«أوبك» تتحرك لبلورة موقف موحد بين المنتجين لاستعادة توازن السوق

  • 10/26/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

مالت أسعار النفط الخام إلى الارتفاع في الأسواق الدولية إثر نشاط الاتصالات التي تجري بين المنتجين في "أوبك" وخارجها لدعم فكرة خفض الإنتاج، وحظيت هذه المبادرة التي أعلن عنها في الجزائر الشهر الماضي بتأييد دول "أوبك" وروسيا، فيما تبلور ذلك بشكل أوضح خلال الجولة الخامسة رفيعة المستوى للحوار بين "أوبك" وروسيا في فيينا يوم الإثنين الماضي بحضور ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي. وعرقل اتجاه الأسعار نحو النمو موقف مفاجئ من العراق التي طلبت إعفائها من حصة خفض الإنتاج لحاجتها إلى أموال لمحاربة تنظيم داعش، وجاء الموقف العراقي ليقوض فكرة الإجماع التي تعتبر ركنا رئيسيا في خطة العمل للمنتجين في الفترة المقبلة. وعلى أثر ذلك ومنعا لتفاقم أزمة جديدة في العلاقات بين المنتجين، بدأ محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" أمس، زيارة للعراق لإجراء محادثات تهدف إلى حل الخلاف بشأن حصة العراق في خفض الإنتاج. ويترقب السوق مدى نجاح محمد باركيندو في التأثير على الموقف العراقي، خاصة أنه سيجري مباحثات مكثفة مع رئيس الوزراء ووزير النفط في العراق. وفي سياق ذي صلة، أسهمت تصريحات لوكالة الطاقة الدولية في تقليل مستوى التفاؤل في السوق بعد توقعها تأخر تحقيق التوازن بين العرض والطلب إلى النصف الثاني من العام المقبل، بسبب بعض التباطؤ في مستوىات الطلب - بحسب تقديرها - على الرغم من تأكيدها على الارتفاع المطرد في مستوىات الواردات النفطية الصينية. كما يترقب السوق نتائج مباحثات روسية فنزويلية تعقد في موسكو بين وزيرى الطاقة في البلدين الكسندر نوفاك وايولوخيو ديل بينو، لبحث سبل المساعدة في إنجاح خطة تقييد الإنتاج والتغلب على كل العقبات المحيطة خاصة المواقف الرمادية لبعض المنتجين. وفى هذا الإطار، أكد محمد باركيندو؛ الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أن قرار خفض إنتاج "أوبك" الذي تم التوافق عليه في اجتماع الجزائر الشهر الماضي، جاء استجابة لظروف السوق في الآونة الأخيرة وكنتيجة للمحادثات المكثفة والجهود الحثيثة بين الدول الأعضاء للمساعدة في تحقيق إعادة تنظيم إمدادات النفط العالمية وتحفيز الطلب على النمو. وأضاف خلال الاجتماع الخامس رفيع المستوى بين "أوبك" وروسيا في فيينا بحضور الكسندر نوفاك وزير الطاقة، أن "اتفاق الجزائر" جاء بتوافق الآراء بين الدول الأعضاء في "أوبك" بهدف كبح أي تدهور في الأسعار والمساعدة على الحد من تقلبات السوق، مشيرا إلى أنه منذ الإعلان عن خفض الإنتاج تحسنت معنويات السوق بشكل عام وتم تعزيز مناخ التعاون على نطاق واسع لتقاسم الأعباء في السوق وهو أمر ضروري لكل المنتجين سواء الأعضاء في "أوبك" أو خارجها. وأشار باكيندو إلى أن "أوبك" تتطلع مع بقية المنتجين إلى معالجة مسألة فائض المخزونات وهو أمر عاجل وبالغ الأهمية لعودة سوق متوازن ينمو بشكل مستدام ولن يتحقق ذلك دون زيادة الاستثمار في مجالات الاستكشاف والإنتاج الجديدة، والتغلب على مشكلة انخفاض الإنتاج في الحقول الحالية. وأضاف، أن هناك أيضا العديد من التحديات المستمرة ذات الصلة بأسواق النفط، مثل وجود احتمالات غير مؤكدة بالنسبة لنمو الاقتصاد العالمي وانتشار المضاربة المفرطة ودور الأسواق المالية وتأثير الصراعات الجيوسياسية ومدى التقدم في التكنولوجيا والسياسات البيئية وتغير المناخ؛ وقضايا التنمية