المناهج الوطنية الموحدة خطوة أساسية لتجديد الفكر قبل الخطاب بقلم: أحمد حافظ

  • 10/31/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

المناهج الوطنية الموحدة خطوة أساسية لتجديد الفكر قبل الخطاب إصلاح المناهج التعليمية وتنقيتها من مختلف الشوائب غير العلمية التي تثير الالتباس لدى الطالب، أمر كفيل بالدفع نحو تطوير الخطاب الديني الذي من شأنه أن يحصّن ضد التطرف، ويحمي الأجيال القادمة من آفة الإرهاب. العربأحمد حافظ [نُشرفي2016/10/31، العدد: 10441، ص(13)] الحل يكمن في مراجعة التراث الديني الذي يدرس في الأزهر بشكل كامل أفضى الصخب حول تجديد الخطاب الديني، إلى الدخول في حلقة مفرغة حتى الآن، فلا الخطاب تجدد، ولا الإرهاب توقف، ولا العقل أصبح أكثر انفتاحا، بل ازداد الانغلاق، وتصاعد العنف، واشتد التطرف، بين عدد كبير من الخريجين في الكثير من الجامعات العربية. هنا بدأ البعض من الخبراء يقترحون ضرورة تعديل الدفة، ووضع الحصان أمام العربة، بحيث يتم التوافق حول ضرورة أن تكون هناك مناهج وطنية في التعليم العام، تخلو من أي علاقة بثوابت أو موروثات أو قضايا لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالدين، ومهما كان هذا الدين. وأصبح إصلاح الخطاب الديني وفق تقديرات بعض الخبراء، فكرة متكلسة، ويقترح أصحاب هذا الرأي، أن يكون التجديد مبنيّا على عدة أعمدة، أولها أن تكون المناهج الدراسية عصرية، وعلى أسس علمية بحتة تتواكب والتطورات الحالية. كما أن التنقيح، من وجهة النظر الداعمة لهذا التوجه، لا يعني إلغاء مادة التربية الدينية، التي يجب أن تكون مقتصرة على مرحلة التعليم الأساسي، فمن المطلوب أن يلم كل طالب بأسس دينه حتى يتعلم المبادئ والقواعد الأساسية. الباحث التربوي والخبير في المناهج العربية، خالد الجبالي، اعتبر أن وصف “المناهج الوطنية” لا يعني تجاهل الأمور الدينية والقرآن في العملية التعليمية أو التقليل من قيمته في المرحلة الأساسية، لكن ذلك يعني أن تكون هناك ثورة على إقحام الدين في كل ما يتعلق بالمناهج العلمية. وأضاف لـ”العرب” أن الدين، سواء كان قرآنا أو حديثا، يجب أن يقتصر الهدف منه على نواح بعينها، بحيث يكون الدين جزءا منفصلا في منهج معيّن، مثل اللغة العربية والتربية الدينية، وليس منتشرا في كل المناهج. وأشار إلى أن الأخطر من تأسيس مناهج التعليم العام على أسس دينية بحتة، أنه يتم إقحام مسائل دينية مازالت موضع خلاف بين الفقهاء والمذاهب، وتحوي الكتب فتاوى ورؤى وأحاديث تحمل وجهة نظر أحادية، فترى هناك تحريم قطعي للغناء والموسيقى والرقص، ومؤسسات الدولة نفسها تقيم حفلات غناء ورقص. وإذا تم التعامل مع المناهج وفق أدبيات وطنية علمية وعصريّة بعيدة عن الدين والتدين، فسنتمكن من تحرير العقول كبداية أولى للتنقيح والتجديد. الخطوة الثانية، أن يتم ذلك بعيدا عن المؤسسات الدينية، لأن مجرد الاستعانة بها، كما هو حاصل الآن في مصر، يعد إقرارا بالمبدأ والمنهج الديني، كما أن مادة واحدة تحمل اسم “الثقافة الإسلامية” تفي بالغرض، ولا حاجة لأن يكون الدين حالة رهاب. الوصول إلى حل وسطي توافقي هو السبيل الوحيد للبدء في تأسيس منهج وطني يراعي العصر، ويجعل الدين مفردة منفصلة في التعليم ثمة عقبات تقف في هذا الطريق، أولها استعدادات الدول العربية للتأقلم مع متطلبات العصر، ووجود نخب مازالت أسيرة للفكرة الدينية حتى لو كانت من غير المتشددين ظاهريا، علاوة على أن هناك بعض الدول لديها جامعات ومدارس تدرّس مناهج دينية بحتة، على غرار المعاهد والمدارس في مصر وتونس والسعودية وغيرها، فإما أن يتم الإلغاء، وهذا صعب للغاية، وإما أن يتم تكييفها مع روح العصر وفقا لأسس علمية، وربما ذلك