وددنا هذا العام ومع حلول شهر رمضان المبارك جعله الله شهر خير وبركة على جميع المسلمين، أن ننصح جميع المرضى بمراجعة الطبيب المختص وودنا أن يكون ذلك قبل التفكير بصيام شهر رمضان وذلك لمراجعة النظام العلاجي سواء التغذوي أو الدوائي وإجراء التعديلات اللازمة في الغذاء أو الدواء وعدم الانتظار الى حلول الشهر، فقد لا تكفي المدة القصيرة بعد العودة من الإجازة الصيفية لعمل التعدليلات المطلوبة، وكما يعلم الجميع أن شهر رمضان فيه اختلاف في وقت ونوع الطعام بالإضافة إلى اختلاف أوقات النوم والاستيقاظ ولذا نؤكد على أهمية الالتزام بالنظام الغذائي والدوائي أثناء صيام شهر رمضان وعدم الإفراط في الطعام أو الإفراط في الخلود للراحة والاستمرار في تحليل سكر الدم بانتظام وتعاطي العلاج ومتابعة الطبيب. وللتذكير فقط فإنه ينصح بزيادة عدد مرات تحليل السكر في رمضان وليس اختصارها ونقصها خاصة أثناء فترة الصيام وخاصة في الأيام الأولى من صيام شهر رمضان حتى يستطيع مريض السكري أن يتعرف على احتياجه الفعلي من الدواء سواء حبوب خفض السكر أو الأنسولين وينصح بتحليل السكر قبل الإفطار وقبل السحور وقبل الذهاب للعمل أي حوالي الساعة التاسعة صباحاً وبعد العودة منه أي حوالي الساعة الثانية ظهراً وينصح بتحليل السكر في أي وقت يشعر به الشخص بالارتفاع أو الانخفاض ويجب العلم أن تحليل السكر قبل الإفطار وقبل السحور يساعد في تحديد جرعة الدواء المعطاة خاصة الأنسولين وأما تحليل السكر قبل الذهاب للعمل وفي بداية يوم الصيام وبعد العودة من العمل وفي نهاية يوم الصيام فتعطى مريض السكري فكرة عن قدرته على إكمال الصيام ويجب الحذر من إتمام الصيام إلى المغرب إذا كان مستوى السكر عند الساعة التاسعة صباحاً أقل من 80 ملج/ دسل أو إذا كان مستواه أقل من 40 ملج / دسل عند الساعة الثانية ظهراً لأنه قد ينخفض إلى أكثر من ذلك قبل إتمام الصيام للمغرب. يعتبر شهر رمضان هو شهر الحمية الحقيقية ليس فقط لأنه شهر الصيام ولكن لأنه شهر الانتظام. الانتظام في مواعيد تناول الطعام والانتظام في مواعيد النوم والانتظام في مواعيد تعاطي العلاج المرتبطة بأوقات الطعام المنتظمة. ويجب العلم أن أهم أسباب تذبذب مستوى السكر في الدم هو عدم الانتظام سواء في أوقات أو كميات أو نوعيات الطعام أو في مواعيد تعاطي حبوب تخفيض السكر أو حقن الأنسولين لذا يعتبر شهر رمضان هو أساس علاج هذا التذبذب والتأرجح في مستوى السكر في الدم. ولعل أفضل نظام غذائي هو النظام النبوي في تناول الطعام حيث حث ديننا الإسلامي على عدم ملئ المعدة بالطعام وجعل ثلثها للطعام وثلثها للشراب والثلث الأخير للهواء ولعل هذه النصيحة النبوية هي ما يحتاجه مريض السكري في شهر رمضان المبارك. ويتساءل الكثيرون عن كيفية تبدأ البدء بالإفطار ونقول أنه لا بأس من تناول بعض التمرات ولكن تذكر أن ثلاث تمرات تحوي 25جراما من الكربوهيدات أي ما يعادل تفاحة ونصف أي ما يعادل مئة سعرة حرارية ففكر في إحراقها قبل تناولها. ولعل شهر رمضان فرصة ذهبية لتعلم كيفية حساب الجرامات من الكربوهيدات وتذكر أنك بمجرد أن تبدأ بحساب ما تأكل