السندات للسعودية تتيح إبطاء وتيرة السحب من أصولها الأجنبية لسداد التزاماتها وهو جوهر ضغوط المضاربة على الريال. العربأندرو تورشيا كارين سترويكر [نُشرفي2016/10/22، العدد: 10432، ص(11)] إصدار السندات هذا الأسبوع سيعود بالنفع على السعودية من عدة أوجه هبطت تكلفة التأمين على الديون السعودية ضد مخاطر التخلف عن السداد إلى أدنى مستوياتها هذا العام وقفزت أسهم البنوك السعودية في مؤشر على أن إصدارا عملاقا لسندات بقيمة 17.5 مليار دولار، خفف إلى حد ما الشكوك في قدرة الرياض على التكيف مع عصر النفط الرخيص. وكانت العملة والأسهم السعودية قد تعرضتا لضغوط عنيفة هذا العام، حين راهن المستثمرون على أن تراجع إيرادات النفط سيزج بالاقتصاد في براثن الكساد وقد يدفع السلطات في نهاية المطاف إلى التخلي عن ربط الريال بالدولار الأميركي. لكن مصرفيين يقولون إن الطلب الهائل الذي اجتذبه أول إصدار للحكومة السعودية من السندات الدولية يوم الأربعاء، وهو الأكبر من نوعه على الإطلاق لسوق ناشئة، يدفع المضاربين إلى تقليص رهاناتهم أو التخلي عنها كلية. وقال متعامل في أدوات الدين بلندن “الكثير من صناديق التحوط سجلت مراهنات مضاربة على السعودية بسبب القضايا المعروفة… وكان الجميع يعتقد أن السعودية ستضطر إلى فك ربط الريال بالدولار”. وأضاف “من الواضح أنه جرى تفكيك مثل تلك المراكز إلى حد ما الآن، لأن الإصدار صادف نجاحا كبيرا”. وهبطت تكلفة التأمين على ديون السعودية لخمس سنوات بواقع واحد بالمئة لتصل إلى 1.32 بالمئة أمس، ما يعني احتمالا بنسبة 9 بالمئة لحدوث تخلف سيادي عن سداد الديون خلال السنوات الخمس المقبلة. ومع ذلك ظلت تكلفة التأمين على ديون السعودية أعلى من مثيلتها لديون الفلبين التي بلغت 1.13 بالمئة، ما يكشف أن الرياض لم تستعد بعد بالكامل ثقة السوق التي خسرتها العام الماضي. وحتى منتصف عام 2015 كانت تكلفة التأمين على ديون السعودية تحوم حول 0.6 بالمئة. لكن هناك مؤشرات أيضا على انحسار التوترات في أسواق أخرى غير سوق التأمين على الديون. فقد انتعش مؤشر أسهم البنوك السعودية 3.5 بالمئة أمس بعد أن هوى أكثر من 20 بالمئة منذ أبريل وسط مخاوف من تدهور نوعية القروض جراء تباطؤ الاقتصاد. وتحسنت معنويات أسواق السندات في شتى أنحاء المنطقة حيث انخفض العائد على السندات السيادية القطرية التي تستحق في يونيو 2021 بواقع 0.05 بالمئة منذ يوم الثلاثاء. وبعد أن جاء التسعير في نطاق أضيق من المتوقع ارتفعت السندات السعودية بشكل أكبر في السوق الرمادية أمس إذ صعدت حوالي 0.1 بالمئة نظرا إلى الطلب الهائل عليها. ويرجع جزء كبير من الطلب على السندات السعودية إلى نزول أسعار الفائدة العالمية إلى مستويات شديدة الانخفاض وإلى جبال الأموال الخاملة، وليس إلى توقعات بتعافي الاقتصاد السعودي الذي قد يظل راكدا لعدة سنوات على الأقل بينما تعكف الرياض على التصدي لعجز الموازنة. إصدار السندات الدولية هذا الأسبوع قد يكفي وحده تقريبا لسد العجز الحالي في ميزان المعاملات التجارية السعودي العام المقبل وقد حذر صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع من أن مصدري النفط في الخليج بما فيهم السعودية يواجهون مخاطر لا يستهان بها. لكن إصدار السندات هذا الأسبوع سيعود بالنفع على السعودية من عدة أوجه. فمن خلال إيجاد مصدر جديد للتدفقات الدولارية، حيث يتوقع المصرفيون إصدارا سياديا آخر العام المقبل، ستخفف السندات الضغوط لخفض قيمة الريال. كما أن إصدار هذا الأسبوع قد يكفي وحده تقريبا لسد العجز الحالي في ميزان المعاملات التجارية السعودي العام المقبل، الذي يقدره صندوق النقد بنحو 17.7 مليار دولار. كما تتيح السندات للسعودية إبطاء وتيرة السحب من أصولها الأجنبية لسداد التزاماتها وهو جوهر ضغوط المضاربة على الريال. وترجح مونيكا مالك كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري تباطؤ عملية السحب الشهري لتصل إلى متوسط ما بين 3 و3.5 مليار دولار شهريا في عام 2017 مقارنة مع 6.8 مليار دولار شهريا منذ بداية هذا العام. وبلغ صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي السعودي 554 مليار دولار في أغسطس، مما يعني ضمنيا أن من شأن برنامج إصدار ضخم للسندات الأجنبية أن يمنح السعوديين متنفسا لعدة سنوات على الأقل للحد من اعتماد اقتصادهم على صادرات النفط. وربما يمنح إصدار هذا الأسبوع دفعة أيضا للاقتصاد المحلي. فأسعار الفائدة على القروض آخذة في الارتفاع هذا العام مع تقلص السيولة المالية، جراء انخفاض تدفقات دولارات النفط، وهو أمر يضر بالنمو في القطاع الخاص. ويتوقع المصرفيون إيداع جزء على الأقل من حصيلة الإصدار البالغة 17.5 مليار دولار لدى البنوك المحلية خلال الشهور المقبلة، ما يمنحها مجالا أكبر للإقراض وربما يحد بشكل مؤقت من المسار الصاعد لأسعار الفائدة. وقد تنحسر الضغوط على أسعار الفائدة بشكل أكبر مع استغلال الشركات السعودية لإصدار السندات السيادية كمرجع قياسي لتدبير أموال من الخارج بدلا من السوق المحلية. وتضررت أسهم البنوك هذا العام جراء المخاوف من تعثر القروض في قطاع التشييد، حيث أجلت الحكومة سداد مستحقات الشركات لعدة شهور مما سبب مصاعب جمة للبعض من الشركات. وقال وزير المالية إبراهيم العساف عقب إصدار السندات مباشرة، إن المدفوعات للشركات سترتفع الآن. ولم يخض في التفاصيل لكن مونيكا مالك قالت إن جزءا من حصيلة السندات قد يستخدم في دعم المدفوعات. :: اقرأ أيضاً طوفان القروض الدولية يرهن مستقبل الاقتصاد المصري المغرب يمد نفوذه الاقتصادي الأفريقي إلى رواندا التأشيرات السعودية قد تكبح الاستثمارات الشركات تحدث طفرة في الاتصالات بالروبوتات الطائرة
مشاركة :