يكون أصعب من الإلغاء، إذا ظلت العقول المتحجرة هي المسؤولة عن التطوير. هذه الصعوبات يفنّدها محمد سيد أحمد، عميد معهد أزهري بمحافظة البحيرة، شمال القاهرة، بقوله إن التعليم الأزهري أصبح جزءا لا يتجزأ من الهوية المصرية، وأن إلغاءه أو مدنيته يعني التلاعب بالهوية، والحل الوحيد أن تتم مراجعة التراث الديني الذي يدرّس في الأزهر بشكل كامل، والمهم ألا تقتصر المراجعة على الأزهريين وحدهم. وأضاف لـ“العرب” أن “الإصلاح في التعليم الديني يقتضي إعادة المعارف إلى أصولها”، فكل ما لم ينبثق عن القرآن أو السُنّة علينا أن نجعله موقع نقد ونظر ويمكن حذفه، وكل ما من شأنه أن يتعارض مع السماحة والوسطية والاعتدال وتحوم حوله الشكوك، بالتشدد أو التطرف، يتم إلغاؤه فورا. ولم ينكر سيد أحمد وجود عقليات داخل المؤسسات الدينية وخارجها، تنظر إلى المناهج الحالية وكأنها “قرآن ممنوع الاقتراب منه”، وهؤلاء يمثلون عقبة حقيقية ضد اتخاذ المزيد من الخطوات الجريئة نحو إصلاح المناهج عموما، لتواكب العصر. إذا كان طريق المنهج الوطني مليئا بالأشواك، والاستغناء عن المنهج الديني أو تحجيمه في إطار بعينه، حافلا بالأزمات، فإن الوصول إلى حل وسطي توافقي هو السبيل الوحيد للبدء في تأسيس منهج وطني يراعي العصر، ويجعل الدين مفردة منفصلة في التعليم، لا حاكمة لكل المناهج. هنا يطرح البعض حلا لهذه الإشكالية بأن يقتصر التعليم الأزهري على علوم الدين كالشريعة والفقه، والتخلي عن تدريس المناهج العلمية على أسس دينية، وفي مدارس التعليم العام يحصل كل الطلاب علي المعارف الدينية العامة، وبغيرها من الأديان، بحيث تكون لدى الطالب (المسلم أو المسيحي) معرفة بدينه وبأديان الآخرين، وإبعاد الرجعيين والمتشددين والسلفيين عن تدريس التربية الدينية بالمدارس. لكن قبل هذه الخطوة، يرى محب الرافعي وزير التربية والتعليم المصري سابقا، ضرورة أن يتم حذف كل ما من شأنه الحض على العنف والتطرف والتشدد وإلغاء الآخر، سواء في مناهج التعليم العام أو الأزهر، وأن تكون الآيات القرآنية والأحاديث النبوية للتعلم فقط، وليس الإجبار على حفظها ما قد يخلق كراهية من الطالب للمدرسة والدين نفسه. وأوضح لـ“العرب” أن يتم إقصاء كل ما هو ديني عن المناهج العلمية وحتى التاريخية، مع دراسة التاريخ الإسلامي والقبطي معا لإحداث توازن وعدم التلميح للعنصرية بتدريس تاريخ الإسلام فقط، على أن تكون بجوار الآيات القرآنية قطع من الإنجيل في مادة التربية الدينية ليتعلم الطالب أسس دينه، وليس أن يدرس الدين كمنهج تربوي عام حاكم للمدرسة. أما فكرة المناهج الوطنية، في نظر محب الرافعي، فإنها توصيف “واسع المدى” يجب أن يدور في نطاق ضيق يتمحور حول أن تخاطب المناهج عامة هذا العصر وألا تخاطب الماضي، وتركّز على المواطنة والتسامح، وتنمي قيمة العلوم والحداثة وتضع الدين في محله، بحيث لا يخرج عن اللغة العربية والتربية الدينية. ومن المهم، أن يقتصر دور الأزهر في ما يخص المنهج الديني أو العربي، على مراجعة النصوص القرآنية والأحاديث النبوية فقط، دون أن يتدخل في عملية وضعها. وفي حال حدث ذلك، ستكون المناهج وطنية تربوية والمدرسة نفسها ديمقراطية، ما يعلّم الطلاب الأسلوب الراقي في الحياة والتفكير، والتكافل الاجتماعي، والعدالة وحرية الاعتقاد، وإقامة علاقات إنسانية تتسم بالأخذ والعطاء، وتغليب العقل والخبرة في مجابهة وحل المشكلات. وبالتالي تخرج المدرسة الوطنية، أو الديمقراطية، مواطنين ناضجين يمتلكون مهارات عصريّة، مثل الاتصال الفعّال، والكفاءة المدنية، والتفكير التحليلي، والقدرة على حلّ المشكلات والإبداع، ومعاداة التمييز والتطرف. :: اقرأ أيضاً تفخيخ ديموغرافي يستهدف العرب السنة

مشاركة :