المستدامة. وأثنى باركيندو على دعم روسيا المتواصل للحوار مع "أوبك"، مشيرا إلى أن الاجتماعات السنوية بين الجانبين هي حيوية لتحسين التفاهم المشترك وتبادل وجهات النظر والرؤى. كما أثنى على مساهمة روسيا القيمة في المشاورات الأخيرة التي عقدت بين المنتجين في "أوبك" وخارج "أوبك" وكان آخرها في اسطنبول وفي الرياض أمس الأول مثمنا دور هذه الاتصالات في إعادة التوازن إلى سوق النفط الخام. وأوضح باركيندو، أن العلاقة بين "أوبك" وروسيا تأسست في تسعينيات القرن الماضي وبالتحديد في عام 1992 حيث تم منح روسيا صفة مراقب في مؤتمر "أوبك"، مشيرا إلى أنه في السنوات اللاحقة شاركت روسيا في العديد من المؤتمرات الوزارية لمنظمة "أوبك" وعلاوة على ذلك، وخلال هذه الفترة كان هناك أيضا برامج تعاون متعددة شملت تبادل الخبرات الفنية وتنظيم ورش العمل المشتركة. وأشار إلى أن حوار الطاقة بين "أوبك" وروسيا تم تدشينه رسميا في عام 2005، حيث ساعدت "أوبك" في العملية التحضيرية لتولي روسيا رئاسة مجموعة الثماني G8 في عام 2006 وكان ذلك مثالا جيدا على توسيع التعاون بين الجانبين. ولفت باركيندو إلى أنه في عام 2012 حدثت نقلة نوعية في الحوار المشترك الذي أصبح أكثر تنظيما من خلال البدء في عقد الاجتماعات السنوية رفيعة المستوى، مشيرا إلى أن لقاء أول أمس الإثنين هو الاجتماع الخامس للحوار المشترك بين روسيا و"أوبك" وليس لدى "أوبك" أي شك في استمرار نجاح الاجتماعات والبناء على الاجتماعات السابقة التي أحرزت الكثير من التقدم في التعاون المشترك. وأضاف، أن أول اجتماع رفيع المستوى في سبتمبر 2012 ركز على الوضع الحالي لسوق النفط العالمية وتبادل المزيد من وجهات النظر فيما يخص وضع قطاعي النفط والغاز على المدى الطويل، وكذلك مناقشة البيئة العالمية والمسائل التجارية التي تهم روسيا و"أوبك". وأشار إلى أن الاجتماعات المشتركة بين الجانبين دائما ما تخلص إلى تأكيد الالتزام بتعزيز التعاون ليس فقط على المستوى الرفيع لقيادات الطاقة، لكن أيضا على المستوى الفني لتسهيل التبادل المنتظم لمزيد من المعلومات والتحليلات والدراسات. وأضاف باركيندو، أنه منذ بدأت السلسلة الحالية من الاجتماعات رفيعة المستوى في عام 2012 وهناك حقيقة متفق عليها من الجانبين وهى أن الجميع ملتزم بالعمل على بلوغ أسواق مستقرة يمكن التنبؤ بها إلى جانب ضرورة دعم رواج الصناعة والاستثمارات، وهو ما يدعم مصلحة كل من المنتجين والمستهلكين على السواء ويسهم في تحقيق رفاهية الاقتصاد العالمي على أساس مستدام. وأشار إلى أن هناك دلائل على أن قرب عودة التوازن إلى السوق وتحقيق مستوىات صحية وملائمة في علاقة العرض والطلب في الأسواق، إلا أنه استدرك قائلا إن العقبة الرئيسية ما زالت تتمثل في وجود عبء كبير للمخزونات وهو مصدر قلق كبير أيضا. من جانبه، قال لـ"الاقتصادية" ماركوس كروج؛ كبير محللي شركة إيه كنترول لأبحاث النفط والغاز، إنه من الضروري ألا يكون العراق عنصرا معطلا لتوافق المنتجين، خاصة أن خطط التعاون قطعت مشوارا جيدا سيتبلور خلال اجتماع فيينا الشهر المقبل كما أن السعودية وروسيا على الأخص تلعبان دورا قياديا محوريا في المرحلة الراهنة من أجل استعادة الاستقرار والتوازن في الأسواق. من ناحيته، أوضح لـ"الاقتصادية" دون ماكاى مدير شركة بى دبليو للغاز في سنغافورة، أن تصريحات فاتح بيرول مدير الوكالة الدولية للطاقة في أحد المؤتمرات الاقتصادية في سنغافورة قدمت وصفا دقيقا للأوضاع في سوق النفط، خاصة التباطؤ النسبي في نمو الطلب. وأضاف، أن ذلك يتطلب