بغض النظر عن الصخب الاجتماعي الذي دار، عقب حلقة الثامنة الشهيرة للزميل داود الشريان، مع ثلاثة من مسؤولينا في وزارات مختلفة، إلا أن ردود الأفعال التي تلتها أبرزت حجم الوعي الوطني بما يجب أن يكون دفاعاً عن هيبة دولة بحجم المملكة، وتقديراً لدور الأيدي الوطنية في كافة مراحل العمل والبناء، خاصة وأن الانطباع الأول كشف عن الإفلاس الحاد للوزراء الثلاثة في معالجة الصورة النمطية السائدة بدلاً من توضيح التحديات الهائلة التي نواجهها.. وطرق معالجة سلبياتها. برأيي، فإن تصريحات محمد التويجري وخالد العرج خانها التوفيق تماماً ولا تتماشى أبداً مع رؤية 2030 الاستراتيجية التي ترسم مستقبلاً جديداً لهذا الوطن، بل أرى أنها تتعارض معها وتناقضها معنوياً في مرحلة نريد فيها تجميع وصهر الإرادات الوطنية لتحقيق الرؤية الطموحة فعلياً على الأرض. وعندما يخرج أحد المسؤولين، ويصرّح بأن المملكة كانت على وشك الإفلاس، فإنه لم يكن يدري أنه أهان الدولة العملاقة، بكل رسوخها الاقتصادي وتميّزها الهائل الذي وقف صلباً بمواجهة كافة الأزمات الاقتصادية العالمية والإقليمية، بالضبط كما أهان آخر الشعب، عندما قال إن مجمل إنتاجية الموظف السعودي لا يتجاوز ساعة واحدة يومياً، أو عندما يصف أحدهم التوسع في إنشاء الجامعات بأنه رفاهية.! الصدمة المجتمعية من كلام التويجري، والأعرج، ليس برسم صورة سلبية لنا كمواطنين وموظفين كسالى فقط، ولكن في عدم موثوقيتها وجديتها إذ اعتمدت على دراسة قديمة أجريت قبل 13 عاماً، ومُنع توزيعها لأخطائها البحثية، وخروجها عن المنهج العلمي، ولوجود خلل رئيسي في قياس متغيراتها، ولن يمحوها مجرد تراجع نائب وزير الاقتصاد والتخطيط محمد التويجري عن كلمة إفلاس أو اعترافه بأن التعبير قد خانه، ولن يقلل منها أيضاً تبريرات وزير الخدمة المدنية عن إحصائيته حول إنتاجية الموظف السعودي، لأننا سنكون في محطة مهمّة تتعلق بدور كل مؤسساتنا وهيئاتنا الرقابية ومدى صدقيتها.. خاصة وأنه لمصلحة من التشكيك في عطاء موظفينا في هذا التوقيت، ولمصلحة من.؟ مع اعترافنا بوجود تقصيرات وسلبيات بالطبع. وإذا كان الوقوع في خطأ التعميم، سقطة لا يمكن التهاون معها، إلا أننا أيضاً أمام تساؤل مشروع عن توعية القيادات الإدارية والمديرين، والمشرفين والمسؤولين عن رفع مستوى الأداء، ومعالجة الأخطاء والتقصير.. وهو ما لم يوضحه الوزيران العرج والتويجري. برأيي فإن مثل هذه التصريحات الاستفزازية، هي ما ينبغي على كل مسؤولينا التخلص منها، وإدراك أنهم أنفسهم يتحملون المسؤولية بالدرجة الأولى سياسياً ومعنوياً، عملية نشر الإحباط ولو عن غير قصد مشكلة حقيقية تحتاج لمن يرد الاعتبار للدولة أولاً، وللمواطن ثانياً، ولا يكفي معها مجرد اعتذار شكلي لن يعالج آثارها السلبية في كل الأحوال.
مشاركة :