بدأ مسلحو «داعش» يحلقون لحاهم ويغيرون مخابئهم في الموصل، مع تقدّم القوات العراقية التي باتت على مسافة بضعة كيلومترات من آخر معاقلهم في العراق، فيما تتزايد أعداد النازحين الفارين من ضواحي المدينة هرباً من المعارك. وأفاد عدد من سكان مدينة الموصل في اتصالات هاتفية، بأن الإرهابيين يتأهّبون للهجوم، بعد التقدّم الذي أحرزه الجيش على الجبهة الشرقية التي يقودها جهاز مكافحة الإرهاب، الذي بات يبعد خمسة كليومترات من مركز المدينة. وقال أبو سيف، وهو اسم مستعار استخدمه أحد السكان خشية على حياته: «شاهدت عناصر داعش مختلفين في شكل كامل عن المرة السابقة التي رأيتهم فيها». وأضاف الرجل الذي كان تاجراً وبات عاطلاً من العمل بسبب الأوضاع في الموصل: «بدأوا يحلقون لحاهم ويغيرون مظهرهم (...) يبدو أنهم خائفون أو قد يكونون جاهزين للفرار». وأفاد مسؤولون عسكريون وشهود بأن المسلّحين بدأوا تغيير أمكنة سكنهم من الجانب الشرقي في الموصل الى الجانب الغربي، وهو المعقل التقليدي السابق لهم لجهة الحدود مع سورية. وقال عدد من السكان أن دوي الاشتباكات بات يسمع في الجانبين الشرقي والشمالي، فيما باتت طائرات التحالف الدولي تحلق على ارتفاع أكثر انخفاضاً من العادة. ويواصل عشرات آلاف المقاتلين العراقيين التقدم نحو الموصل من الجنوب والشرق والشمال، منذ بدء العملية في 17 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري. وقد استعادوا وقوات «البيشمركة» عدداً كبيراً من القرى، على رغم تعرضهم لقصف بالصواريخ وعمليات قنص وتفجير بسيارات مفخخة يقودها انتحاريون. في موازاة استمرار العمليات العسكرية، قال وزير الهجرة والمهجرين جاسم محمد الجاف، أمس، إن وزارته استقبلت الثلثاء، أكثر من 3300 نازح، في أكبر موجة منذ بدء العمليات العسكرية لاستعادة الموصل. وأضاف: «شهدنا موجة كبيرة للنازحين تعد الأكثر عدداً منذ انطلاق العمليات لتحرير محافظة نينوى من دنس الإرهاب المتمثل بعصابات داعش الإجرامية». وتفيد أرقام الأمم المتحدة بأن نحو ثمانية آلاف و940 شخصاً نزحوا من منطقة الموصل منذ بدء الهجوم. ونقل مدنيون من قرى في ضواحي الموصل الشرقية في حافلات الى مخيمات قرب منطقة الخازر. وقالت أم علي (35 سنة): «أخرجنا الجيش وقالوا لنا غادروا وسننظر في تفاصيل سكنكم». ولفت عصام صدوع (22 سنة): «عشنا أياماً وليالي مرعبة، أصوات الانفجارت أصبحت أقرب، والدولة الإسلامية كانت تسيطر على حياتنا، لذلك قررنا الفرار». وتحدث قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، عن «نزوح جماعي للعائلات من ناحية الشورة في اتجاه قطعاتنا». وأكد محمد ياسين الدليمي، وهو عضو مجلس محافظة الأنبار، أمس، «عودة 20 ألف عائلة نازحة إلى الفلوجة منذ بداية حملة إعادة النازحين التي انطلقت في أيلول (سبتمبر ) الماضي»، وأشار الى وجود «إقبال كبير من الأهالي على العودة الى المناطق المحررة»، وأضاف أن «الأعداد في تزايد مستمر بعد تحسن الوضع الأمني وعودة الخدمات إلى معظم الأحياء». وزاد أن «مناطق أخرى في القضاء ستكون جاهزة قريباً لاستقبال العائلات النازحة بعد إعادة الكهرباء والماء الصالح». وفي محافظة صلاح الدين، أعلن رئيس المجلس المحلي طه أحمد، «عودة أكثر من 4000 عائلة إلى الجزء الأيمن المحرر»، وقال إن «القوات الأمنية اعتقلت 60 مطلوباً لتعاونهم مع داعش أثناء محاولتهم التسلّل مع الأسر العائدة»، مؤكداً أن «الجهات المعنية تواصل التدقيق في أسماء العائدين».
مشاركة :