التصريح الأخير لوزير الخدمة المدنية خالد العرج حول عدم تجاوز إنتاجية الموظف السعودي ساعة واحدة في اليوم أثار كثيراً من الجدل الاجتماعي لأنه ببساطة لا يمتُّ إلى المصداقية بصلة، فبعيداً عن لغة الأرقام والدراسات، وعن ردود الفعل المبالغ فيها عاطفياً، يوجد ما يسمى بلغة المنطق، أو تفسير الأمور وفقاً لما يراه الإنسان ويقتنع به عقله. المعلم الذي يقف لتعليم الأجيال أكثر من 4 ساعات يومياً، والموظف الذي ينغمس من الثامنة وحتى الانصراف بين ملفات المراجعين ومعاملاتهم وشكاويهم وأوامر رؤساؤه، الطبيب الذي قد تصل ساعات مناوبته في الطوارئ وغيرها إلى 12 ساعة متصلة بيوم العمل التالي، المهندس ورجل الأمن، وغيرهم ممن لا يمكن إجحاف حقهم بحصر ساعات عملهم في ساعة! لست هنا بصدد إثبات عكس ما ورد في التصريح، لكن تلك هي الحقائق التي يفرضها علينا المنطق والواقع. هذا التصريح الذي أدلى به مسؤول من باب «الدراية»، أو «الإلمام»، وهو لا يستند إلى خلفية صحيحة، يعتبر إساءة إلى سمعة المواطن لاسيما أنه تم تداول الخبر عالمياً في واجهات الصحف وبعناوين مثيرة ومستفزة. المسؤولية ليست مجرد سلطة وهيبة وسيارة فارهة وكلمة مسموعة، هي ذكاء اجتماعي أيضاً، ومعرفة لأبعاد كل كلمة يتفوَّه بها الفرد على كل المستويات، وفن احتواء المواقف وتغليف السلبيات بصورة مستساغة للمتلقي، والإنصات إلى الكلمة حين تقول لصاحبها «دعني».