هدوء ما قبل العاصفة

  • 10/24/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

استمع يونس السيد على الرغم من هدنة الفرصة الأخيرة، كما وصفت من جانب البعض، والتي أعلنتها روسيا من جانب واحد، في محاولة لإخراج المسلحين من أحياء حلب الشرقية، إلا أن شيئاً من هذا القبيل لم يحدث، وبقي كل شيء على حاله، حتى إن عملية إجلاء الجرحى بإشراف الأمم المتحدة لم تتم والممرات الإنسانية بقيت مغلقة، فيما عادت نذر المواجهة المفتوحة تتجمع في سماء المدينة على نحو يشي باندلاع معارك ربما تكون أشد قسوة وأكثر دموية من سابقاتها، وسيكون المدنيون بالتأكيد وقوداً لها. الهدنة الروسية، ورغم انضباطها التكتيكي، إلا أنها ولدت ميتة، في الحقيقة، فهناك من الفصائل الحلبية من رفضها منذ ما قبل بدء سريانها، كما أن حلفاء المعارضة الأمريكيين والأوروبيين، وإن لم يعارضوها علناً، إلا أنهم اعتبروها غير كافية ورفضوا البناء عليها، بل لوحوا بمزيد من العقوبات على موسكو والنظام في دمشق، أملاً في زيادة الضغط على الجانبين، فيما كانت موسكو تدرك أن هدنتها المجانية ستفشل، لكنها كانت تسعى لنزع ذرائع الضغوط والاتهامات المتصاعدة من جانب الغرب، وفي الوقت نفسه، تعد لما سيحصل بعدها، عبر حشد أساطيلها البحرية وتعزيز قواتها الجوية والبرية، بالتزامن مع حشود وتعزيزات عسكرية كبيرة للنظام. بهذا المعنى، فإن الجميع كان يناور ويسعى لكسب الوقت، بهدف تغيير معطيات الميدان، حتى بات كل شيء جاهزاً في مسرح العمليات، وأصبح موضوع حلب برمته تحت رحمة الحسم العسكري. التسريبات التي كانت تتحدث عن هذا الحسم لم تعد سرية، بل أصبحت أكثر من علنية، فوزارة الدفاع الروسية أعلنت عن تجمع لأكثر من 1200 مقاتل يستعدون لاقتحام شرقي حلب من الجهة الجنوبية الغربية، كما أعلنت عن تلقي الفصائل مضادات للطائرات محمولة على الكتف، وإن كانت أعلنت من قبل عن تلقي الفصائل لمثل هذه المضادات دون أن تظهر في ميادين القتال، لكنها قالت إن كل هذه التحركات وتفاصيلها موضوعة تحت مراقبتها، وأشارت إلى أن جميع الطلبات التي وجهتها إلى الجانب الأمريكي بفصل المعارضة المعتدلة عن تلك الموصوفة بالإرهابية، والمطالبة بالتأثير في مسلحي المعارضة وإقناعهم بالسماح للأهالي بالمغادرة أو مغادرتها بأنفسهم بقيت دون رد، في وقت كانت الصحافة الروسية تتحدث عن أن ما تسميه عملية تطهير المدينة من المسلحين ستبدأ بانتهاء مدة الهدنة. فما الذي يعنيه كل ذلك؟ هناك إصرار روسي واضح ومن جانب النظام السوري، على حسم معركة شرقي حلب بالسرعة الممكنة بغض النظر عن الكلفة، وما قد يرافقها من مجازر سيدفع ثمنها المدنيون بالدرجة الأولى، والتي تبقى بنظرهم أقل من الكلفة الإعلامية المفتوحة، يقابله رهان آخر على إمكانية صمود الفصائل المسلحة أو إحداث مفاجأة عن طريق خرق المسلحين للحصار المفروض على الأحياء الشرقية، وربما فتح ثغرة في جدار هذا الحصار، تمكنهم من توفير طريق للإمداد وإمكانية إدخال السلاح والدعم اللوجستي اللازم، وتمكنهم بالتالي من قلب المعادلة الميدانية لصالحهم. لكن المسألة لن تكون سهلة، بما أن معركة حلب ستظل خاضعة للإرادات الدولية التي يتوقف عليها تجنيب المدينة المزيد من ويلات المجازر والحروب والدمار، أو الذهاب إلى كارثة حقيقية لن يعود معها أي معنى لأي انتصار سواء لهذا الطرف أو ذاك. younis898@yahoo.com

مشاركة :