التسامح مع الفساد غير المقصود.. دعوة إلى الثراء! بقلم الكاتب / فهيد العديم لو سألت أحد الوافدين سواء كان مقيماً نظامياً أو غير نظامي عن سبب تعطل التنمية في المملكة لقال لك بوضوح: «الفساد»، ولو «لم» تسأل مواطناً سعودياً ذات السؤال لقال لك أيضاً «الفساد»، لكن لو طلبت منه أسماء الفاسدين فسيعتذر لك، ثم يقترح أن يُخبرك بأسماء أولئك الذين يثق في نزاهتهم، لأن العدد قليل جداً ويمكن حصرهم بسهولة «يا له من مواطن سوداوي ومهووس بجلد الذات»!. ما الداعي لهذا الحديث؟ لا سيَّما أنني تحدثت من قبل عنه، حتى أنني لا أستبعد أن أجد هذه المساحة التي أكتب فيها مغلقة بالشمع الأحمر من قبل البلدية، وذلك لاحتوائها دائماً على كلمات «فاسدة» ومعلومات تتعلق بطريقة تحضير الفساد. كنت في البداية – لسذاجتي وجهلي- أحسب أن الإشارة لجهة ما بوجود فساد يعني أحد أمرين، إما أن أُثبتُ ذلك أمام الجهات المختَّصة، أو أُحاكَم بتهمة القذف والإساءة للآخرين، حتى اكتشفت متأخراً أن الأمر «سهالات»، وكنتُ أيضاً أعتقد أن الحديث عن الفساد ومحاولة فضح منابعه يُربك الفاسدين، لكن – وهنا أضيف الخيبة للسذاجة والجهل- اكتشفتُ أن الفاسدين يشفقون عليَّ وعلى أحلامي الساذجة، بل وصارحني أحدهم بأنني سأصحو متأخراً، وأكتشفُ أن هذه المثاليات يجب ألا تتعدى «كلام الجرايد»، أما في الواقع فهي لا تُسمن ولا تُغني من جوع!. أُصارحكم، فقد أخذتُ نصيحة المُشفق عليَّ على محمل الجدِّ، سيَّما أنني «مكبّر الموضوع شوي»، فالفساد الذي نؤمن كلنا بوجوده «لم يكن له تأثير واضح في المملكة»، وهذا ليس كلامي كمشروع فاسد تحت التفكير، إنما هو كلام المختصين، كما ورد على لسان رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، فما دام ليس له تأثير على البلد فأنا أتراجع عن تطرُّفي ما دام الأمر فيه سِعة، فأنا كما يقول نزار: «مازال عندي رغم كل سوابقي.. بقيَّة أخلاقٍ وشيء من التقوى»، ولهذا لن أكون فاسداً مُطلقاً، لكنني سأختار الوسطيَّة وهو «الفساد غير المقصود»، فـ «الرشوة واستغلال المال العام والسُّلطة من أوجه الفساد غير المقصود» كما يقول معالي الرئيس محمد الشريف، وأتمنى أن لا يستقوي أحدكم عليَّ ويسألني: إذن ما هو الفساد المقصود؟ وإن كان لابد من الإجابة، فهي في قاموسي القروي البسيط تعني من يتعاطى «التتن» ويمارس «البلوت»!
مشاركة :