انقسام في مصر حول جدوى حذف الأحداث السياسية من المناهج التعليمية بقلم: أحمد حافظ

  • 7/4/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

إقصاء السياسة من المناهج الجديدة يشمل حذف الدروس التي تتحدث عن الإخوان وجرائمهم في حق الشعب ومقدمات اندلاع ثورتي يناير ويونيو.العرب أحمد حافظ [نُشر في 2017/07/04، العدد: 10681، ص(17)]فصل السياسة عن التعليم لصون الرسالة التربوية القاهرة - أثار قرار الحكومة المصرية إلغاء الدروس التي تتحدث عن ثورتي 25 يناير و30 يونيو من المناهج الدراسية للطلاب بالمدارس بدءًا من العام الدراسي المقبل الجدل حول مدى التدخل المسموح به للحكومة في حقائق التاريخ، سواء بالحذف أو بالإضافة أو بالتلاعب والتحريف أحيانًا. وانقسمت الآراء بين معارض لما تتخذه الحكومة من قرارات بشأن إلغاء الدروس التي تتحدث عن ثورتي 25 يناير و30 يونيو ومؤيد لها، إلا أنه يكاد يكون هناك اتفاق على أن التعامل ببساطة مع الحقائق التاريخية يمكن أن يتسبب في ارتباك شديد لدى الطلاب. وشدد المعارضون لهذا التدخل على أن الدولة ليس من حقها ابتسار حقائق التاريخ، أو التدخل السافر بذريعة ما تسميه “حماية عقول النشء”، وأن عليها الالتزام بعرض الحوادث كما هي بعيدًا عن التوجيهات السياسية أو الأمنية بحثًا عن مصالح ضيقة. وأشاروا إلى أن الصغار عندما يكبرون سوف يكتشفون هذا التلاعب، ما يؤدي إلى فقدانهم الثقة في أي قرارات أو سياسات تتخذها حكوماتهم في ما بعد، ومن ثمة لا يتفاعلون معها فتفشل خططها في المستقبل. ولفت هؤلاء إلى قضية أخطر، وهي أن الطالب من الممكن أن يفقد انتماءه الوطني إلى الدولة التي يعيش فيها نتيجة لهذا الزيغ الفكري والذهني الناتج عن التلاعب بالتاريخ في المناهج الدراسية، وطرح الحكومات المختلفة تاريخًا آخر كتبته “بمزاجها”. على جانب آخر، رأى مؤيدو قرار حذف الثورتين من الكتب الدراسية أنه من الضروري فصل التعليم عن السياسة وأن ذلك في صالح الطلاب أنفسهم. وأكدوا أن إبعاد المناهج التعليمية عن الدخول في معترك السياسة يجنب الأجيال الجديدة استقطابهم من جانب أي فصيل أو تيار مؤيد أو معارض، لا سيما أن هناك فئات ما زالت تعارض الثورتين وتتعاطف مع الحكام السابقين، مثل رجال حسني مبارك ومؤيدي محمد مرسي. وأشار طارق نورالدين الخبير التربوي لـ“العرب” إلى أن حذف النواحي السياسية من المناهج، مهما كان نوعها، يضمن حياد التعليم المصري عن دعم السلطة، ولا يمكن أن تكون الكتب الدراسية هي الفيصل بين التيارات السياسية عند التطرق إلى فترات حكم الرؤساء السابقين وأسباب ترك المنصب. تسييس المناهج الدراسية ظل أحد تجليّات التعليم المصري طوال السنوات الماضية، حيث تم توظيف الحديث عن الحكام في الكثير منها وفقا لطبيعة النظام السياسي.قرار إدراج الثورتين في المناهج الدراسية كان خطأ لأن تأريخ أي ثورة يجب أن يكون بعد مرورها بنحو 20 عاما ليكون علميا وكانت المناهج مكتظة بالهجوم على الفترة الملكية السابقة لثورة 23 يوليو 1952 في عهد الرئيس المصري جمال عبدالناصر، وفي عهد خلفه أنور السادات امتلأت المناهج بالنيل من فترة سلفه، وعندما جاء حكم الإخوان 2012 حملت المناهج طابعا إسلاميا، بينما حين سقطوا جرى حذف ذلك وحفلت المناهج التعليمية بموضوعات نالت منهم. وفي امتحان مادة التاريخ للثانوية العامة، الخميس الماضي، كان أحد الأسئلة كالتالي: “ماذا لو لم يُلق السيسي خطاب 24 يونيو 2013؟”، وهو الخطاب الذي حذر فيه عبدالفتاح السيسي الرئيس الإخواني محمد مرسي من مغبة تصرفاته الخاطئة. وتحتم الإجابة على الطالب مهما كان انتماؤه السياسي أن يمتدح بيان السيسي وتحرك الجيش نحو عزل مرسي والقضاء على حكم الإخوان، وهو ما أثار الشكوك حول إمكانية وجود معلمين لهم توجهات داعمة للإخوان من الممكن أن يقوموا بتصحيح السؤال، الأمر الذي تترتب عليه خسارة الطالب الداعم للسيسي كل الدرجات، والعكس صحيح. ويشمل إقصاء السياسة من المناهج الجديدة حذف الدروس التي تتحدث عن الإخوان وجرائمهم في حق الشعب ومقدمات اندلاع ثورتي يناير ويونيو، فضلا عن منع التطرق، سلبًا أو إيجابًا، إلى حكام مصر السابقين الذين ما زالوا على قيد الحياة، وهم حسني مبارك وعدلي منصور ومحمد مرسي والرئيس الحالي السيسي. وأكد مصدر في وزارة التربية والتعليم لـ”العرب” أن المناهج الدراسية الجديدة لن تتطرق إلى السياسة من قريب أو من بعيد، لأن هناك دروسًا تزيد الانقسام في الشارع وتوظف بشكل سياسي حتى أن المعلمين يحرفونها وفقا لميولهم السياسية. وأضاف أنه سوف يتم التركيز فقط على الأحداث التاريخية، مثل حرب أكتوبر 1973 والصراع العربي الإسرائيلي والنهضة الأوروبية ودور مصر في مساندة القضية الفلسطينية، دون التطرق إلى أشخاص الرؤساء والمؤسسات مثل الجيش، حتى لا توظف المناهج لمجاملة رئيس بعينه أو الانتقام من آخر. ورأى مراقبون أن فصل السياسة عن التعليم توجه إيجابي من جانب الحكومة، لكنه لن يساعد على إعادة الثقة بين النظام والشارع، وأن هذا التوجه يأتي في وقت حرج تشعر فيه بعض الفئات بالمجتمع أن الأمور السياسية وطريقة إدارة المؤسسات نسخة مصغّرة مما كان يحدث قبل ثورة 25 يناير 2011 إبان حكم مبارك، من حيث الاعتماد على الأمن واتباع سياسات تثير غضب الأكثرية. وذهب معارضون لفكرة حذف الثورتين من المناهج الدراسية إلى أن ذلك التوجه يتعارض مع نصوص الدستور المصري الذي استفتى عليه المواطنون عام 2014 وأقرت ديباجته بهاتين الثورتين ومجّدتهما. وقال ممدوح قدري مستشار وزير التربية والتعليم لـ”العرب” “إن قرار إدراج الثورتين بالمناهج الدراسية كان خطأ كبيرا، لأن تأريخ أي ثورة يجب أن يكون بعد مرورها بنحو 20 عامًا ليكون ذلك بشكل علمي دون تحيز لأي طرف، كما أن نتائج الثورة بعد هذه الفترة تتضح معالمها ويختفي الخلاف حولها”.

مشاركة :