تعتزم تونس إصدار قرض رقاعي «سندات» بقيمة مليار يورو لتمويل ميزانية الدولة وهو ما خلف جدلا واسعا في البرلمان التونسي بين ممثلي الحكومة وأحزاب المعارضة حول مواصلة سياسة التداين الخارجي وعدم التعويل على الموارد الذاتية، واللجوء إلى تشجيع الإنتاج وعودة نسق الصادرات إلى ما كان عليه قبل سنوات، لسد الفجوة بين الموارد الذاتية والمصاريف العمومية. وأكدت مصادر من وزارة المالية التونسية أن مدة الإصدار ستكون بين 7 أو 10 سنوات. وتمسكت الأطراف المعارضة بضرورة التدقيق في الديون العمومية، وأكدت على ضرورة أن يكون المبلغ الأقصى المتحصل عليه من هذا القرض في حدود مليار يورو، مع دراسة إمكانية إصداره على أقساط. ودافعت لمياء الزريبي وزيرة المالية في الحكومة التونسية (حكومة الوحدة الوطنية برئاسة يوسف الشاهد) عن هذا الخيار بقولها إن هذا القرض الرقاعي سيخصص «لتمويل ميزانية الدولة التي تشهد عجزا إضافيا بقيمة 1.6 مليار دينار تونسي (نحو 700 مليون دولار)، مقارنة بتقديرات قانون ميزانية الدولة لسنة 2016». وأشارت الزريبي إلى أن القرض موجه كذلك لدعم الاحتياطي من العملة الصعبة، وتوفير موارد إضافية لمواجهة الضغوطات المالية الحالية، وكشفت خلال جلسة برلمانية عن مستوى المخاطر بالنسبة للاقتصاد التونسي، وأكدت أن «التوقيت يعد مناسبا للخروج للسوق العالمية بمثل هذا المستوى من المخاطر» على حد تعبيرها. وفي سياق دفاعها عن هذا الاختيار الحكومي، قالت الزريبي إن زيادة حاجات التمويل للمصاريف العمومية من 6.4 مليار دينار تونسي إلى 7.8 مليار دينار تونسي، هو الذي يقف وراء جزء كبير من العجز المسجل على مستوى الميزانية، وأكدت أن ارتفاع النفقات صاحبه تراجع كبير على مستوى الموارد الذاتية للدولة سواء منها الجبائية أو غير الجبائية، وهو ما جعل السلطات التونسية تبحث عن حلول لهذه الأزمة الاقتصادية الخانقة. وفي يوم 20 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أشارت مصادر من وزارة المالية التونسية إلى أن تونس تمكنت من تعبئة مبلغ بقيمة 2.8 مليار دينار تونسي من السوق الداخلية و3.4 مليار دينار تونسي من السوق الخارجية، وهي مبالغ مالية غير كافية لتمويل الأعباء المتنامية على الدولة التونسية، على حد تعبيرها. وخلال الجلسة البرلمانية ذاتها، قال الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي التونسي إن دور البنك في هذه العملية لا يتجاوز حدود الدور الفني بالأساس، فهو لا يتدخل على حد قوله في القرار النهائي المتعلق بالحصول على القروض والإجراءات والشروط المتعلقة بها، إذ تقتصر مهمته على الوساطة بين السوق الدولية ووزارة المالية لتوفير السيولة المالية الضرورية لتمويل الاقتصاد التونسي. وقال أيضا إن «مستقبل التمويل الخارجي بالنسبة لتونس يجب أن يكون عبر السوق المالية الدولية، بما يجنب الدولة أي نوع من الشروط التي قد تفرضها عليها البنوك الدولية أو الإقليمية» على حد تعبيره. وبشأن هذا القرض الخارجي من السوق المالية، انتقد المنجي الرحوي رئيس لجنة المالية والتخطيط والتنمية (من تحالف الجبهة الشعبية المعارض)، السياسة المالية في تونس وعبر عن معارضته للقرض الذي تعتزم الحكومة الحصول عليه لتمويل ميزانية الدولة. وقال في تصريح إعلامي إن تونس لها خيارات أخرى يمكن التعويل عليها غير الاعتماد على سياسة الاقتراض، واعتبر توجه الحكومة التونسية خطيرا ومؤثرا على الأجيال المقبلة خصوصا أنه لن يوجه إلى مشاريع تنمية وتشغيل للعاطلين عن العمل، بل لسد نسبة العجز في الميزانية وتغطية النفقات المتنامية للدولة.
مشاركة :