أكد السيد ناصر الخالدي الرئيس التنفيذي لشركة قطر وعمان للاستثمار أن بورصة قطر تعد أفضل سوق مالي ليس فقط على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، وإنما على مستوى المنطقة، لافتا إلى ما تتمتع به السوق من مقومات تتمثل في الشفافية والرقابة الصارمة، جنباً إلى جنب مع وجود شركات قوية تقوم بعمل توزيعات سنوية تحوم حول معدلات تقترب من %8، وهي شركات ليست معرضة للإفلاس على غرار بعض الأسواق الأخرى. وشدد الخالدي في حوار مع «العرب» على ضرورة تقليص عدد البنوك القطرية العاملة في السوق القطرية حالياً ودمجها في كيان بنكي قوي، وكذلك دمج شركات التأمين بهدف خلق كيانات عملاقة يمكنها المنافسة ومقاومة أي أزمات مالية قد تنشأ في المستقبل، لافتا إلى أن التحديات الكبيرة التي تواجهها اقتصادات المنطقة والعالم تحتم اتخاذ مثل تلك الإجراءات. والى نص الحوار: ما هو منظورك للوضع الاقتصادي الخليجي في ظل انخفاض أسعار النفط؟ -نحن جزء من الاقتصاد العالمي وطبيعي أن نتأثر بالمتغيرات التي تحدث على صعيد حركة التجارة العالمية وانخفاض أسعار النفط، خاصة وان منطقة الخليج تمتلك نحو ثلث إنتاج العالم من النفط. مشكلتنا في دول الخليج أن الثروة التي تم تحقيقها على مدار العقود الماضية لم تتحول إلى قيمة مضافة، نخدم بها البنية التحتية وزيادة الكثافة السكانية والتي أصبحت تشكل حملاً ثقيلاً على الحكومات في منطقة الخليج، كما أنه لا يوجد هناك قطاع خاص قوي يمكن لتلك الدول أن تعتمد عليه، وإنما يعتمد على القطاع العام بشكل قوي. خلال أزمات النفط التي تعاقبت على دول مجلس التعاون الخليجي كانت هناك سيناريوهات متكررة هي التقشف أو الإنفاق، وتشهد أسعار النفط اليوم هبوطاً كبيراً، ولكن على الجانب الموازي هناك ارتباطات أخرى منها حرب اليمن وسوريا، وحتى في حالة انتهاء الحرب في تلك الدول فسوف تنشأ أزمة أخرى وهي إعمار تلك الدول وهو الأمر الذي سيقع على عاتق دول الخليج، حيث إن هناك التزاماً خليجياً في تلك الدول. جميع المؤشرات العالمية تشير إلى أن السنوات القادمة هي سنوات عجاف قد تمتد إلى أكثر من 3 سنوات، حيث إن الالتزامات القادمة صعبة جدّا على المنطقة، وبالتالي فإن على المواطنين والحكومات أن تسير ببرامج تقشف تمكنها من حل مشكلاتها القادمة، والمواطنون هم العنصر الأساسي، ولابد أن يساندوا حكوماتهم وأن ينفقوا على حسب احتياجاتهم، نظراً لأن الإنفاق الاستهلاكي المبالغ فيه على جميع الأصعدة له عواقب وخيمة. في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها دول الخليج، ما هي الخيارات المطروحة أمام حكومات تلك الدول لتحسين ميزانياتها؟. -هناك خيار فرض الضرائب على الأنشطة الاقتصادية وهذا الخيار آت لا محالة عاجلاً أم آجلاً، ومن شأنه أن يساهم في إصلاح النظام المالي في دول مجلس التعاون الخليجي، ويوفر موارد مالية إضافية للإنفاق الحكومي خاصة مع تهاوي أسعار النفط. بالإضافة إلى ذلك فإن خفض الإنفاق الحكومي من الأمور التي يمكن أن تخفف من وطأة العجز في ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى الشعوب في تلك المنطقة أن تتجاوب مع تلك القرارات الصعبة التي تتخذها دول الخليج، فلا يجب أن تكون الشعوب عبئاً على حكوماتها، لأنه على المستوى العملي فإن حكومات دول الخليج مضطرة إلى مثل تلك القرارات. العديد من القطاعات الاقتصادية المختلفة ولاسيما القطاع المصرفي، يواجه الآن تحديات متزايدة في ضوء عجز الميزانيات. كيف ترى تلك التحديات وأفضل السبل لمواجهتها؟ -بالطبع فان دول الخليج التي تعتمد بشكل كبير على إيرادات البترول لدعم ميزانيتها تواجه جملة من المشكلات والتحديات المهمة في ظل استمرار هبوط أسعار النفط؛ ولذلك فإن من الطبيعي أن تتأثر معظم القطاعات الاقتصادية في تلك الدول نتيجة انخفاض الإنفاق الرأسمالي، إلا أن قطر تعد استثناء في ذلك حيث تلتزم الدولة بمستوى مرتفع من الإنفاق الرأسمالي حتى عام 2022، وهو ما يرجع في جزء منه إلى استعدادها لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم. إلا أنه على الجانب الآخر يجب اتخاذ عدد من الإجراءات الأخرى التي تحول دون نمو القطاعات الاقتصادية في قطر، وأهمها بالطبع القطاع المصرفي والذي مازال يعد محدود الإمكانات ولا يمكن مقارنة البنوك القطرية جميعها ببنك واحد من البنوك الضخمة في الولايات المتحدة مثل سيتي بنك مثلاً. عمل البنوك لابد أن يتغير ولابد من خلق استراتيجية جديدة لتلك المصارف، فقروض السيارات والقروض الخاصة تعد عمل «دكاكين» وليس عملاً بنكياً تبني عليه البنوك، كما أن البنوك القطرية الحالية لابد من تقليصها ودمجها بهدف خلق كتل بنكية ضخمة مثل بنك قطر الوطني، كما يجب توحيد البنوك الإسلامية وخلق كيان إسلامي قوي في القطاع المصرفي، وهذا الأمر ينطبق كذلك على شركات التأمين التي يجب أن يتم دمجها. كيف ترى الدور الذي يلعبه القطاع الخاص القطري في خدمة الاقتصاد الوطني في الوقت الراهن؟, - لا يوجد لدينا قطاع خاص في قطر بالشكل المطلوب، ولكن لدينا شركات عوائل، وكان من المفترض أن تتحول هذه الشركات العائلية إلى شركات مساهمة مثلما حدث مع شركة أعمال وشركة وازدان وأن تطرح في البورصة. القطاع الخاص بكل شركاته في قطر هو شركات عائلية، وهذا القطاع غير منافس لا يؤدي دوره المطلوب على الوجه الأكمل، مثلما هو الحال في الدول الأخرى التي بات فيها القطاع الخاص يشكل قوة كبيرة، مثل الولايات المتحدة، رغم الديون الضخمة التي تقع على كاهل الحكومة الأميريكية ولكن القطاع الخاص هناك قوي جدّا. فإذا نظرت إلى البيانات المالية للشركات العائلية المحلية فسوف تجدها ميزانيات هشة، فقد كنا نتسرع في توزيع الأرباح على المساهمين، بينما في دول أخرى هناك شركات لا توزع الكثير من الأموال بهدف بناء كيانات اقتصادية مستقلة تفيد في المستقل ويعتمد عليها. السوق المالي كيف تنظر إلى أدائه خلال فترات الانكماش الحالية؟ -السوق المالي القطري يتأثر حالياً بشكل كبير بالوضع الأمني في المنطقة أكثر منه تأثراً بالوضع الاقتصادي، فبورصة قطر تعد أفضل سوق مالي ليس على فقط على مستوى دول الخليج وإنما على مستوى المنطقة، حيث يتمتع بوجود شركات قوية ليست معرضة للإفلاس على غرار بعض الأسواق الأخرى. التخوف الوحيد هو الوضع الأمني في المنطقة وهو ما يخلق نوعاً من التخوف لدى بعض المستثمرين، بينما الوضع الاقتصادي ورغم التحديات التي تواجهه لا يمثل أي مشكلة بالنسبة للمستثمرين الذين يرغبون بالدخول والاستثمار في البورصة؛ نظراً لأن معظم الشركات المدرجة بالسوق المالي توزيع أرباحاً تحوم حول نسبة %8 صعوداً أو هبوطاً، ولا يوجد هناك استثمار مشابه. كيف ترى الأداء الخاص بالشركات المدرجة في النصف الأول من العام الحالي، وما هي توقعات أرباح الربع الثالث؟ -المؤشرات المالية التي حققتها الشركات المدرجة في السوق المالي في النصف الأول من العام الحالي كانت ايجابية، ونتوقع أن تحقق تلك الشركات نمواً لافتاً في الأرباح خلال الربع الثالث أيضاً، ولكن في نفس الوقت سيكون هناك تحفظ على التوزيع، على الرغم من قدرة مجالس إدارات الشركات على التوزيع، إلا أن الجو العام غير مهيأ للقيام بتوزيعات كبيرة. وهنا أحب أن أشكر وأثني على هيئة قطر للأوراق المالية لمراقبتها الشديدة على فعاليات الشركات المدرجة أو أي شيء يتسبب في حدوث خلل. كان هناك اجتماع لمعالي رئيس الوزراء مع رؤساء الشركات المدرجة في البورصة مؤخراً، كيف تقرأ الرسائل التي خرج بها ذلك الاجتماع؟. هذا شيء جيد أن تشعر الحكومة بنبض السوق، وتستمتع إلى هموم القطاع الخاص والشركات المدرجة، لكن الحقيقة أن هناك نوعاً من الملامة يقع على ما يسمى القطاع الخاص، حيث إن كل المشاريع التي بنيت خلال الفترة الماضية لم تتمكن الحكومة أن تجد شركات مقاولات قوية يعتمد عليها في القطاع الخاص يمكنها تولي المشاريع التنموية الضخمة، حتى لا يوجد لديها الضمان البنكي الخاص بتلك المشاريع. في الحقيقة إننا بدلا من أن نحتاج إلى مئات شركات المقاولات الضعيفة فإننا بحاجة إلى شركة عملاقة وكيان قوي برأس مال كبير، لكن ما يحدث أن البعض يلجأ إلى فتح شركات لا يوجد بها أي كاش وتلجأ للحصول على قروض من البنوك. ما هي آخر التطورات الخاصة بشركة قطر وعمان منذ تأسيسها حتى الآن؟ -استطاعت الشركة أن تحقق أرباحاً لافتة على مدى تاريخها منذ أن تأسست في العام 2008، وهو التاريخ الذي تصادف مع بدايات الأزمة المالية العالمية والتي استمرت آثارها السلبية على مختلف اقتصادات دول العالم لعدة سنوات، ومن ثم تدهور أسعار النفط في أواخر عام 2015 إلى أدنى مستوياتها، مما أثر بشكل سلبي على مختلف القطاعات الاقتصادية بدول المنطقة وشكل عامل ضغط على مستوى أداء مختلف الشركات، ورغم كل هذه الصعوبات تمكنت الشركة من تحقيق إنجازات جيدة منذ تأسيس الشركة، سواء على الصعيد المالي أو التنظيمي أو على صعيد الأنشطة الاستثمارية. وقد حرصت الشركة على القيام بعمليات توزيع على المساهمين من العام الأول لتأسيس الشركة، بفضل استراتيجيتها الاستثمارية الناجحة والتي ركزت في جوهرها على مجالات الاستثمار المختلفة مثل الاستثمار في العقار والاستثمار في أسهم الشركات المطروحة للاكتتاب العام أو الدخول كشريك استراتيجي في رؤوس أموال بعض الشركات المتعثرة وإعادة هيكلتها أو شرائها بالكامل.;
مشاركة :