فيديو| زيارة بابا الفاتيكان للسويد تعكس رغبة في المصالحة والتسامح

  • 11/1/2016
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

قال مدير مركز الحقيقة للدراسات السياسية في مصر، إميل أمين، إن زيارة بابا الفاتيكان فرانسيس الأول للسويد للمشاركة في فعاليات ذكرى الإصلاح الكنسي تكتسب أهمية كبرى، لأنها تعكس رغبة حقيقية في المسامحة والمصالحة بين قمة العالم المسيحي، ممثلة في بابا روما، وبقية الطوائف المسيحية. وأضاف أمين، خلال حواره عبر الفقرة الإخبارية على شاشة «الغد» اليوم الإثنين، أن تصريحات البابا كشفت عن التواضع والرغبة فى الوحدة لا للانقسام والتشرذم، لافتا إلى أن خطابه كان مثيرا للإعجاب لمن يتطلعون بنهضة حقيقية في أوروبا. وأكد أمين، أن الكاثوليك والبروتستانت قبل اتفاق الجمعة الحزينة في شمال أيرلندا كانوا يتقاذفون بالأسلحة النارية، أما الآن الشق الاجتماعي أصبح ممكنا، وإن لم يكن بالضرورة التطابق في المسألة اللاهوتية، لاسيما وأن أوروبا لديها مشكلات عديدة على الأرض، لذا فالوحدة والتعايش أصبحت أمرا مطلوبا. الحبر الأعظم، الذي ارتقى الكرسي البابوي في 13 مارس/آذار 2013، صاحب تاريخ طويل في التسامح ومحاولات التقريب بين مختلف الثقافات. وعرف عنه على الصعيد الشخصي، وكذلك كقائد ديني، التواضع ودعم الحركات الإنسانية والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية وتشجيع الحوار والتواصل بين مختلف الخلفيات والثقافات. بعد انتخابه حبرًا أعظم، ألغى الكثير من التشريعات المتعلقة بالبابوية على سبيل المثال أقام في بيت القديسة مرثا، وليس في المقر الرسمي في القصر الرسولي، ووصف بكونه البابا القادر على إحداث تغييرات. وفي العام 1992، عندما تولى رئاسة أبراشية بيونس آيرس، علا نجمه كصاحب خطوات إصلاحية إذ استحدث عددًا من المضافات والمباني الكنسية والمكاتب الإدارية والإرشادية، وعرف كرجل منفتح، يتقبل كل الآراء، ويدعم الحوار، ويسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية. زاد البابا من حضور الكنيسة في المشهد العام، وزاد من مساهمات الكهنة والرهبان والراهبات في العمل المدني، وأطلق تصريحات تؤيد زواج رجال الدين، ووصف الكهنة الذين يرفضون عماد الأطفال المولودين من غير الزواج بـالمنافقين، كما بدا مساهمًا بشكل قوي في الحوار المسكوني ولاهوت التحرير، وكان من طالبي دعوى تقديس الشهداء اليسوعين في السلفادور عام 2005، ومنذ تلك المرحلة كان البابا يحتفل برتبة خميس الأسرار، حيث تشمل الرتبة استذكار غسل المسيح لأرجل تلاميذه، في السجون أو المستشفيات أو دور رعاية الفقراء أو سواها من ميادين العمل الاجتماعي، وهي العادة التي حافظ عليها بعد انتخابه بابا، حين زار سجنًا للأحداث وغسل أقدام 12 سجينًا أعمارهم بين 14 21 سنة بينهم فتاتان، وهو حدث هو الأول من نوعه، إذ لم يمارس أي بابا من قبل غسل أقدام النساء، أو غير كاثوليك في إطار هذا الطقس،إذ إنّ اثنين من المسلمين منهم إحدى الفتيات كانوا من ضمن الاحتفال. خلال كونه أسقفًا أيضًا، أظهر البابا اهتمامًا واضحًا بطقوس الكنائس الشرقية فاهمًا ليتورجيتها بشكل جيد، وعرف عن صداقته للجالية اللبنانية. في عام 2007 بعد يومين فقط من مرسوم البابا بنديكت السادس عشر بالإمكان بالاحتفال بالقداس الإلهي وفق قواعد مجمع ترنت،أي دون إصلاحات المجمع الفاتيكاني الثاني، أساسًا بإمكانية التوجه نحو الشرق والتلاوة باللغة اللاتينية، كان فرنسيس أحد أوائل الأساقفة في العالم يقوم بالأمر، ومن ثم خصص يومًا في الأسبوع للاحتفال بالقداس وفق صيغة ما قبل المجمع الفاتيكاني الثاني. في ديسمبر/كانون الاول 2011، حين بلغ فرنسيس من العمر 75 عامًا، قدّم استقالته للبابا بنديكت السادس عشر، غير أن البابا رفض الاستقالة. وفور تجليسه على المقعد البابوي، اعتبرت الصحافة الإيطالية انتخاب البابا فرنسيس ثورة في تاريخ الكنيسة، في حين شهدت مسقط رأسه الأرجنتين احتفالات صاخبة، بينما اعتبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما أنه يحمل رسالة المحبة التي ألهمت العالم منذ أكثر من ألفي عام، والتي نرى من خلالها وجه الله. وبشكل عام فقد رحبت جميع دول العالم التي تتبادل التثميل الدبلوماسي والعلاقات مع الفاتيكان بانتخابه، وكذلك رؤساء الطوائف المسيحية الأخرى، فيما وصف بكونه «ترحيب دولي واسع». في حين اعتبرت صحيفة الجارديان، أن وجه البابا فرنسيس «غطى أغلفة الأغلبية الساحقة من صحف العالم». وكسر البابا فرنسيس، الذي ولد في 1936 باسم باسم خورخي ماريو بيرجوليو، القواعد الجامدة المعروفة عن اعتكاف رجال الدين وقصر نشاطهم على العبادة، إذ راح يشارك في صنع الاحداث ويتفاعل مع المتغيرات العالمية. ففي 16 أبريل/ نيسان 2016، توجه لزيارة جزيرة ليسبوس اليونانية، لتفقد اللاجئين السوريين، في إطار إعادة تأكيده على تضامنه مع اللاجئين. وقال البابا، وقتها، إن رحلته مختلفة قليلا عن الرحلات الأخرى، مؤكدًا على مواجهة أسوأ كارثة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية. وزار البابا مركز موريا لتسجيل اللاجئين، المخيم الواقع وسط تلال مزورعة بأشجار الزيتون، ويضم نحو 3 آلاف مهاجر يقيمون في ظروف سيئة، كما ذكرت المنظمات الانسانية التي تعمل هناك. والتقى هناك أطفالًا مهاجرين غير مصحوبين بذويهم، قبل أن يقف دقيقة صمت حدادا على أرواح من هلكوا أثناء عبور البحر المتوسط بحثًا عن حياة أفضل. كما استقبل البابا بمقر الفاتيكان، شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، في مايو/أيار الماضي، في لقاء وصفه المتحدث باسم البابا بالودي جدا، استغرق نصف ساعة وتم خلاله التطرق إلى السلام في العالم ونبذ العنف والإرهاب ووضع المسيحيين في إطار النزاعات والتوترات في الشرق الأوسط. واعتبر مراقبون، أن اللقاء التاريخي بين رجلي الدين الأشهر، مثّل فرصة لمصالحة بين المؤسستين الدينيتين بعد عشر سنوات من التوتر على خلفية تصريحات للبابا السابق بنديكت السادس عشر ربطت بين العنف والإسلام. وفي 14 أغسطس/آب من العام الجاري، التقى البابا 20 امرأة تم إنقاذهن من البغاء القسري، وذلك ضمن زياراته الخاصة التي يقوم بها في كل شهر بمناسبة يوبيل الرحمة. ووصفت زيارته بانها دعوة للضمير لمكافحة الإتجار بالبشر. وفي الرابع من شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أجرى البابا زيارة مفاجئة إلى المناطق المتضررة جراء الزلزال العنيف الذي ضرب وسط إيطاليا في شهر أغسطس/آب الماضي. وبدأ جولته بزيارة مدرسة، ثم تفقد المنطقة الأكثر تضررا بالمدينة. واليوم، بعد 5 قرون من القطيعة، يسعى البابا لتوحيد المسيحيين من خلال أول لقاء يضم اللوثريين والكاثوليك للاحتفال بمرور 500 عاماً على ما يسمى بالإصلاح البروتستانتي، الذي تمرد خلال الراهب الألماني مارتين لوثر، على الكنيسة الكاثوليكية.  من جهتها رحبت رئيسة الكنيسة السويدية انتيي ياكلين، بهذه الخطوة التي أسمتها بالتاريخية، قائلة، إن هذا قد يوحد الكنائس رغم اختلافاتهم، وقد ينتج عن ذلك إلقاء خطط مستقبلية، تهدف إلى تقوية دور الكنائس في المساهمة بالحلول السلمية العالمية، ولعب دور في بسط العدالة والتصالح بين الأطراف المتنازعة. وقبل 500 سنة أثارت القطيعة بين مارتن لوثر والكنيسة الكاثوليكية انقسامًا، أدى إلى حروب طائفية وخصوصًا في أوروبا.

مشاركة :