مجلس مؤلف من بلدان الخليج والولايات المتحدة على توحيد الإجراءات والأدوات القانونية لمحاربة الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها داعش وحزب الله. تبدو دول الخليج في موقف صعب، مع اشتعال الحروب الأهلية في المنطقة، وتفشي الفساد المتزامن مع الدول المنهارة، إضافة إلى عوامل عديدة ومؤثرة داخليا وخارجيا. وهناك نقطة مهمة يجب أن تضعها بلدان الخليج في الحسبان: هي أنّه على الرغم من كافة المساعي والجهود الرامية للقضاء على الإرهاب، وتدخلات الدول الخارجية، سيبقى التهديد قائما، بسبب الاضطرابات التي تعمّ المنطقة، كما أنّ دول الخليج تواجه تهديدات إقليمية هي الأكثر خطورة منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي، ويأتي كل ذلك في الوقت الذي تنسحب فيه القيادة الأميركية من المنطقة، (الشريك القديم للخليج). إنّ غياب وضبابية الاستراتيجية الغربية التي تقودها الولايات المتحدة، تركا فجوات كبيرة استغلتها جماعات متمردة، كما وجدت دول مثل إيران وروسيا فرصة لتوسيع نفوذها، وهذه العوامل مجتمعة، دفعت دول مجلس التعاون إلى اتخاذ دور أكثر جدية -وإن لم يترجم هذا الدور على أرض الواقع بعد- وهنا يأتي دور التحالف الإسلامي. تنظيم داعش ليس بمشكلة عابرة للخليج، بل إنها تجسّد الكثير من التهديدات والعلل التي تواجهها المنطقة، فتنظيمات مثل داعش وغيره، ليست هي في حد ذاتها جذور المشكلة، ولكنها تُعتبر من الأعراض التي تنامت وتحولت إلى وحوش فتّاكة، تسببت في سيول الدماء وحالات الدمار التي تجتاح المنطقة، خصوصا في العراق وسوريا. وتحتاج دول الخليج إلى نهج شامل للتعامل مع هذه التهديدات والتأثيرات السلبية التي خلفتها، والتي يحمّل البعض -خطأ- المعتقدات الإسلامية مسؤوليتها كاملة. منذ زمن بعيد والقناعة العامة والتصوّرات في أجزاء عديدة من المنطقة والغرب، تقول بأن دول الخليج تعتمد على دعم أميركي في استراتيجيتها الدفاعية، واتّهمت جماعات مثل داعش الخليج بالعمالة للغرب والانحراف عن الرسالة الحقيقية للإسلام، وبالعجز عن حماية نفسه من إيران. تنظيم داعش الإرهابي يعتبر أنّ الإطاحة بالحكومات الخليجية، ذو أولوية تفوق أهمية الانتصار على الغرب «الصليبي»، وهو أمرٌ فيه دلالات كثيرة، فالسعودية وبقية دول الخليج هي بمثابة “الجائزة الكبرى” للتنظيم الإرهابي (وكانت كذلك بالنسبة للقاعدة أيضا)، وخصوصاً أن المملكة تتولّى خدمة الحرمين الشريفين في مكّة والمدينة. بالنسبة إلى تنظيم مثل داعش، فإنّ هذا التحالف يعتبر تطوّراً مهماً ومهدداً لأسباب عديدة، السبب الأول هو الفشل في الحصول على النتائج المرغوبة من الهجمات الإرهابية على الخليج، فبدلاً من الصراع الطائفي الذي كان داعش يأمل في خلقهِ من العمليات الإرهابية، جاءت النتائج عكسية بالنسبة إليه تماماً، بفضل إسراع قادة دول الخليج في اتخاذ مواقف رمزية موحدة ومؤثرة لمواجهة الهجمات، بالإضافة إلى تكاتف شعوب المنطقة وتعاطفها معا، خصوصاً بعد تلك الهجمات التي طاولت المواطنين الشيعة من أبناء الخليج، مما زاد من إدراك الناس ووعيهم بوجود عدو مشترك بينها وبين حكومات الخليج، وهو داعش إنّ دول الخليج هي الآن تهديد مباشر لداعش، ليس عسكرياً فحسب، بل أيديولوجياً أيضاً، فقد فشلت أساليب هذا التنظيم ولم تحقق الدعم الذي كانت تأمله داخل المنطقة. خلاصة من بحث: عمر محمد "دول الخليج في مواجهة داعش"، ضمن الكتاب 116 (أغسطس 2016) "الفرص والتحديات في دول الخليج2" الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث- دبي. :: اقرأ أيضاً هل صار العمل السياسي يعني استنهاض الطائفية والمناطقية في اليمن
مشاركة :