يسعى مسرع الجزيئيات الأقوى في العالم "سبيرال 12"، الذي يدشن الخميس المقبل في كان (شمال غربي فرنسا)، إلى الغوص في خصوصيات المادة وجذورها. منذ قرن من الزمن يدرس علماء نواة الذرة، إلا أن لغزاً كبيراً لا يزال يلف تشكلها والقوى التي تتحكم بها وهندستها. وستكون مهمة "سبيرال 12"، وهو مسرع يبلغ طوله 40 متراً تقريباً ومطمور على عمق 10 أمتار تحت الأرض، كشف هذه الأسرار. كلّفت هذه المنشأة 138 مليون يورو وستكون قادرة على إنتاج حزمات فريدة من نوعها في العالم من حيث تركزها بالجزيئيات من أجل التوصل إلى نوى "غريبة"، أي نوى غير مستقرة أتت وليدة نجوم وهي غير متوافرة على الأرض. وأوضح المكلف البحث في المركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا، جان شارل توماس: "نسعى إلى أن نفهم كيف أنه تحت تأثير الحرارة القصوى للنجوم، تنتج هذه العناصر التي تشكل الطاقة". وتصبح هذه النوى "الغريبة" بتحولها عن طريق الاشعاعات، إلى ذرات مستقرة تشكل كل ما يحيط بنا. ويفيد العلماء أن ثمة ثمانية آلاف منها لكن لا يعرف منها إلان سوى ألفين و900. والهدف من ذلك فهم الكون وأصل العناصر ووفرتها على الأرض وصلب المادة. ويهدف العلماء أيضاً إلى تسهيل حصول تقدم في المجال الطبي يسمح بوضع علاجات جديدة ضد السرطان. فهذه النوى متناهية الصغر يمكن أن تنفذ إلى الورم وتقضي فقط على الجزء المريض من دون التأثير على الأنسجة السليمة. ويمكن لـ"سبيرال 12" أن توفر ابتكارات جديدة في مجال الطاقة النووية من خلال جعل الذرة تنشطر بفضل حزمات نيوترون سريعة بدلاً من نيوترون حرارية كما هي الحال اليوم. وباشرت دول أخرى في السنوات الاخيرة بناء مسرعات لدرس هذه النوى، لا سيما في كندا وسويسرا.
مشاركة :