قد يُنتقد تصرف ما لمسؤول في مقال أو اثنين في صحف الوطن، ولكن أن يظل يُنتقد من جميع الكتاب أو جلهم، وأن يستمر أكثر من أسبوع، فذاك ولاشك لا يعني اهتمام الكتاب بعظم خطأ التصرف أو ضرره، ولكنه في الأعم الأغلب أن بعض الكتاب لا يجد موضوعات لما يكتب، فيرى في هذا الخطأ هدية تعفيه من التفكير في موضوع حي وحيوي لمقاله، فعندما يخطئ نائب وزير في إصدار حكم على اقتصاد بأننا ذاهبون إلى إفلاس بعد ثلاث سنوات، قرأنا عشرات المقالات عنه وهي مستمرة حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها مقالي، ورغم أن الخطأ فادح، خاصة إذا كانت المدة المصرح بها غير دقيقة ولن تكون، وهو كذلك ولاشك، فليس بين الاقتصاديين أو الماليين من يوافقه على هذا الرأي، وسواء اعتذر أم لم يعتذر فالخطأ قد وقع، وتقدير بقائه في منصبه أم لا، لا يعود إلينا، وليس هذا الحدث هو الأهم في هذه اللحظة، التي يتعرض فيها الموطن لهزات اقتصادية وأيضًا عدوانية، وحملات صحفية في الخارج لا تهدأ، خاصة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وانتقادات حادة لتعاملنا كما يزعمون مع حقوق الإنسان، ولعل بعض تلك الحملات تنبئ عن خطط مستقبلية للتعامل مع وطننا من دول تصدر فيها تلك الصحف، وكنا منذ زمن طويل نحتاج إلى إعلام خارجي قوي يمكن من خلاله تصحيح الصورة عنا هناك، نحتاجه بلغات متعددة وكفاءات عليا منتقاة، ولكنا أهملنا هذا حتى شعرنا اليوم بحاجتنا الملحة إليه، ونحن نرى الحملة تلو الحملة تستهدفنا هناك في الغرب، وتتناقلها وكالات الأنباء والصحف وقنوات البث التلفزيونية والإلكترونية، ونعجب أحيانًا أن حتى جهاتنا الرسمية لا تتولى الرد، واليوم البلاد كلها لا حديث لها سوى ما اتخذ من قرارات تمس سائر المواطنين أو جلهم، وهي خطة اقتصادية قد تكون ضرورية في هذا الظرف، ويتداول الناس الحديث عنها في مجالسهم واجتماعاتهم، ولكن الصحف والإعلام الوطني يغيب عنها، وإن مستها فعلى عجل ووجل، وكنا نحتاج إلى الكتابة عنها لنعاون في الشرح والإيضاح، ولنبدي الآراء منذ بدأ الحديث عنها وقبل أن تأخذ الطريق إلى أن تصبح خطة واجبة التنفيذ، ولدينا من المشكلات الكثير الذي يجب على الصحافة مناقشته كالبطالة التي طال زمنها، رغم أن في البلاد الملايين من الوافدين يقومون بأعمال في البلاد، وفيها من يتحرقون لفرصة عمل ولا يجدون، رغم أن هذا له من الأسباب والعوامل الكثير، ولكن الأقلام لا تحاول الوصول إلى كنهها صراحة، ونبقى نحمل هم الأبناء العاطلين عن العمل، وحتى إننا لم نعد قادرين على عد العاطلين فرقمنا الإحصائي لعددهم أصبح عدة أرقام ولا مرجح لواحد منها، بل إن أعداد الوافدين إلى المملكة للعمل كرقم يحصيهم بدقة، هم ولاشك بالملايين، ولكن تحديدها يصعب فلا رقم رسمي يعتمد عليه في هذا الباب، وكثير من مواطنينا يسكنون في بيوت مستأجرة ولا رقم يمكن التأكد من صحته لعدد من يملكون من مواطنيننا مساكنهم، وعادة ترك مثل هذه الأرقام دون ضبط أو تحديد قد يريح من بأيديهم تحديده، ولكنه يسبب القلق لكل مواطن ينتمي لإخوانه في وطنهم أن يكونوا سعداء مطمئنين في مساكن يملكونها يورثونها لأولادهم، حينما لا يجد أحد منهم سكنًا يؤويه يعود إليه، ولدينا وزارة إسكان لم يظهر لها جهد ملموس حتى اليوم، ولدينا متقاعدون لا يجدون عونًا حتى بتوفير علاج لهم في الكبر إذا تعددت أمراضهم، وجلهم دخلهم من رواتبهم التقاعدية لو صرفوه كله على الدواء لما كفى لشرائه، وغير هذا كثير لا نتطوع بالكتابة عنه، ولا نقول لمن يخططون لإصلاح اقتصادنا أرعوا كل هذا وأعلموا أن الترشيد -سادتي- لا يقتصر على دخول من يعانون، بل يجب أن يشاركهم من دخولهم تفيض عن حاجاتهم الضرورية والكمالية معًا، أرشدني الله وإياكم لما يحبه ويرضاه لصالح هذا الوطن وأهله.. وهو ولي التوفيق. alshareef_a2005@yahoo.com
مشاركة :