مبادرة علماء الشيعة!

  • 3/11/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أصدر عدد من علماء الشيعة في محافظتي الأحساء والقطيف بيانا يحذرون فيه من ظاهرة الانجراف إلى العنف، وقد جاءت هذه المبادرة في وقتها قبل أن تزداد الأمور تعقيدا ويصبح العنف والعنف المضاد هو اللغة الوحيدة في تلك البقعة الغالية من أرض الوطن، فالحوادث المؤسفة التي نقرأ عنها بين وقت وآخر تدمي قلب كل مواطن مخلص أيا كان مذهبه. وما من شك أن صدور هذه المبادرة في مثل هذا التوقيت يعد عملا شجاعا يسجل لهؤلاء العلماء، حيث حرصت أغلب الأطراف -للأسف الشديد- على الاصطفاف الطائفي الذي يخدم أعداء الوطن ويضرب الوحدة الوطنية في الصميم، فنحن جميعا أبناء وطن واحد وإخوة لا يستغني واحدنا عن الآخر مهما ارتفعت أصوات الطائفيين وحاولت تغييب أصوات المواطنين العقلاء من الطرفين الذين يعلمون تمام العلم أن الاستقطاب الطائفي وما يصاحبه من شحن للنفوس ليس له نتيجة إلا الخراب والمستقبل المظلم. وإذا أردنا الحق فإن مواجهة هذه الظواهر العنيفة والخطيرة ليست مسؤولية طائفة واحدة فقط، بل هي مسؤولية تقع على جميع المواطنين سنة وشيعة، فكل قول أو فعل من شأنه أن يعزز الانقسام الطائفي بين أبناء الوطن الواحد هو بمثابة رصاصة توجه إلى قلب الوطن، في وقت تواجه أغلب الدول من حولنا صراعات طائفية مدمرة جعلت أهلها لا يأمنون السير في الشوارع وأصبحت حياة الناس فيها مرهونة بمصالح قوى وأطراف خارجية، ومن ينظر إلى حال العراق اليوم يعرف كيف يمكن للصراع الطائفي أن يحول بلدا قويا إلى دولة متشرذمة ضعيفة مستباحة من قبل دول مختلفة ومليشيات متناحرة. وما حدث في بلدة العوامية يمكن أن يكون -لا قدر الله- شرارة لحريق لا يتمناه أي عاقل لوطننا الذي مهما اختلفنا بيننا فإنه يظل أساس وجودنا ولا مستقبل لنا أو لأولادنا من دونه، ولنتذكر دائما أننا اليوم نعيش مرحلة خطرة جدا من مراحل التاريخ، فكل الدول العربية معرضة للصراعات الدموية التي تحرق الأخضر واليابس وفي كل دولة عربية ثغرة أو جرح صغير تسعى القوى الدولية والإقليمية لتعميقه كي يكون مفتاحا للخراب الذي يتيح الفرصة لتنفيذ مخططات سوداء لم تعد حبيسة الأدراج بل ها نحن نشاهدها اليوم واقعا مؤلما في كل الدول المحيطة بنا. وأملنا بالله كبير ثم بكل الفئات الوطنية المخلصة على اختلاف توجهاتها أن تسعى لاحتواء ظواهر العنف والحد بكل الوسائل من ظاهرة الاستقطاب الطائفي وأن يسعى أهل هذه الأرض المباركة على اختلاف مذاهبهم أن يكون الواحد فيهم (محضر خير) وألا تدفعه الحماسة أو التعصب الطائفي للمشاركة في حفلة تبادل الأحقاد أو التحريض حيث لن يربح أحد في حال تفاقم الأمور وغياب الأمن في أي شبر من هذا الوطن، وسنكون محظوظين جدا إذا ما استطعنا أن نتجاوز هذه العواصف المرعبة التي تجتاح المنطقة مدعومة بأطراف لا يمكن الاستهانة بقدراتها، بعد أن حولت العالم العربي إلى مساحة تسيطر عليها الصراعات الطائفية الدامية وتتحكم بحياة الناس فيها مجموعات مهووسة بعمليات القتل العشوائي. مرة أخرى.. نوجه التحية لمبادرة علماء الشيعة ونتمنى دعمها من مختلف الأطراف، وليحفظ الله بلادنا الغالية من الفتن والشرور والحرائق التي لا تبقي ولا تذر.

مشاركة :