كتبت: عبير حسين قبل أيام كشفت تغريدة عنصرية، لأحد أنصار المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب، عن عشرات الأسماء الحركية، يتداولها ملايين العنصريين عبر منصات التواصل الاجتماعي وترمز لعرقيات، أو جنسيات متعددة، دون الوقوع تحت طائلة المساءلة القانونية، أو حتى مجرد التعرض لشطب حساباتهم الشخصية، بسبب السياسات الجديدة الصارمة لشبكات التواصل الاجتماعي الرافضة نشر رسائل الكراهية، وخطابات العنصرية، ويرمز الملايين ب جوجل، لذوي البشرة السمراء، بينما يعني ياهو المكسيكيين، وbing ترمز للصينيين، كما يعرف الملايين أن المقصود من عبارة car salesmen، هم الليبراليون، وRegans تعني المحافظين، وغيرها الكثير الذي يصعب رصده وتتبعه. قبل عدة أشهر بدأت عبارة العنصرية الرقمية، في الانتشار على نطاق واسع، بين مستخدمي الإنترنت، وتبادل الآلاف تجاربهم الشخصية عن تعرضهم ل تمييز رقمي، بسبب اللون أو العرق أو النوع أو الدين، وفي الوقت الذي يعتقد فيه كثيرون أن العنصرية الرقمية تتوقف عند حدود رسائل الكراهية والسخرية من أعراق أو أديان بعينها، تفصح الحقيقة المؤسفة عن نفسها لتتسع أشكال التمييز الرقمي، لتصل إلى تقنيات لا تتعرف الى الوجوه الآسيوية ذات العيون الضيقة، وأخرى تتحكم في صنابير المياه في المراكز التجارية الكبرى، وغير قادرة على التعرف الى أصحاب البشرة السمراء، إضافة إلى استهداف فئة البدناء، وصولاً إلى ألعاب فيديو عنصرية، تطلق النار على أعراق معينة، وروبوتات ذكية تنشر رسائل عنصرية عبر حسابها على تويتر، تحرض فيها ضد السود والمهاجرين، وتدعو إلى التطهير العرقي. وفي عالم الإنترنت الواسع يصبح من الصعوبة بمكان تعقب كل رسائل الكراهية والعنصرية، وفي عالم تغيب عنه قواعد قانونية عالمية، تزداد صعوبة محاكمة المسيئين أو محاسبتهم، ويبقى الأهم عدم إمكانية إدانة التقنية الحديثة، وأنظمة الذكاء الاصطناعي، أو تقديمها للمحاكمة. تطبيقات سمراء لمواجهة البيضاء قبل أيام لفتت قصة الأمريكي غريغوري سيلدن، انتباه العالم إلى الخطورة الحقيقية لتزايد أشكال العنصرية الرقمية، وحكي فيها عبر هاشتاج بعنوان #airbnbwhileblack، تجربته الشخصية مع موقع Airbnb الشهير، واسع الانتشار، الذي يستخدمه الملايين حول العالم لحجز الرحلات والعطلات، في البداية استعلم سيلدن من الموقع عن حجز لأحد الفنادق بمدينة نيويورك لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، لكن الإجابة كانت جميع الأماكن محجوزة، فذهب سيلدن إلى خيار ثان، بتغيير اسم الفندق إلى آخر، اعتاد الذهاب إليه، فكانت نفس الإجابة: لا يوجد أماكن شاغرة، تملكت الحيرة من سيلدن، فأنشأ حساباً مزيفاً مستعيناً بصورة مستعارة لشخص أبيض حصل عليها من شبكة الإنترنت، وأرسل إلى الموقع يطلب حجزاً، في الفندقين نفسيهما، وفي الموعدين ذاتهما، اللذين سبق وحددهما، وكانت المفاجأة أن كليهما متاح، وعليه تحديد اسم فندق واحد واختيار طريقة الدفع. اجتذب هاشتاج سيلدن عشرات آلاف