قال ستة متعاملين في السوق الموازية للعملة في مصر ل رويترز أمس إن الدولار واصل قفزاته بالسوق السوداء ليصل إلى ما بين 16.25 و16.50 جنيه وسط غموض بشأن موعد تطبيق إصلاحات اقتصادية صعبة. ولمح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة خلال الأشهر القليلة الماضية بإجراءات قاسية من أجل إصلاح الاقتصاد الواهن. ووعد السيسي بأن المواطن المصري سيتمكن قريباً جداً من التوجه للبنوك والحصول على الدولار بسعر موحد. ويترقب الجميع إما تخفيضا كبيرا في سعر صرف الجنيه وإما تعويما كاملا للعملة في إطار إصلاحات ضرورية للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي. لكن باستثناء ضريبة القيمة المضافة، لم تقدم الحكومة على تطبيق الإصلاحات المرتقبة حتى الآن ولم يتمكن أيضا المواطن من الحصول على الدولار من البنوك بسعر موحد. وتسعى مصر لاقتراض 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي على ثلاث سنوات. ويحتاج الاتفاق إلى موافقة نهائية من مسؤولي إدارة الصندوق كما يتعين على مصر ترتيب تمويل ثنائي يصل إلى ستة مليارات دولار لكي يوافق مجلس الصندوق على البرنامج ويفرج عن الشريحة الأولى من القرض البالغة نحو 2.5 مليار دولار. ويتطلب الحصول على قرض صندوق النقد البدء في إصلاح دعم المواد البترولية بجانب تخفيض سعر العملة المحلية أو تعويمها مقابل الدولار. وجرى تداول الدولار في السوق الموازية امس بأسعار بين 16.25 و16.50 جنيه مقارنة مع 15.20 و15.50 جنيه خلال الأسبوع الماضي. ويبلغ السعر الرسمي للجنيه في تعاملات ما بين البنوك 8.78 جنيه بينما يبلغ السعر للجمهور في البنوك 8.88 جنيه. وقال متعامل في السوق الموازية السعر يرتفع ساعة عن الأخرى. وأضاف بنبرة تنم عن نفاد الصبر لو أنت عرفت سبب الارتفاع أو وجدت أي أحد يعرف السبب ياريت تبلغني. وتتصاعد الضغوط على البنك المركزي المصري من أجل تخفيض قيمة العملة في الوقت الذي تصارع فيه مصر من أجل إنعاش الاقتصاد الذي تضرر من اضطرابات سياسية وأمنية أدت إلى عزوف السياح والمستثمرين الأجانب وهما مصدران مهمان للعملة الصعبة. وقال هاني فرحات من سي.آي كابيتال الحال سيستمر على ما هو عليه حتى يحدث تعويم أو تخفيض للعملة. وإذا لم يصاحب التعويم إصلاحات سيواصل الدولار ارتفاعه في السوق الموازية إلا إذا استطاع البنك المركزي الدفاع بقوة عن السعر الجديد سواء من خلال رفع سعر الفائدة ورفع القيود على تحويلات الأجانب. السعر (الجديد) وحده لا يكفي لحل مشكلة السوق السوداء في مصر لا بد من إجراءات إصلاحية إضافية. ورفعت مصر في وقت سابق من هذا العام أسعار الكهرباء وطبقت ضريبة القيمة المضافة وتسعى لخفض الدعم عن المحروقات خلال الفترة المقبلة بجانب الحصول على قرض من صندوق النقد لسد عجز الموازنة المتوقع. وأدت سياسة الإبقاء على قوة مصطنعة للعملة إلى تهاوي احتياطي النقد الأجنبي من 36 مليار دولار قبل انتفاضة 2011 إلى نحو 19.592 مليار في سبتمبر/ أيلول. ويقول خبراء الاقتصاد إنه لا مفر من خفض قيمة الجنيه لكن التوقيت هو العامل المهم لتقليص الأثر التضخمي وخاصة بعد فرض ضريبة القيمة المضافة. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في وقت سابق من هذا الشهر إن أسعار السلع الرئيسية ستنخفض خلال شهرين بغض النظر عن سعر الدولار. وقال مصرفي في أحد البنوك الخاصة لرويترز تم تهيئة المجتمع وجميع المواطنين لإصلاحات صعبة ومؤلمة ستحدث وأن هناك ارتفاعا أكبر في الأسعار وخفض دعم الوقود وتعويم أو تخفيض العملة، فلماذا التأخير؟ لماذا لا يتحدث أحد ويقول سبب التأخير أو متى سيحدث؟ ماذا ننتظر؟ من جهة أخرى، قالت الشركة الشرقية للدخان، التي تحتكر صناعة السجائر في مصر، أمس، إنها تواجه صعوبات كبيرة في توفير العملة الصعبة لشراء المواد الخام الأساسية، وهو ما قد يضطرها للتوقف عن العمل. وبلغ صافي ربح الشركة 1.476 مليار جنيه (166.2 مليون دولار) في عام حتى 30 يونيو/ حزيران ارتفاعاً من 1.272 مليار جنيه قبل عام. وقالت الشركة: إنها تحتاج لأكثر من 30 مليون دولار شهرياً لشراء المواد الخام وقطع الغيار، ولكنها تواجه صعوبات كبيرة في توفير احتياجاتها من العملات الأجنبية من البنوك لفتح اعتمادات شراء الخامة الرئيسية، وهي خامة الدخان (التبغ) من الأسواق الخارجية بنسبة 100 في المئة. ودفع نقص الدولار في النظام المصرفي الرسمي الكثير من أصحاب الأعمال إلى اللجوء للسوق السوداء للحصول على الدولارات، حيث يمكنهم شراء العملة الصعبة بأسعار أعلى من السعر الرسمي في البنوك. وأضافت الشرقية للدخان أن المخزون الاستراتيجي من التبغ انخفض من 24 شهراً إلى أقل من 12 شهراً حتى نهاية سبتمبر/ أيلول 2016. وقالت ما يزيد الأمر صعوبة توقف شركة فيليب موريس عن سداد التزاماتها للشركة، مقابل التصنيع الأجنبي بالدولار طبقاً للتعاقد المبرم منذ إبريل/نيسان 2016. وأوضحت الشرقية للدخان أنها اضطرت لقبول سداد فيليب موريس التزاماتها بالجنيه المصري عن شهور إبريل/ نيسان ومايو/ أيار ويونيو/ حزيران 2016 لإنهاء نتائج أعمال السنة في 30 يونيو/ حزيران. وقالت أما بالنسبة لمستحقات يوليو وأغسطس وسبتمبر 2016 فلم يتم تحصيلها حتى الآن، لإصرار إدارة الشركة على التزام موريس بالسداد بالعملة الصعبة وفقاً للتعاقد. وتقوم الشركات الأجنبية العاملة في مجال التبغ في مصر بتصنيع السجائر لدى الشركة الشرقية للدخان الحكومية. وقالت الشرقية للدخان، إن مخزونها الاستراتيجي من العملات الأجنبية الذي كانت تحتفظ به لاستخدامه عند الحاجة نفد. (رويترز)
مشاركة :