمجلس التعاون الخليجي يتحرك ببطء، ويحاول أن يصل لمنطقة التطبيق، لكنه متعثر من قمة لأخرى في ورطة التنظير، والتطلع للاتحاد حق مشروع من أجل مكتسبات تعاون، إنما من البدهي أن الخلل المقروء والمعلن في التعاون لا يمكن أن يصل بنا لربع «اتحاد». «عمان» كانت صامتة وتحدثت ولها الحق في أن تتحدث على رغم أن الحديث لم يكن موفقاً من مربع الزمان ولا المكان، لكن حديثها يقود لحقيقة أن قممنا الخليجية تخاف من الاتفاق على الاتفاق، وتتبعثر ملفاتها في اللحظات الأخيرة لأن ثمة من يفكر في أنه في ما لو ترسخت بضع أفكار على الواقع ولم تكن له يد في ابتكارها وإحضارها لكان في الركن القصي المهمل من المساحة بأكملها. الاتحاد بند مطروح على جدول أعمال قمة الكويت، ويفترض أن يُؤخذ في شأنه خلال هذه القمة قرار ما بين: لاء قاطعة لما قبلها وبعدها، أو «نعم» محيدة لأي «لا» جاءت معها أو قبلها، لا ننتظر من المجلس اللعب على الأوراق المتنازع عليها، وبالإمكان قذفها لسلة المهملات أو تثبيت محتوياتها بعبوة شجاعة أو رأي جاد يتطلع للأمام ولا ينظر للخلف، عمان دقت مسماراً حاسماً في جدار المجلس ولرفاق المرحلة وصناع القرار على الطاولة الدائرية أن يكونوا مختلفين على الأقل في هذه القمة، فالراعي الجديد للمنطقة ينتظر النتائج ليرى هل هناك أحد في الطريق أم أنه لا يزال ممهداً بورق محشو بالشجب والتنديد والمطالبة والتجاذبات وتنوع المصالح، وسيظل المجلس الناشئ على التراضي والمار الآن ببوادر رفض مختنقة بفرض، خير مبعثر لخريطة تقويم ثلاثة عقود من تاريخ النشأة والمنجز. Alialqassmi@hotmail.com @alialqassmi
مشاركة :