لا جاهلية ولا إسلام

  • 10/27/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

عبد اللطيف الزبيدي نبدأ بالنتيجة التي يجب الانتهاء إليها: العالم العربيّ يحتاج إلى دورات مكثفة في إدارة الأزمات. يقيناً، العرب جميعاً مكبّلون بأزمة العنف والتطرّف. تاريخيّاً لنا مرحلتان: الجاهلية وخمسة عشر قرناً من اعتناق الإسلام.لا في تلك ولا في هذه حدث ما حدث في السنوات الأخيرة. لو أردنا أن نرسم صورة مقارنة للحياة الجاهليّة، لرأيناها مثل أوروبا القرون الوسطى، أو الحياة في بداية مجتمعات رعاة البقر. في الجاهلية كانت الحياة منسابة، وكان العنف مندمجاً في ذلك الانسياب، بمعنى أن الأفراد والجماعات كانوا ليل نهار في حالة تأهب لكل طارىء. كان السيف يحمي الفرد والمجموعة، مثل المسدّس عند الكاوبوي، لكن الاقتصاد كان حرّاً، وكانت شيوعية المرعى والماء سائدة. كانت حرّية التعبير بلا قيود لدى أجهزة الإعلام والثقافة (الشعراء)، وكانت وسائل الترفيه وفيرة. خذ مثلاً الملك الضليل وهو يلعب الكرة الطائرة مع الحسان: فظلّ العذارى يرتمين بلحمها.. وشحم كهدّاب الدمقس المفتّلِ. معلقته تستحق دراسة في إطار علم الاجتماع، فهي تصوّر، إلى جانب مشاهد كثيرة في معلقات الأعشى وعمرو بن كلثوم وطرفة بن العبد، وأشعار جاهلية أخرى، الانفراج الاجتماعيّ بلا قيود، بينما اليد على مقبض السيف. كانت الشجاعة والعنف متداخلين. في ذلك المجتمع كان الظلم داخل القبيلة نادراً وحالة فرديّة، لذلك لم يكن العنف مطروحاً. هذا ليس تبريراً لسلوكيات الجاهلية. لكنها تبرئة للحياة قبل الإسلام، من أن تكون فظائع العنف والتطرف اليوم على شاكلتها. لم يحدثنا التاريخ عن تطبيق لتعاليم الإسلام على هذا النحو المنكر من العنف والتطرف. لنضع المدينة الفاضلة جانباً، ولكن لننظر إلى ازدهار حريات الفكر والرأي والعطاء الحضاريّ في جميع الميادين. هل شهدت تلك القرون، من بغداد إلى الأندلس طمعاً في خلافة إسلاميّة مستخدماً أقسى أساليب التدمير والإبادة والخراب، على مدى مجموعة من البلدان في سنوات قليلة؟ كل هذا ولا حتى ذرّة من علم أو فكر أو فن أو تنمية. إذاً هؤلاء لا ينتمون إلى أيّ نموذج حضاريّ بنّاء، بل إن أسوأ من اعتلى سدّة الحكم في الحضارة العربية الإسلامية، لم يعمل قط على نشر القتل والدمار وقمع الحريّات، وتشويه صورة العرب والإسلام على نحو ما فعله ويفعله أهل العنف والتطرف. من الضروريّ البحث عن المستفيد، الذي يراه النظام العربيّ وينكر رؤيته. لزوم ما يلزم: النتيجة المنطقية: إذا لم يكن النموذج لا جاهليّاً ولا إسلاميّاً، فهو من خارج الدائرتين قطعاً. abuzzabaed@gmail.com

مشاركة :