تركيز الجهود على تقييد الإنتاج لتحقيق التوازن كأفضل الحلول المناسبة للسوق في المرحلة الراهنة وهو ما يتطلب مشاركة فاعلة وتجاوب كل المنتجين. من ناحيته، بين لـ"الاقتصادية" ردولوف هوبر؛ المختص والباحث في شؤون الطاقة، أن جهود استعادة التوازن في الأسواق لا تحتمل مزيد من التأخير، خاصة في ضوء تحرك فعال من كبار المنتجين خاصة السعودية وروسيا، متوقعا نجاح زيارة باركيندو إلى بغداد في التأثير على الموقف العراقي المفاجئ الذي جدد شبح الخلافات بين الدول الأعضاء في منظمة أوبك. من ناحية أخرى فيما يخص أسعار النفط، ارتفع النفط أمس قبيل صدور بيانات مخزونات النفط الأمريكية التي حملت مفاجآت في الأسابيع الأخيرة أسهمت في صعود الأسعار، لكن موجة تصريحات من قبل مسؤولين كبار في الدول الأعضاء بمنظمة "أوبك" بشأن فرص خفض الإنتاج كبحت الاتجاه الصعودي. وارتفع سعر العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت وبحلول الساعة 09:10 بتوقيت جرينتش، 35 سنتا إلى 51.81 دولار للبرميل، وذلك مقارنة بآخر سعر إغلاق، فيما ارتفع سعر العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأمريكي الوسيط 37 سنتا إلى 50.89 دولار للبرميل بعد أداء سلبي في معظم التداولات الآسيوية. وأظهر استطلاع أجرته "رويترز"، أنه من المتوقع ارتفاع مخزونات النفط الأمريكية الأسبوع الماضي بواقع 800 ألف برميل على الأرجح إلى 469.5 مليون برميل، ويأتي هذا عقب هبوط بأكثر من خمسة ملايين برميل في الأسبوع المنتهي في 14 تشرين الأول (أكتوبر). واستمرت هذا الأسبوع المناورات الكلامية بين أعضاء منظمة أوبك البالغ عددهم 14 دولة قبل اجتماع يعقد في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) قد يقود إلى خفض في الإنتاج، ففي حين برز العراق كرافض محتمل لمثل هذه الخطوة عبرت روسيا عن إمكانية المشاركة في هذا المسعى. وقال العراق ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) يوم الأحد الماضي، إنه يرغب في إعفائه من قيود الإنتاج نظرا لحاجته إلى مزيد من الأموال. وارتفعت أسعار النفط بالسوق الأوروبية أمس، لتتعافي من أدنى مستوى في أسبوعين، مع استمرار تحركات منظمة أوبك لحل أزمة حصص خفض الإنتاج، إضافة إلى تعهد روسيا "أكبر منتج للنفط بالعالم" دعم هذه التحركات والتعاون مع منظمة أوبك. وارتفع الخام الأمريكي بحلول الساعة 09:00 بتوقيت جرينتش إلى مستوى 50.87 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 50.42 دولار، فيما سجل أعلى مستوى 50.90 دولار وأدنى مستوى 50.36 دولار. وصعد خام برنت إلى مستوى 51.75 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 51.43 دولار وسجل أعلى مستوى 51.81 دولار وأدنى مستوى 51.26 دولار. وأنهي النفط الخام الأمريكي "تسليم ديسمبر" تعاملات الإثنين الماضي، منخفضا بنسبة 1 في المائة مسجلا أدنى مستوى في أسبوعين 49.62 دولار للبرميل، وفقدت عقود برنت "عقود ديسمبر" نسبة 0.9 في المائة، وسجلت أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع 50.49 دولار، بعد تصريحات عراقية تطلب الاستثناء من أي اتفاق لـ"أوبك" بشأن خفض الإنتاج. من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 48.15 دولار للبرميل يوم الإثنين الماضي، مقابل 48.08 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع محدود بعد ثلاثة انخفاضات متتالية سابقة، وأن السلة تراجعت على نحو هامشي مقابل اليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 48.22 دولار للبرميل.

مشاركة :