التعليقات، عرض بعضها تجربته الشخصية المماثلة مع الموقع نفسه، أو غيره من منصات التواصل الاجتماعي الشهيرة، وكانت النصيحة الأكثر تداولاً بين المغردين، هي ضرورة تغيير الصورة الشخصية للسود، قبل التعامل مع عدد من المنصات الاجتماعية، حماية لهم من التعرض لعنصرية مقيتة، والمثير للانتباه كانت دراسة صادرة مطلع العام من جامعة هارفارد، أشارت نتائجها إلى أن الأمريكيين ذوي الأسماء المنتشرة للسود مثل تانيشا وتايرون؛ معرضون للتمييز الرقمي ضدهم، بنسبة 16 % عن الآخرين، الذين يحملون أسماء أوروبية معتادة مثل كريستين، وبراد. وبالرغم من أن سيلدن تقدم بدعوى قضائية أمام إحدى محاكم الحقوق المدنية، إلا أن الخطورة الكبرى التي ترتبت على انتشار قصته، كانت تدشين عدة تطبيقات أخرى مخصصة للسود، بدعوى مواجهة التطبيقات البيضاء، وكان من أهمها Noirbnb وInnclusive. وهنا تجدر الإشارة إلى أن العنصرية لا تتوقف عند السود فقط، فهناك عنصريات أخرى بدرجات مختلفة، تبدأ بحالة السخرية، وتصل إلى الكراهية، ومن أهم الأمثلة هنا ما نشره موقعجوجل، مطلع الشهر الماضي، عن أكثر الأسئلة التي طرحها البريطانيون، فيما يخص المملكة المتحدة، ومنها يتضح شكل أو آخر من العنصرية، ومن هذه الأسئلة مثلاً: لماذا يطلق على الإنجليز روزبيف، أو اللحم المشوي؟ وسؤال آخر: لماذا يبدو البريطانيون أغبياء؟ وكيف يبدو شكل الإسكتلنديين؟ ولماذا لا يحافظ البريطانيون على نظافتهم؟ ولماذا يبدو الإنجليز أطفالاً باكين دوماً؟ تاي يدعو إلى التطهير العرقي قبل أسابيع قليلة اعتذرت شركة مايكروسوفت، عبر موقعها الشخصي عن التغريدات العنصرية التي نشرها روبوت الذكاء الاصطناعيTAY، والذي أوقفته بعد أقل من 24 ساعة على طرحه، وكتب بيتر لي، رئيس الأبحاث في مايكروسوفت، شارحاً ما حدث، مؤكداً أن ما بدر من تاي، لا يعبر عن مايكروسوفت، ولا عن قيم الشركة. وتاي، روبوت يمثل شخصية افتراضية لفتاة مراهقة، يمكنها الدردشة مع المستخدمين، والإجابة عن أسئلتهم، وكان مفترضاً أن تاي، مزود بنظام ذكاء اصطناعي، يمكنه التعلم وتحسين الأجوبة تدريجياً، من خلال الدردشات التي تقوم بها، لكن المفاجأة أن الروبوت، بدأ بنشر تغريدات على تويتر، تمجد النازية، وتحرض ضد السود والمهاجرين وتدعو إلى التطهير العرقي. وحاول بيتر لي، شرح ما حدث قائلاً: إن تاي ليس التجربة الأولى للتطبيقات الذكاء الاصطناعي، الذي تطلقه الشركة، حيث سبق إطلاق الروبوت XiaoIce في الصين، واستخدمه أكثر من 400 مليون مستخدم للدردشة، وكانت تجربة ناجحة شجعت مايكروسوفت، على طرح الروبوت تاي، وأكد أن المطورين حرصوا على اختباره في مختلف الظروف، حتى ينجح في تقديم تجربة خالية من المشاكل، ووصف تغريدات تاي العنصرية بأنها هجمات منسقة لأشخاص تمكنوا من استغلال ثغرة في نظام الروبوت، مكنتهم من بث الأفكار العنصرية ورسائل الكراهية، وأكد في نهاية رسالة الاعتذار أن الشركة ستعمل على تحسين أنظمة الذكاء الاصطناعي مستقبلاً، تفادياً لمثل هذه الحوادث