قال القسيس مشير عون أستاذ الفلسفة الألمانية بالجامعة اللبنانية إن قرار المملكة العربية السعودية تجريم القتال في الخارج وما تبعه من إعلان عن الجماعت الإرهابية يأتي تمهيدًا لاعتماد سياسة حضاريّة جريئة تضع التحاور الفكريّ في مرتبة الصدارة من بين أفعال الإنسان الراقية مبيناً في تصريح ل"الرياض" أن كبار أهل العلم في الإسلام يصرون على اعتبار الجهاد الأكبر تهذيبًا للأخلاق وارتقاءً للكيان الإنسانيّ إلى مرتبة الاكتمال، ولذلك كان لا بدّ للسلطات السياسيّة في البلدان الإسلاميّة من توجيه العقول الفتيّة نحو الاعتدال والتسامح ونبذ التفرقة بين أهل الدين الإسلاميّ، وينضاف إلى هذا كلّه أمرٌ خطير ينبغي للمملكة العربيّة السعوديّة أن تشمّر له، وهي التي عنيتُ به في سبيل النهوض بالمجتمعات العربيّة والإسلاميّة من حال التقهقر والانتكاس والتعصّب والتبعيّة.وأضاف بأن للمملكة أثرٌ معنويّ كبيرٌ ينبغي أن تستثمره في إحياء العقل الإنسانيّ، فالإنسانيّة في الزمن الحاضر باتت لا تقبل بمثل هذا الانغلاق القاتل في الهويّات الذاتيّة والجماعيّة التي تمارسها هذه المجموعات الإرهابية، وليس لأحد على الأرض أن يلغي أحدًا في ظلّ شرعية كونيّة أفرجت عنها أرقى عقول الناس في محفل الأمم المتّحدة، إلّا وهي شرعية حقوق الإنسان. وأفاد بأنه قد ولّى زمنُ الدعوة الإكراهيّة والاستعلاء المستكبر والاستعمار المقيت، وأضحت شعوبُ الأرض أكثر رغبةً في التسالم والتحاور، وطالما أنّ مسؤوليّة الأمم الكبيرة أخطر من مسؤوليّة الأمم الصغيرة، وطالما أنّ المملكة العربيّة السعوديّة هي من الأمم الكبيرة في العالم العربيّ والإسلاميّ، فالواجب الملقى على عاتقها عظيمٌ في هذا الزمن العربيّ الرديء، ولذلك يناط بها واجبٌ حضاريّ ينبغي لها به أن تتجاوز انغلاقات المشهد العربيّ المتفوّر وتشنّجات المذهبيّة المتفاقمة في أرجائه، وهي بالفعل تقوم بدور رائد وكبير في هذا الإطار في ظل الرؤية الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي فتح أبواباً كانت مغلقة بسبب الجهل والخوف وأغلق الأبواب الداعية إلى الفتنة والتفرق مطالباً بقية الدول العربية والإسلامية بالسير على نفس هذا المنهج. وأشار بأن إعلان وزارة الداخلية الأخير أصاب كبد الحقيقة فهذه الجماعت هي التي شوهت صورة الإسلام والمسلمين، وتبرؤ المملكة منها سيغير الصورة الذهنية السلبية لدى البعض جرّاء ممارسات هؤلاء الإرهابيين الذي أحرقوا الأرض وقتلوا النساء والأطفال والشيوخ.
مشاركة :