تعد الجولة الحالية للعاهل المغربي الملك محمد السادس لعدد من الدول الإفريقية إحدى أولويات التوجه الاستراتيجي المغربي نحو إفريقيا، في إطار علاقات التعاون جنوب - جنوب. ويرى محللون في الشأن المغاربي أن توجه الانتماء الإفريقي للمغرب لا ينحصر في محددات ومؤثرات وعوامل جغرافية وعرقية وثقافية وروحية بقدر ما يمتد للدور الفاعل للمغرب منذ أزيد من نصف قرن في خدمة الأمن والسلم والتنمية المستدامة في دول القارة الإفريقية، يتجلى ذلك في مواقفه الثابتة الداعمة للتطلعات المشروعة للشعوب الإفريقية في التحرر من الاستعمار منذ أن احتضن المغرب في بداية الستينات مجموعة الدار البيضاء التي شكلت نواة تأسيس المنتظم الإفريقي. ووقف دائماً بجانب حماية الشرعية وسيادة ووحدة الدول الإفريقية، والتصدي للحركات الانفصالية، ولم يدخر جهداً في التضامن ودعم أشقائه الأفارقة. وتأتي أهمية الجولة وما تمثله من توجه نحو العمق الإفريقي بمثابة التزام دستوري من المملكة المغربية نحو شقيقاتها الإفريقيات يرتكز على المنظور التضامني القوي للملك محمد السادس بروح من الاستمرارية والإيمان المتجذر بأن مستقبل إفريقيا رهين بالاعتماد على قدراتها الذاتية وعلى تجاوز رواسب الماضي الاستعماري والعمل معاً، بعيداً عن منطق الحسابات الظرفية ومخلفات الحرب الباردة، من أجل إسماع صوت إفريقيا وإحكام تنسيق الجهود من تحقيق الإقلاع التنموي ومواجهة الإرهاب واحتواء المخاطر المهددة لإفريقيا بما فيها في المجال البيئي بمفهومه الشمولي. وفي هذا الإطار يرى إعلاميّون ومهتمون بالشأن الإفريقي أن احتضان المغرب لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل بمراكش ما هو إلا نموذج ملموس لانخراط المغرب في هذا المسار التضامني من أجل إفريقيا. وتقدم الجولة الإفريقية للملك محمد السادس تأكيداً لحيوية شراكة طموحة ومتنوعة، ومنفتحة إذ إن الزيارات الرسمية المقررة لرواندا وتنزانيا وإثيوبيا تعكس تعامل المغرب مع جميع المناطق بما فيها شرق إفريقيا، حيث تميزت محطة رواندا بتوقيع تسع عشرة اتفاقية تهم مختلف القطاعات من قبيل الفلاحة والإسكان والقطاع المالي والبنكي والتكنولوجيات الجديدة والطاقات المتجددة، بما يؤكد استعداد المغرب الدائم وإرادته الثابتة لتقاسم الخبرات والمؤهلات والاستفادة من النموذج التنموي المغربي بكل أبعاده.(بنا)
مشاركة :