مستقبلاً. انتقادات سناب شات واجه تطبيق سناب شات، انتقادات عديدة مؤخراً، بسبب إضافته لفلتر جديد، يضيف ملامح تشبه الوجوه الآسيوية، إلى صور مستخدميه، والذي اعتبره البعض مسيئاً وعنصرياً للعرق الأصفر. وبالرغم من إزالة سناب شات للفلتر، الذي يقوم بتغيير وجه المستخدم إلى شخصية أشبه بالوجوه الآسيوية، مع أعين مغلقة، وخدود وردية وفم كبير، إلا أن حملة انتقادات عنيفة طالت التطبيق بعد تداول العديد من مستخدميه صورهم ومقاطع الفيديو الخاصة بهم، باستخدام الفلتر على مواقع تواصل اجتماعي أخرى. وقالت إدارة سناب شات، إن الفلتر مستوحى من شخصية إنمي، وكان الهدف منه إضافة المرح على التطبيق، ولم تكن هذه المرة الأولى التي تفسد فيها المنصة، تطبيقها عبر إضافة فلاتر يجدها البعض عنصرية، حيث أضافت في شهر إبريل/ نيسان الماضي، فلتراً لشخصية المغني بوب مارلي، والذي كان يقوم بتغيير لون البشرة والنوع، وهو ما وصفه البعض بعدم الاحترام، فيما اعتبرته سناب شات، تقديراً للمغني الراحل. كاميرا لا تعرف الملامح الآسيوية سعدت الأمريكية من أصل صيني، يوز وانغ هي بالحصول على أحدث إصدار من كاميرات رقمية يابانية مزودة بتقنية التعرف الى الوجه، والتي من ضمن ميزاتها تنبيه المستخدم قبل التقاط صورة شخصية، إذا أغلق عينيه، أو كان عابساً، وفشلت كل محاولات وانغ وشقيقها في التقاط صور لهما، لأن الكاميرا في كل مرة كانت تصدر رسالة تحذيرية بعدم إغلاق العينين وضرورة فتحهما، وكانت الرسالة الدائمة: هل أغمض أحد عينه؟، في البداية اعتقد الشقيقان أن هناك عيباً فنياً بالكاميرا، فتوجها للمتجر ونجحا في استبدالها بأخرى جديدة، استمرت هي الأخرى في إصدار الرسائل نفسها، لتكون المفاجأة أن التطبيق الذكي، المزود به الكاميرا، غير قادر على تمييز الوجوه الآسيوية، ذوات العيون القوقازية الضيقة. أطباء لا يقدمون خدماتهم للمرضى الملونين أشار تقرير حديث نشرته منظمة زارا غير الحكومية النمساوية، بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنصرية زيادة في معدلات الجريمة العنصرية عبر الإنترنت في النمسا، لتصل إلى 972 خلال العام الماضي، مقارنة ب 800 حالة، عام 2014، وأشار التقرير إلى أن ثلثي الجرائم العنصرية ارتكبت عبر موقعي جوجل، وفيس بوك، وكانت ضد المهاجرين واللاجئين، ولفت إلى أن كثيرين لجأوا إلى الإنترنت، لإظهار حالة الكراهية والتحريض ضد اللاجئين، وكانت سبباً في اندلاع عدة مظاهرات عنصرية رافضة، لوجود اللاجئين، وداعية إلى طردهم. وأكد التقرير أن هذا العدد أقل بكثير من الأعداد الحقيقية، التي لم يتمكن من رصدها، إما بسبب إغلاق حسابات عشرات المستخدمين من قبل المنصات الاجتماعية بعد، بسبب تعليقاتهم العنصرية، أو بسبب الحسابات المزيفة، التي يلجأ إليها العنصريون، للتخفي من رقابة المنصات، من ناحية، ومن الملاحقة القانونية، من جانب آخر. وبحسب التقرير تعددت الجرائم العنصرية، ما بين المعتمدة على أساس اللون والبشرة، أو ارتداء الحجاب، ورصدت بعض الحالات، التي