القدس تناجي حلب.. والموصل فوق جدران اليونسكو | شريف قنديل

  • 10/29/2016
  • 00:00
  • 48
  • 0
  • 0
news-picture

فجأة، وفيما كانوا يواصلون تشتيت الأذهان العربية، بل والأوطان العربية، والجيوش العربية؛ جاءت اليونسكو لتُعلن الخبر: القدس عربية، ببيوتها وحاراتها وجدرانها ومساجدها وكنائسها وبكل حجر فيها! في غمرة مأساة حلب التي تحوّل فيها الجيش العربي السوري لخنجر في ظهر العرب، وفي خضم ملهاة الموصل التي تفرَّغ فيها الحشد الشعبي للشرب من أكباد العرب، عادت القدس لتكون حديث الناس، وقدس الأقداس! في غمرة الإلهاء، والتشويه، والتعتيم، تمهيدًا للتقسيم، سطعت القدس من جديد، مُبشِّرة بالموعد الأكيد. ابتكروا «داعش» وفشلوا، وسيفشلون.. دمَّروا بيوت حلب، وعجزوا عن إخفاء وجهها وكتمان صراخها، وسيعجزون.. غيَّروا وجه العراق مؤقتًا، وسيندمون. وسط ذلك كلّه وأكثر منه، ظهرت القدس.. ثبّتت أقدامها فوق الصخور.. استعادت شمسها وسط الأفول.. ثبّتت أقدامها فوق اللهيب.. واستردَّت تاريخها كي تبدأ العمر الجديد. وحدها كانت تشرب دمعها.. عاصمة عربية كلها كبرياء. تدّعي استسلامًا مزيفًا وتهاونًا مزيفًا.. لكنه الشوك حول زيتونها يجلد كل مَن يمد يده نحوها بالدمع والدماء. وحدها كانت تشرب نار أبنائها في كل مكان.. تتابع الموقف العربي المهزوم.. تطوّر الدفاع عن نفسها.. عن مجدها وتبدأ الهجوم. إنّها القدس التي شقّت طريقها وحدها، فلا أحد من بني العرب مُتفرِّغ لها.. بلا صياح ولا ضوضاء.. بلا بيانات نضال أو كفاح.. بزغت تحمل الأمل الذي كاد يحترق.. تطوي صفحات القهر واليأس.. تغسل جدرانها من أدرانها وترفع الرأس.. تمضي لتسبق وتُسابق وتستبق.. حيث الصبح يأتلق. إنها القدس تعود لتُسجِّل في اليونسكو رغم أنف زيدان وعِلَّان، تاريخًا، قديمًا، وحديثًا، من الصمود والخلود.. وتُعلن في كل محفل قريب أو بعيد أن «صبرًا حلب»، «صبرًا صنعاء»، «صبرًا الموصل»، سأعود لأضمدكم من جديد.. سأعود لتتوحَّد من ورائي الحشود. لا حلم هنا ينهار..لا حائط يسقط ولا جدار.. ستظل أسواري أعتى من كل الأسوار.. ولسوف يمضي الخائنون والمتنازلون والمتآمرون،وخلفهم غبار الذّلة والعار. إنّها القدس توزع الحلوى على الأطفال، وتنثر الزهور، وتطرد من ساحتها كل من غشّها، بالزيف والغرور.. إنّها القدس تكبر الآن، بلا ملل، ولا كلل، ولا فتور.. يسقط كل من ساهم أو صمت على طمس الموصل وحلب.. يسقط كل من لوّثوا حياتنا بالمكر والخداع والطعن والفجور. إنّها القدس تُسقط أقنعة الأفَّاقين، وتحفر فوق مبنى الأمم المتحدة شهادة ميلاد أمة، تتخلَّق من أحلام الثابتين، الصابرين، ومن دعوات وصيحات المظلومين. sherif.kandil@al-madina.com

مشاركة :