قال الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، الدكتور عبدالوهاب بن سعيد القحطاني، إن الإنفاق الحكومي على المشروعات بتكاليف عالية يساهم في زيادة معدل التضخم المالي، الذي يجب مواكبته بزيادة دخول المواطنين في القطاعين العام والخاص. وبين القحطاني في حديثه لـ”المدينة” أن التضخم المستورد خارج عن سيطرة الحكومة، بحيث لا تستطيع عمل ما من شأنه كبح تفاقمه، وإنما يجب على الحكومة أن تواكبه بزيادة دخول الموظفين في القطاع الحكومي.. وأردف قائلا: “وتكمن خطورة زيادة معدل التضخم المالي المحلي في تراجع صادرات المملكة وزيادة وارداتها لعدم قدرة المنتجات السعودية على منافسة منتجات الدول الأخرى، بينما يصبح التضخم المستورد فرصة للمنتجات السعودية للمنافسة في السوق السعودية والأسواق الدولية، وبذلك ترتفع الصادرات”. وأضاف، أنه مهما تعددت العوامل المؤثرة في ارتفاع معدل التضخم ومنها الاقتصادية والسياسية والصراعات الدولية إلا أنها مجتمعة تزيد في أسعار السلع والخدمات”, مبينًا أن تداخل هذه العوامل المؤثرة تتسبب في تفاقم مشكلة التضخم المالي، وذلك لعدم التأكد من العوامل الأكثر تأثيرًا ومباشرة بالتضخم ما يزيد من صعوبة تشخيص المشكلة وعلاجها، وتابع وعندما يكون الاستيراد من دولة أقل استقرارًا سياسيًا فإن الدول المستوردة منها تتأثر بدرجة كبيرة، وذلك لانعكاس وضعها السياسي على اقتصادها، وبالتالي تستورد الدول الأخرى ما ينتج عن وضعها السياسي من تبعات اقتصادية سلبية. وأوضح القحطاني من المؤكد أن تذبذب قيمة العملات العالمية يؤثر في معدل التضخم المالي، لأن العالم شهد زيادة مضطردة في أسعار المواد الغذائية المستورة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة.. وإن انخفاض قيمة الدولار بنحو 40 في المائة من قيمته يؤثر في أسعار النفط بالصعود إلى مستويات قياسية، وبالتالي يزيد من تكلفة المواد الخام التي تعتمد على الطاقة. وأكد أنه لا اختلاف حول ضعف القوة الشرائية للمستهلك نتيجة تزايد معدل التضخم المالي للسلع والخدمات، لكنه تعارض في الحلول المناسبة للتعامل مع ذلك.وعن موسمية الارتفاع قال الدكتور القحطاني: “موسمية الارتفاع في معدل التضخم المالي مدفوعة بالطلب على السلع والخدمات في وقت معين من السنة مثل السياحة في العطلات الصيفية والأعياد، حيث ترتفع أسعار الفنادق والشقق المفروشة وتذاكر السفر لارتفاع كمية الطلب عليها مع ثبات كمية العرض”. مبينأ أن ذلك يستغل من قبل بعض التجار عن طريق الشائعة لرفع أسعار السلع، وذلك بتسريب معلومات مضللة أو تفريغ رفوف المحلات التجارية منها لزيادة الطلب عليها بكميات كبيرة خوفًا من تكرار نقص عرض السوق منها. وأضاف الدكتور القحطاني أن الاحتكار يلعب دورًا كبيرًا في تزايد معدل التضخم المالي، كما يحدث لمعظم المواد الغذائية، التي يتحكم في أسعارها الوكلاء الحصريون.. وقد أشارت الدراسات الاقتصادية إلى علاقة قوية بين تزايد معدل التضخم المالي والاحتكار.. مبينًا أن هنا تكمن أهمية ثقافة المنافسة في سوق السلع والخدمات لما في ذلك من تطوير لجودة المنتجات وتقديمها بأسعار تناسب القوة الشرائية للمستهلكين. وأردف “من الطبيعي أن يتراجع النمو الاقتصادي بسبب ارتفاع معدل التضخم المالي، الذي تتلاشى بسببه السيولة النقدية الضعيفة لدى المستهلكين، والتي تعكس قوتهم الشرائية.. ومن المؤشرات القوية التي يعتمد عليها الأمريكون وغيرهم مؤشر المستهلك الأمريكي، الذي يصدر شهريًا ليترجم لصناع القرار في القطاعين الحكومي والخاص قوة أو ضعف الاقتصاد الأمريكي”. وفي ختام حديثه عن دور حماية المستهلك، أكد أن دورها رئيس في الحد من تفاقم أسعار السلع، لكن دورها ليس أقوى من وعي المستهلك بترشيده الاستهلاكي وما له من أثر في ارتفاع الأسعار إلى مستوى يضعف القوة الشرائية، وبالتالي تراجع النمو الاقتصادي.. إذًا يعد المواطن الواعي الخط الدفاعي الأمامي لمواجهة التضخم المالي برشده الاستهلاكي، الذي يساهم في تقييم البدائل في حال ارتفاع سعر سلعة ما، ناهيك عن تقييمه لأولوياته الشرائية ومعرفته وحكمته التفاوضية الشرائية.. ولا ننقص من دور الحكومة في التحكم في مصروفاتها على المشروعات التي تؤثر في معدل التضخم المالي إذا كانت تكاليفها مبالغًا فيها.. ومن الأهمية أن تفعل حماية المستهلك بوزارة التجارة والصناعة لتقوم بدورها الرقابي على الأسعار التضخمية المرتفعة من غير مبررات اقتصادية. المزيد من الصور :
مشاركة :