رفض فيها أطباء تقديم خدماتهم أون لاين للمرضى، لكونهم أجانب. فيس بوك يستجيب بعد اتهامات حادة لإدارة فيس بوك، بعدم بذل الجهد اللازم لمواجهة العنصرية ورسائل الكراهية التي تحولت إلى ظاهرة، عبر صفحاته، رغم سياسات الاستخدام الصارمة الجديدة التي أقرها، توصلت الحكومة الألمانية إلى اتفاق مع إدارة فيس بوك، بإزالة المشاركات المسيئة التي تحض على الكراهية، بعد زيادة أعداد اللاجئين إلى ألمانيا. وبالرغم من مماطلة الموقع لهذه المطالب، تخوفاً من مطالبات مماثلة من دول أخرى، قرر الموقع التعاقد مع وحدة تابعة لشركة بيرتلسمان للخدمات، لمراقبة وحذف التعليقات العنصرية في ألمانيا. وصرحت متحدثة باسم فيس بوك، بتعاقد الموقع مع وحدة أرفاتو، التي ستقدم 100 شخص من موظفيها، خدمات مراقبة وتعقب خطاب الكراهية بالوكالة عن الموقع، وأكدت أن الشركة جادة في اتباع سياسات تحترم المعايير الاجتماعية بصورة أكثر فاعلية. وهنا تجدر الإشارة إلى أن ألمانيا، توصلت إلى اتفاق مماثل مع كل من جوجل وتويتر، يقضي بإزالة التعليقات المسيئة، خلال أقل من 24 ساعة، مع الالتزام بمعايير القانون الألماني، الذي يحدد نوعية رسائل الكراهية، وخطابات التحريض، وعدم الاكتفاء بسياسات الخصوصية لمنصات التواصل. كما قرر بعض الصحف ووسائل الإعلام الألمانية، مواجهة العنصرية الرقمية، باستخدام سلاح الفضيحة، بنشر البروفايل الشخصي للمستخدم العنصري على صفحتها الأولى. دورية حماية الحدود تشجع على قتل المهاجرين لم تتوقف رسائل العنصرية والكراهية ضد المهاجرين واللاجئين، عند المشاركات والتعليقات والصور، على منصات التواصل الاجتماعي، بل تجاوزتها لتصل إلى عالم الألعاب الافتراضية، الذي أصبح أحد أهم المنصات التفاعلية حول العالم، وأحد أكثر الأسواق رواجاً بأرباح تتجاوز 100 مليار دولار سنوياً. من ذلك لعبة Border Patrol بوردر باترول، أو دورية حماية الحدود، التي حصلت على شعبية واسعة، تبدأ اللعبة بعرض علم المكسيك بألوانه الثلاثة: الأبيض والأخضر والأحمر، وبمجموعة من الأوامر والتعليمات مثل أطلقوا النار على المكسيكيين المتسللين إلى الولايات المتحدة بصورة غير شرعية، واصطادوهم كما تصاد الأرانب، واحصلوا على الحد الأقصى من النقاط، حين تقتلون امرأة حاملاً مع طفلين صغيرين. ووسط موسيقى هيستيرية تحفيزية لللاعبين، يرتفع صوت القائد المجهول موجهاً أوامره إلى جنوده قائلاً: لا تدعو أحداً يعبر الحدود، وبأي ثمن، وتنكشف ساحة المعركة، وهي عبارة عن صحراء شاسعة ينتشر فيها نبات الصبار البري، ليظهر حرس الحدود المزودون بأسلحة وعربات مصفحة، وبكامل جاهزيتهم العسكرية لإطلاق النار، وقتل أكبر عدد من المتسللين، باعتبارهم أهدافاً مطلوبة، لا فرق بين الرجال والنساء والأطفال، وفجأة يصيح أحد الجنود قائلاً: هنا امرأة أرنب، في إشارة للسيدة الحامل، وهناك مهرب مخدرات يحمل على ظهره سلة مملوءة بأوراق القنب الهندي، فيبتهج الجنود الآخرون، ويبدأون في اصطيادهم، واحداً تلو الآخر.
مشاركة :