من السعرات الحرارية فإنك تلقائياً ستحاسب نفسك على القدر الذي تناولته وتحاول الإقلال والاختصار المفيد لصحتك. ويتعاطى مريض السكري عادة حقنتين من الأنسولين حقنة قبل الإفطار وهي الجرعة الأكبر وحقنة قبل العشاء وهي الجرعة الأصغر، وينصح في شهر الصوم إجراء تعديل في ذلك بأن تعطى الجرعة الأكبر قبل الإفطار الرمضاني والجرعة الأصغر قبل السحور مع محاولة ضبط الجرعات عن طريق التحليل المتكرر. وبخصوص جرعة الأنسولين قبل السحور فيجب مراعاة خفض هذه الجرعة وخاصة الأنسولين العكر طويل المفعول والذي يمتد عمله خلال ساعات الصوم. وقد يحتاج البعض إلى خفض جرعة الأنسولين الصافي أيضاً وخاصة إذا كان تناولهم لطعام السحور محدود. أما بالنسبة إلى جرعة الأنسولين قبل الإفطار فقد يحتاج بعض المرضى إلى زيادة جرعة الأنسولين الصافي قبل الإفطار وذلك لأن المائدة الرمضانية عادة ما تحوي العديد من السكريات الأحادية البسيطة مثل العصائر المحلاة وغير المحلاة وأيضاً الحلويات المختلفة. أما بخصوص الأدوية المخفضة للسكر فإنه ينصح دوما بمراجعة الطبيب المختص قبل البدء بصيام شهر رمضان وذلك لمناقشة النظام الدوائي المستخدم والذي قد يحتاج مريض السكري إما لتغيير الجرعات أو تغيير العلاج برمته أثناء صيام شهر رمضان. ومن أكثر الأدوية استخداما عقاقير السلفونايل بوريا. إن أكثر عقاقير خفض السكر المستخدمة تنتمي إلى ما يعرف بمجموعة السلفونايل يوريا وهناك ما يعرف بالجيل الأول والجيل الثاني من هذه الأدوية. إن بعض هذه العقاقير طويل المفعول والبعض الأخر قصير المفعول مثلها في ذلك مثل حقن الأنسولين المختلفة. لذا قد ينصحك طبيبك باستخدام العقاقير قصيرة المفعول بدلاً من طويلة المفعول لتجنب انخفاض السكر. ومن هذه العقاقير عقار الجلوكوفاج (الميتفورمين) والذي قد يعتبر من أفضل عقاقير خفض السكر في شهر رمضان المبارك وذلك لأنها عادة لا تؤدي إلى خفض سكر الدم بصورة حادة حيث أنها تزيد من حساسية مستقبلات الأنسولين ولا تزيد من إفراز الأنسولين نفسه. ويجب التذكر دوما بتوفر إبرة الجلوكاجون والتي تعتبر الحقنة المضادة لحقنة الأنسولين أو العقاقير المخفضة للسكر وذلك لعلاج أي انخفاض في مستوى السكر في الدم خاصة إذا صاحبه تشنج أو غيبوبة.وقد يشكل الحمل ومرض السكري عبئاً على المرأة الحامل أثناء صيام شهر رمضان لذا ينصح بمراجعة طبيب النساء والولادة المختص قبل الشروع في الصيام لتجنب التأثيرات المحتملة على الأم والجنين معاً. إن تحليل السكر أثناء صيام شهر رمضان ضرورة ملحة ولكن هذا التحليل يصبح أكثر ضرورة وأكثر إلزاما لدى المرأة الحامل وخاصة في مراحل الحمل الأولى التي يكثر فيها الغثيان الاستفراغ لذا يجب دوماً التأكد من عدم حدوث نوبات انخفاض السكر التي تؤثر سلباً على الجنين. ويعتبر شهر الصوم فرصة لضبط جرعات الأنسولين طويل المفعول والذي يحتاج لضبطه كون الشخص صائماً فيقوم الشخص بتحليل السكر كل ساعة أو ساعتين أثناء فترة الصوم ويحدد احتياجه الحقيقي الفعلي من الأنسولين دون أن يكون هناك تأثير لوجبات الطعام على التحليل. * قسم أمراض الغدد الصماء والسكري
مشاركة :