قبرص لا تلتفت للفوران الشعبي وتتمسك بـ «التقشف الأوروبية»

  • 3/15/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بعد عام من تفجر الأزمة المالية التي هزت قبرص، ما زالت الحكومة القبرصية مصرة بشكل كبير على تنفيذ خطة التقشف، رغم أن التكيف مع الوضع لا يزال صعبا بسبب البطالة والغضب الشعبي العارم من تسريح الموظفين وشطب الوظائف، بعد سنوات من الاقتصاد المزدهر. ويقول أكيس كوروزيدس (45 عاما) المدير السابق في أحد المصارف والعاطل عن العمل منذ أشهر، "إنه لا يزال يبحث عن عمل منذ اليوم الأول الذي ترك فيه المصرف وهو يعتقد أن سوق العمل شبه ميتة". ووفقاً لـ "الفرنسية"، فقد حصلت قبرص التي كانت على شفير الإفلاس بسبب انكشاف مصارفها بشكل كبير أمام الديون اليونانية، في 16 آذار (مارس) 2013 على قرض بقيمة عشرة مليارات يورو في إطار خطة إنقاذ أوروبية، وقد تسلمت حتى الآن نصف هذا المبلغ تقريبا. في المقابل، اضطرت الحكومة للقيام باقتطاعات صارمة من الموازنة والقيام بعمليات خصخصة، خصوصا تصفية ثاني أكبر مصارف البلاد "لايكي" وإعادة هيكلة المصرف الأول "بنك أوف سايبرس"، ما ألحق بالمودعين خسائر تراوح بين 47.5 و100 في المائة من مدخراتهم التي تفوق الـ 100 ألف يورو. وفي مطلع آذار (مارس) أبلغت الهيئات الثلاث المانحة لقبرص (الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي) الجزيرة المتوسطية بأنها على الطريق الصحيح مع تراجع الركود الذي سجل 6 في المائة في 2013، نقطتين عن التوقعات، ما أتاح صرف الشريحة الثانية من المساعدة التي تبلغ قيمتها 236 مليون يورو. لكن وفي ظل شلل الاقتصاد، تواصل البطالة الارتفاع وانتقلت من 11.8 في المائة في 2012 إلى 16.2 في المائة في الربع الثالث من 2013 (38.5 في المائة لمن تقل أعمارهم عن 35 عاما)، ومن المتوقع أن ترتفع النسبة العامة للبطالة إلى 19 في المائة، ورغم أنها لا تزال بعيدة عن جارتها اليونان التي تجاوزت فيها هذه النسبة 27 في المائة، لكنه لا يزال من الصعب تقبلها في مجتمع كانت فيه فكرة البطالة حتى 2008 غير مطروحة فعلا، إذ كانت تراوح 4 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي الذي كان في تحسن شبه متواصل منذ 40 عاما. ما جعل أندرياس كريستو مسؤول خدمات التوظيف في وزارة العمل يؤكد أنهم لم يواجهوا أبدا مثل هذا الوضع، كما أنه لا يتوقع أي تحسن ممكن في المستقبل القريب، مضيفاً أن الخريجين من الشباب هم القسم الأكبر من المشكلة بالنظر للشريحة العمرية. وتعد المصارف هي القطاعات الأكثر تضررا حيث فقدت 2000 وظيفة من أصل 11500 بحسب نقابة المصارف، وكذلك قطاع التجارة كما تدل على ذلك عشرات المتاجر الفارغة على جادة ماكاريوس التي كانت تعج بالنشاط في وسط نيقوسيا. واعتبرت كاليوبي أجابيو جوزيفيدس أستاذة العلوم السياسية والاجتماعية في جامعة نيقوسيا أن المجتمع القبرصي لا يزال إلى اليوم تحت وقع الصدمة، فقد كنا نثق بنموذج اقتصادي وديموقراطي يتقدم بشكل منتظم ولم يخطر على بالنا أبدا أن الوضع سينقلب على هذا النحو، مشددة على أن جيل الشباب الأكثر تعلما الذي استفاد من الاقتصاد المزدهر هو من سيدفع الثمن الأكبر. واعتبر كريستو أن قسما كبيرا من هؤلاء الشباب باتوا يختارون السفر للخارج بعد التخرج ويحاولون تأخير عودتهم للجزيرة إلى أقصى حد من خلال التدرج أو مواصلة الدراسة لفترة أطول مما كان مقررا، وهناك قسم آخر يفضل الهجرة ما يشكل هجرة للأدمغة لم يتم تقييم تأثيرها رسميا بعد، لكنها كبيرة كما سيتبين على الأرجح. في المقابل، أعدت الحكومة خطة اندماج تتيح لـ 2500 متخرج اكتساب خبرة لدى شركات لمدة ستة أشهر لقاء 500 يورو شهريا، ومن المفترض أن يتم إطلاق خطة ثانية تشمل 2500 وظيفة قريبا، وعلاوة على ذلك، تم إنشاء مجالات تدريب متعلقة بمهن صناعة الغاز على أمل أن يعود احتياطي الغاز الكبير الذي تم اكتشافه قبالة سواحل الجزيرة بمداخيل كبيرة على البلاد. ويساعد التضامن الأسري المتأصل بقوة في المجتمع في التقليل من وقع الأزمة، فالأبناء يساعدون أهلهم الذين خسروا رواتبهم التقاعدية كما يهتم عدد متزايد من الجدات بالأحفاد بدلا من إرسالهم لدور الحضانة، وتقول أجابيو جوزيفيدس "إن شبكة الأمان المتمثلة في الأسرة التي لا تتخلى عن أحد تعد من مميزات المجتمع القبرصي".

مشاركة :