عادت المواقع التراثية العراقية التي سبق وتعرضت لحملة تدمير من تنظيم الدولة إلى واجهة الخطر مجددا في سياق المعارك الجارية حاليا لطرد المسلحين من آخر معاقلهم في شمال البلاد. وأقدم تنظيم الدولة على تخريب متحف الموصل بعد دخوله إلى المدينة في العام 2014، وهاجم مواقع عدة بينها مدينتا الحضر ونمرود الأثريتان ونشر أشرطة فيديو على الإنترنت متفاخرا بعمليات التدمير. وتحاصر القوات العراقية حاليا مدينة الموصل، آخر معاقل المقاتلين في البلاد، لكن مسؤولين أشاروا إلى أن تنظيم الدولة نشر مسلحين له داخل أو قرب مواقع أثرية، ما يجعلها عرضة لمزيد من الدمار في المعارك المقبلة. وفي هذا الإطار، قال المتحدث باسم قوات الحشد الشعبي: إن «معلوماتنا تشير إلى أن التنظيم لديه تواجد في المواقع الأثرية» ويستخدمها «كمقرات لأفراده». وأنشأ تنظيم الدولة معسكرا تدريبيا في مدينة الحضر الأثرية المدرجة على لائحة اليونسكو للتراث العالمي، وما زال لديه مقاتلون متواجدون فيه، بحسب قائمقام المنطقة علي صالح ماضي. وفي نمرود، أقدم تنظيم الدولة على تفخيخ مبان وقام بتفجير الموقع، لكن المسلحين ما زالوا متواجدين على مقربة من المكان، وفق ما أفاد مدير الناحية أحمد الجبوري. ولم يتسن تأكيد عدد مقاتلي التنظيم المنتشرين في المواقع الأثرية من مصدر مستقل. وعندما انطلقت عملية استعادة الموصل في السابع عشر من أكتوبر، دعت رئيسة منظمة اليونسكو جميع أطراف النزاع إلى حماية المواقع الأثرية. وقالت إيرينا بوكوفا: «أدعو جميع المشاركين في العمل العسكري إلى حماية التراث الثقافي والامتناع عن أي استخدام عسكري أو استهداف للمواقع الثقافية والأثرية». وأعلنت اليونسكو ووزارة الثقافة العراقية أنهما وزعتا قوائم بالمواقع الأثرية وإحداثياتها الجغرافية على الأطراف الرئيسية في النزاع. والحضر ونمرود مدرجتان على لائحة اليونسكو للتراث العالمي، على غرار أكثر من 70 موقعا آخر في محافظة نينوى. وأوضح وكيل وزارة الثقافة لشؤون الآثار والتراث قيس حسين رشيد لوكالة «فرانس برس» أن القائمة التي وزعتها الوزارة تحدد المواقع التي يتواجد فيها تنظيم الدولة، مشيراً إلى أن «داعش يضع الأسلحة وفي بعض الأحيان يدرب مقاتليه في المناطق الأثرية». ويمكن لتلك القوائم أن تساعد في الحد من الضربات الجوية في المناطق الحساسة ودفع القوات البرية إلى ممارسة ضبط النفس، لكنها غير قادرة على كبح تنظيم الدولة. ومنذ سيطرتهم على أراض في العراق في العام 2014، شرع المسلحون في ممارسة عمليات تدمير ممنهجة ومهولة، معتبرين أن الآثار أصنام تخالف الشريعة. لكن العديد من الخبراء يعتبرون أن تنظيم الدولة روج لهجماته على التراث الثقافي العراقي لأغراض دعائية، مشيرين إلى أن التنظيم سرق وباع بعض القطع الأثرية التي يعتقد أنها أحد مصادر تمويل عملياته.;
مشاركة :