حرّرت القوات العراقية، أمس، مدينة حمام العليل، آخر مدينة تفصلها عن معقل تنظيم «داعش» في مدينة الموصل إلى الشمال من حمام العليل، فيما استأنفت القوات المعارك في مدينة الموصل إثر اضطرارها للتراجع جزئياً إلى مشارف المدينة، وإعادة تنظيم صفوفها بعد المقاومة الشرسة للتنظيم. وأعلن قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، أمس، عن تحرير ناحية حمام العليل بالكامل من سيطرة «داعش» ورفع العلم العراقي فوق أبنيتها الحكومية جنوب مدينة الموصل (400 كم شمال بغداد). من جهته، قال قائد عمليات الموصل، اللواء نجم الجبوري، إن هجوم أمس، على مدينة حمام العليل التي تقع على بعد نحو 15 كيلومتراً جنوب الموصل استهدف قوة تضم 70 مسلحاً على الأقل من «داعش» في المدينة الواقعة على نهر دجلة. وأضاف أن بعض المتشددين حاولوا بالفعل الهروب عبر النهر لكن البعض الآخر قاوم مقاومة شرسة، وأحبطت القوات ثلاث محاولات لتنفيذ تفجيرات بسيارات ملغومة. وأوضح للصحافيين، أن المعركة «مهمة جداً، إنها آخر مدينة أمامنا قبل الموصل». وأشار إلى أن طائرات مروحية عراقية ساندت قوات الجيش المدعوم أيضاً بمقاتلات من التحالف بقيادة الولايات المتحدة الذي يضرب أهدافاً للتنظيم في المدينة منذ أيام. إلى ذلك، قال الجبوري إن قوات الشرطة الاتحادية التي تقاتل مع الجيش في حمام العليل قتلت رجلاً وصفه بأنه شخصية بارزة في تنظيم «داعش»، ويُدعى عمار صالح أحمد أبوبكر لدى محاولته الفرار من المدينة في سيارة. وأكد الجيش العراقي، أن قوات الأمن رفعت العلم العراقي على المبنى الحكومي في المدينة. وفي حمام العليل استغل المتشددون مئات المدنيين كدروع بشرية، على الرغم من أن الجبوري قال إنه ليس من الواضح عدد السكان الباقين في المدينة. وقبل سيطرة التنظيم على المنطقة قبل أكثر من عامين كان عدد سكان حمام العليل والقرى المجاورة لها نحو 65 ألف نسمة. وقال قرويون لـ«رويترز» إن مقاتلي «داعش» أجبروا السكان على البقاء وقت تعرضهم للهجوم في حمام العليل، كما أرغموا الآلاف على السير معهم لدى تقهقرهم شمالاً على مدى الأسبوعين الماضيين كدروع بشرية لاتقاء الضربات الجوية. وذكرت الأمم المتحدة أن المتشددين اصطحبوا 1600 مدني اختطفوهم من حمام العليل إلى تلعفر غرب الموصل يوم الثلاثاء الماضي، وأخذوا 150 أسرة أخرى من تلعفر للموصل في اليوم التالي. وقالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان رافينا شامداساني، إن «داعش» أمر السكان بتسليم الصبية الذين تزيد أعمارهم عن تسع سنوات في مسعى على ما يبدو لتجنيد أطفال. ويهدف الجيش وقوات الأمن المصاحبة له في دفع الجبهة الجنوبية وصولاً للموصل للانضمام للقوات والقوات الخاصة التي دخلت المدينة من الشرق الأسبوع الماضي وسيطرت على ستة أحياء، وحفرت موطئ قدم لها في المعقل الأساس للمتشددين في العراق. في السياق، استأنفت القوات العراقية، أمس، المعارك ضد «داعش» في مدينة الموصل اثر اضطرارها للتراجع جزئياً الى مشارف المدينة. وقال المتحدث باسم قوات مكافحة الإرهاب صباح النعمان لـ«فرانس برس»، أمس، إن «قواتنا تخوض قتالاً شرساً داخل الأحياء في شرق الموصل»، وأضاف أن القتال «يجري من بيت إلى بيت». ورأى مراسل «رويترز» في قرية علي راش التي تبعد نحو سبعة كيلومترات جنوب شرق الموصل أعمدة دخان تتصاعد من الأحياء الشرقية للمدينة، أمس، ودوت أصداء الضربات الجوية والقصف المدفعي والأعيرة النارية. ودخلت القوات العراقية، أول من أمس، للمرة الأولى إلى عمق شوارع الموصل غير أنها أجبرت على التراجع جزئياً بفعل إطلاق النار الكثيف من أسلحة رشاشة ووابل القنابل من مقاتلي التنظيم. وقال أحد ضباط فرقة مكافحة الإرهاب، طالباً عدم كشف هويته «لم نكن نتوقع هذه المقاومة القوية، في كل طريق يوجد ساتر عليه دواعش وعبوات». وأضاف «كان من الأفضل أن نخرج من مكان الاشتباكات، ونضع خطة جديدة». وخسر التنظيم خلال السنة الأخيرة الكثير من المناطق التي احتلها في صيف 2014، لكن زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي حرص على حض المتطرفين المقدر عددهم بنحو 3000 إلى 5000 مقاتل داخل الموصل الخميس الماضي على الثبات والقتال، في أول رسالة له منذ نحو سنة. وفيما لم تلق دعوات المنظمات الإنسانية لفتح ممرات آمنة للمدنيين الخارجين من الموصل صدى، ارتفعت أعداد النازحين في الأيام الأخيرة. وأعلنت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، أمس، في بيان، عن «ارتفاع أعداد النازحين منذ انطلاق عمليات تحرير نينوى إلى أكثر من 29500 نازح». وأشار بيان الوزارة إلى «استقبال 9000 نازح خلال اليومين الماضيين، من مناطق قوقجلي وقراج في محافظة نينوى، وتم نقلهم إلى مخيمي حسن شام والخازر» شرق الموصل. وخاضت المنظمات الإنسانية سباقاً مع الزمن من أجل بناء مخيمات لاستيعاب النازحين في حين توقعت الأمم المتحدة نزوح أكثر من مليون شخص من المدينة بسبب المعارك. من جهته، أشاد المبعوث الخاص للرئيس الأميركي لدى التحالف بريت ماكغورك، في رسالة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بآخر التطورات العسكرية، متحدثاً عن «تقدم جديد على جميع الجبهات». وقال «مازال هناك الكثير ولكن (التقدم يسير) أسرع من المتوقع». وحذر مسؤولون أميركيون من أن معركة الموصل قد تستغرق أسابيع أو أشهراً. وتعهد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي زار خطوط الجبهة مراراً بإنزال الهزيمة بالمتطرفين بنهاية السنة.
مشاركة :