القاهرة: محمد شبانة إحدى أهم المخرجات المصريات في الوقت الحالي، حصدت أعمالها عدداً كبيراً من الجوائز المحلية والعالمية، تهتم بالقضايا ذات الطابع الاجتماعي، وتقدم أعمالاً تحترم عقل المشاهد وتضيف إليه، مثلت مصر في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية، وأصبح اسمها على أي عمل فني، سواء في السينما أو التلفزيون، علامة للجودة. كاملة أبو ذكري تحدثنا عن شروطها لاختيار سيناريوهات أعمالها، وأسباب اختيار فيلم يوم الستات لافتتاح الدورة المقبلة من مهرجان القاهرة السينمائي، والمسلسل الجديد الذي تشارك به في ماراثون رمضان المقبل. بداية، لماذا أنت مقلة في أعمالك؟ - المهم ليس عدد الأعمال، إنما جودتها، أنا لا أختار إلا السيناريو القوي فقط، من بين عشرات السيناريوهات أختار واحداً فقط، فالعمل الذي أستقر عليه لا بد أن تتوافر فيه عدة شروط، أولاً: قيمة فكرية تضيف إلى المشاهد وتسمو بعقله، ليخرج من العمل بفائدة. ثانياً: عنصر التشويق، الذي يجعل الجمهور يرتبط بالعمل حتى نهايته. ثالثاً: سلاسة الأحداث بما لا يدعو إلى الملل. رابعاً: عدم تقديم المعلومة أو الجرعة الفكرية بأسلوب تعليمي مباشر، فلسنا في مدرسة. إذا توافرت هذه العوامل في أي سيناريو، بغض النظر عن كاتبه، سواء كان شهيراً أو في بداية الطريق، لا أتردد في الموافقة عليه. وهل تتدخلين في كتابة السيناريو؟ - الإخراج هو كتابة ثانية للسيناريو، عن طريق الكاميرا، والمونتاج هو كتابة ثالثة، الإبداع الفني عملية متدرجة، مرتبطة ببعضها. أما إذا كنت تقصد تغيير بعض الأحداث، فهذا يخضع لعوامل تفرضها الضرورة الفنية، مع المحافظة على رؤية الكاتب في العمل طبعاً، قد تضاف شخصيات أو تحذف مشاهد، أو تغير النهاية، لكن مع المحافظة على روح العمل، لأنه من ابتكار مؤلفه في النهاية. ماذا عن تكريم فيلم يوم للستات؟ - اتصلت بي إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وأبلغتني باختيار يوم للستات ليكون فيلم الافتتاح في 15 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، كما سيمثل الفيلم السينما المصرية في المسابقة الرسمية للمهرجان في دورته الثامنة والثلاثين، حيث يتنافس مع 160 فيلماً من مختلف دول العالم، وهذا أمر مهم بلا شك. لماذا اختارت إدارة المهرجان هذا الفيلم بالذات؟ - الاختيار لم يعرف المجاملة، لم يتم الاختيار لأن مخرجته كاملة أبو ذكري، أو لأن به عدداً كبيراً من الفنانين، هناك لجنة من إدارة المهرجان شاهدت نسخة من الفيلم وكتبت تقريراً يؤكد أن مستوى الفيلم يؤهله ليكون فيلم الافتتاح، مستوى الفيلم هو الذي أهله لهذا التكريم. لماذا تعرضين في أعمالك قضايا المرأة باستمرار؟ - المرأة نصف المجتمع، ولا أبالغ إذا قلت إنها أكثر من ذلك، لم أنصب نفسي محامية للدفاع عن حقوق المرأة، فقد قدمت نماذج من معاناتها المستمرة، ولا أستطيع أن أقول إنني قد وفيتها حقها، فقضايا المرأة العربية ما زالت تحتاج إلى من يدافع عنها. صحيح أن العمل النسوي في البلاد العربية يزدهر، لكنه يتطلب دعماً أكثر، نحتاج إلى إعادة النظر في أوضاع المرأة لمنحها حقوقاً أكثر، فليس من المعقول أن نكون في القرن الحادي والعشرين وتتعرض المرأة لاضطهاد الأسرة أو المجتمع، بحجة الخوف عليها وحمايتها. في أعمالي لا أقدم قضايا المرأة فقط، بل قضايا المجتمع بشكل عام، وأفلامي كلها نموذج لذلك، لكن وإن كنت أتناول موضوعات جادة، تمس صميم حياة الناس، إلا أنني لا أنسى أنني أقدم فيلماً في النهاية، قد يكون غرض بعض من يشاهدونه هو الترفيه، القوالب الجامدة انتهى زمنها، والفيلم إن لم يكن مشوقاً وقريباً إلى عقل الجمهور لن يشاهده أحد. هل يسعدك لقب مخرجة الجوائز؟ - لا أعمل لكي أنال جائزة مادية، فجائزتي الحقيقية أن تكتب أعمالي في سجل الأعمال المصرية الخالدة في السينما والتلفزيون، المسلسلات تذهب في طي النسيان بمرور الزمن للأسف، بعكس السينما التي تمثل ذاكرة الأمة، لكنني أجتهد وأترك الحكم للنقاد والناس، وأعتقد أنهم راضون عن أعمالي. حتى الآن حصلت على جوائز عدة، ومثلت مصر في العديد من المهرجانات الدولية، هذا الرصيد من الجوائز أعتبره تتويجاً لمسيرتي القصيرة نسبياً، نحو تقديم فن هادئ. الفن مرآة للمجتمع، لأنه ينعكس عليها وليس العكس. بمعنى؟ - إذا كان المجتمع راقياً ومتقدماً، ستجد السينما على نفس النهج من الرقي والتقدم، أما إذا كان المجتمع في تراجع وانحدار فستجد السينما نفسها على المستوى نفسه من الانحدار، مع عدد الأفلام الهابطة، غير العادي، المنتشر حالياً. وأي مخرج يقبل أن يضع اسمه على فيلم هابط أو ضعيف، غير جدير بمهنة الإخراج. الفن رسالة سامية، ولا ينصلح إلا إذا انصلح المجتمع. القول إن الفن هو الذي يغير المجتمع غير حقيقي وغير واقعي، هذه مقولة المثقفين الذين يعيشون في برج عاجي، ولا يدركون معاناة الناس في سبيل كدحهم لتوفير لقمة العيش، مجتمع الصفوة الذي نراه في بعض المسلسلات لا يعبر أبداً عن الناس ولا عن قضاياهم، ولا عن شرائح كثيرة منهم. لماذا تقدمين أفكاراً غير تقليدية مثل يوم للستات؟ - ولماذا أقدم أفكاراً تقليدية مستهلكة؟ تقديم الجديد أفضل، وخصوصاً إذا كان فكرة لم يتطرق إليها أحد من قبل، يعجبني في هذا الخصوص المخرج الراحل محمد خان، الذي كان يقدم أحياناً أفلاماً عن تفاصيل بسيطة لا ينتبه إليها الكثيرون. السينما العالمية الآن تفعل الشيء نفسه، البحث عن فكرة مهما بدت غريبة وغير مطروقة، فكرة جديدة تماماً، أفضل من تقديم فكرة مكررة لن تضيف شيئاً لأسرة العمل أو المشاهد. لهذا قدمت مسلسل سجن النسا عن نص مسرحي؟ - مسلسل سجن النسا مأخوذ عن مسرحية بنفس الاسم للكاتبة الراحلة فتحية العسال، صحيح أن المسلسلات المأخوذة عن نصوص مسرحية قليلة للغاية، لكنها ليست أول مرة، مسلسل عيلة الدوغري مأخوذ عن مسرحية بنفس الاسم للكاتب الراحل نعمان عاشور، كما أن عدداً من الأفلام مأخوذ عن مسرحيات قديمة. التجديد ليس معناه أن تعيد تكرار عمل مأخوذ عن مسرحية، التجديد يجب أن يكون في الفكرة ذاتها. ما حقيقة الخلاف مع نيللي كريم؟ - لا يوجد خلاف على الإطلاق مع الفنانة نيللي كريم، التي أعتبرها واحدة من أفضل نجمات جيلها وأكثرهن تألقاً، وهي تتطور للأفضل دائماً. ماذا عن مسلسل واحة الغروب؟ - وقعت في غرام الرواية منذ أن قرأتها، ومنذ عامين أقوم بالإعداد لها، لكن حالت بعض الظروف وقتها دون تنفيذ العمل، وسيرى العمل النور هذا العام، وسيتم عرضه في رمضان المقبل.
مشاركة :