قبل أكثر من عامين نشرت وسائل الإعلام إحدى التصريحات المنسوبة إلى وزارة الاقتصاد والتخطيط والتي أكدت بأن معدل الإنتاجية للموظف السعودي لا يتعدَّى ساعة واحدة يوميًا، وفي وقتها أثار هذا التصريح الكثير من الجدل حول مدى صحة هذا المعدل، كما تفاعلت وسائل التواصل الاجتماعية مع هذا التصريح مؤكدة بأنه لا يمت للواقع بصلة، وفي نفس الوقت أوضح البعض بأن مثل هذه النسبة قد تكون موجودة في فئة من الموظفين الذين قد يعملون في وظائف لا صلة لها بتخصصاتهم أو برواتب ضعيفة أو في بيئة تفتقد لعوامل الرقابة ومتابعة الأداء، أو بسبب وجود نوع من الفساد مما قد يؤدي إلى الوصول إلى هذه النسبة المتدنية لإنتاجية الموظف. في الحلقة الشهيرة لبرنامج (الثامنة) والتي استضاف فيها الإعلامي الشهير داوود الشريان بعض المسؤولين مؤخرًا، استشهد معالي وزير الخدمة المدنية أ. خالد العرج مرة أخرى بهذه الدراسة مواجهًا قرابة 1,2 مليون موظف وموظفة في القطاع الحكومي قائلاً: (إن الدراسات أظهرت أن إنتاجية الموظف السعودي في القطاع الحكومي لا تزيد على ساعة واحدة فقط في اليوم)، مما أثار حفيظة الكثير من الموظفين والموظفات في القطاع الحكومي مرة أخرى. عندما نتحدث عن إنتاجية الموظف الحكومي فعادةً ما نتوجَّه باللوم مباشرة على الموظف، ونتناسى البيئة الإدارية التي يعمل فيها أو الأسلوب الإداري الذي يمارس تجاهه، فبعض الإدارات لا يهمها الإنتاجية بقدر ما يهمها حضور الموظف وانصرافه في الوقت المحدد، وبعض الإدارات لا يهمها مكافأة المجتهد والمتميز وتحفيزه، فسواء أديت عملك على أكمل وجه أو قصّرت فيه؛ فكلاهما سواء، وبعض المناصب الإدارية العليا تُعطَى لمن لا يستحقها، وهكذا تمكنت الأساليب الإدارية السلبية والآراء الناقدة للموظف الحكومي من تشويه صورته في المجتمع، ومن نزع أي حماس أو إخلاص له في عمله، وإلغاء طموحاته وآماله. بعض الأعمال تضع لها بعض الوزارات إدارات ضخمة، ويفرَّغ لها فريق عمل كبير من الموظفين، وتُسخِّر لها إمكانات متعددة، بحيث قد يبقى العديد من الموظفين يومًا أو يومين وأحيانًا أسبوعًا لا يقومون بشيء، ولا يؤدون أي عمل، والسبب أن طبيعة عمله هي كذلك في حين أن عمل هذه الإدارة الضخمة يمكن أن يقوم به في نهاية المطاف موظف أو اثنين. نعم، هناك موظفون مقصّرون ومهملون ومتكاسلون، ولكن لا يمكن أن نلقي باللوم كله على إنتاجية الموظف، خصوصًا في هذه الأوقات، وبعد أن تم الخصم من دخله، ونتناسى إنتاجية الإدارة. Ibrahim.badawood@gmail.com
مشاركة :