عبده الخال ما زلنا في تعثر متواصل، ونعلم هذا ولا نجد من (يفزع) لانتشالنا من العثرات المتلاحقة. وكل مشروع يعلن عنه يعلن معه المدة الزمنية لانتهائه وتمضي السنوات وبعض مشاريعنا (عظام) متناثرة في كل مكان، ولهذا سأبدأ مقالة اليوم من نقطة تحميل الجميع مسؤولية تأخير المشاريع الموكلة لكل جهة على حدة، حيث يعد هذا التعثر حجرة أساس لمعرفة نسب التقاعس في تنفيذ المشاريع. تقاعس (يحرق أصابعنا) ويجعل أي تنمية تسير سير السلحفاة، ليس في دأبها على الوصول؟، وإنما في موتنا ونحن ننتظرها أن تصل، فتأخر وتعثر المشاريع هو تعثر للتنمية بكل عناصرها، ولو أن هناك خطة تنمية طموحة تستوجب الانتهاء من مرحلة ما خلال فترة زمنية محددة ويحدث تعطل لهذه المرحلة، فهذا يعني بالضرورة تأخر المراحل التالية، وبدلا من أن تنجز خطط التنمية أهدافها في الوقت المحدد، فإن التأخر أو التعثر سيؤدي بالضرورة إلى (كركبة) الأوضاع وترحيل أو تأجيل المشاريع ريثما تنتهى المرحلة المتعثرة، وإذا كان ما نسبته 85% من الإدارات الحكومية تجاوزت المدة الزمنية المخطط لها لتنفيذ مشروعاتها، فهذا يعني أن التنمية (مؤجلة)، فالنسبة عالية جدا، بحيث تشير إلى مكامن خلل لا يمكن السكوت عليه ويستوجب المساءلة والعقوبة من أجل تلافي أسباب التعثر، خصوصا أن تلك الأسباب معروفة ومعلنة، وهي ليست أسبابا مالية، فحجم الإنفاق الحكومي على المشروعات «تنفيذ، صيانة، تشغيل» يصل إلى 38.5% من الميزانية العامة للدولة، وهذا يعني أن هناك إغداقا ماليا مهولا على المشاريع؛ بهدف الإنجاز والاستكمال يقابله تقاعس وإهمال، أقول إهمال لكون الإدارات تعلم أن مشكلات تعثرها تبدأ من مرحلة التنفيذ بنسبة 64.2%، وهي نسبة تعطي إشارة مبكرة إلى أن المشروع لن ينجز في وقته. فكيف لإدارة تتعثر في المرحلة الأولى ولا تبحث عن حل، مع علمها علم اليقين انحصار مشكلاتها في نوعية المقاول وعدم جديته أو وجود مشاريع متعددة تعهد بإنجازها، ما يجعله غير قادر على الإيفاء بالانتهاء من المشروع إلا متأخرا، وبالتالي بحثه عن مقاول من الباطن، وهي مشكلة معروفة تستوجب الحل، وإن كان التأخر جاء بسبب نقص الموارد البشرية، فكيف نفهم سبب وجود ملايين من العمالة في البلد ومئات الآلاف من تأشيرات الاستقدام المنتظرة وصول أصحابها، فكيف نفسر وجود هذه الأعداد البشرية من العمالة ونشتكي من نقصها؟. وإذا كانت هذه المشكلات المعلنة هي المسبب الحقيقي لتأخر وتعثر المشاريع، فالعلم بالأسباب حجة على الإدارات الحكومية، والإعلان عن المسبب لا يبرئ الذمة، بل يحملها مسؤولية مضاعفة، كونها تعلم بالمعوقات وتضعها أمامها من غير البحث عن حلول.. حقيقة، تعثر مشاريعنا يصيب المرء بالحسرة، فإن قيل لك إن المشروع سينتهي بعد ثلاث سنوات (على طول اضرب في اثنين) هذا إذا كنت متفائلا.. أما الآن ومع الاعتراف أن 85% من إدارات المشاريع الحكومية تجاوزت الخطط الزمنية المحددة للتنفيذ، فعليك نسيان جدول الضرب لكي لا ينحرق دمك.
مشاركة :