بدأ العد التنازلي للوقوف على حقيقة الدعوات إلى الاحتجاج والتظاهر في الحادي عشر من الشهر الجاري ضد القيادة المصرية. الدعواتإلىالتظاهر والاحتجاجفي 11 نوفمبر/تشرين الثانيباتتتشبهكرة لهب يتقاذفها الجميع في مصر،بالتعاطي والتأييد أو الاستنكار والتخوين، مندون أن يعلم أحد صاحب الدعوة الحقيقية أوالأهدافمن ورائهافي هذا التوقيت الحرج سياسيا واقتصاديا على الصعيد الداخلي في مصر بعد عامين من حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي،الذيأطاححكمَ"جماعة الإخوان"في 30 يونيو/حزيران2013،بعد 3 أعوام من الفوضى التي ضربت البلادفي أعقاب اندلاع ثورة يناير 2011. شكليا،نُسبت دعوات11 نوفمبرإلىواحدة من أحدث الحركات الإخوانية، التي أطلقتها الجماعة من الخارج، والتي تحمل اسم "غلابة"،مستغلة ترديالأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار التي تعانيها قطاعات واسعة من الشعب في دفعهم للخروج والتظاهر يوم 11 نوفمبر. ولجأ الداعونإلىبعض الأساليب مثل الكتابة على الجدران فيالشوارع الرئيسة والتدوين على العملات الورقية ظنا منهم أن هذههيأفضل طريقة للوصولإلى البسطاء. وهو ما دفع الأمنإلى التحذير من ترويج هذه العملات الورقية أو كتابة عبارات تحريضية عليها. وإذاكان الجواب المنطقي للسؤال عن هوية من أطلق تلك الدعوات يؤشر إلى"جماعة الإخوان"صاحبة المصلحة في العودة بالبلادإلى الفوضى،أملا في استرداد السلطة بقناعات حالمة تروج لإمكانعودة الرئيس الأسبق محمد مرسي،الذي يواجه أحكاماً قضائية بالسجن؛ يظل التساؤل الأكثر إلحاحا: ما الحجم الحقيقي لمن أطلقوا تلك الدعوات؟وهل لـ "جماعة الإخوان"المحظورة خلايا نائمة تستطيع الدفع باتجاه ثورة ثالثة؟ لا شكفيأنالأبعاد الحقيقيةللأمر لاتزالمجهولة.فـ"الإخوان"أقرت بأنها ليست صاحبة الدعوة،لكنها تدعم أي تحرك مناهض للنظام الحالي والقوى المدنية والأحزاب التي تقع على أقصى يمينالسلطةأو يسارها،بما فيها"التيار الشعبي"و"حزب الكرامة" اللذينيتزعمهماحمدين صباحي المرشح الرئاسي السابق، وأنالجماعةرفعت شعار"لا للفوضى"،ورفضت التعاطي مع تلك الدعوات.كمااستنكرتلك الدعوات أيضا"ائتلاف دعم مصر"حائز الغالبية في مجلس النواب وأحزاب"المصريين الأحرار"و"مستقبل وطن"و"الوفد"صاحبة الغالبية البرلمانية الحزبية. والطريف أن أحزابامغمورة ومنظمات مدنيةونشطاء إعلاميين لا وجود لهم في الشارع استغلوا تلك الدعوات في إعادة تسويق أنفسهم سياسياكداعمون للقيادة الحاليةوجعل صراخهم من الداعينإلىتلك التظاهرات شياطين قادرةعلى هدم الوطن،وبادلتهم أبواق"جماعة الإخوان"من الخارج الاتهامات بأن أجهزة في الدولة هي التي صنعت هذا الحدث لتمرير قرارات صعبة-فأصبحناأمام كرة من اللهب يتقاذفها الجميع. وفي كل الأحوال،لا تغيب نظرية المؤامرة عن تفاصيل هذا المشهد.فثمة تدخلات ودعمغيرمحدود من دول وقوى خارجية،في مقدمتها قطر وتركيا،تجعل من أراضيهاملاذا آمنا لدعاة الفوضى،وتفسح لهم المجال للتآمر على الدولة المصرية. أماعلى صعيد القيادةالسياسية الحالية، فيحسب لهاإعادة بناء مؤسسات الدولة الدستورية والخروج من الحالة الثورية إلى منطقة الاستقرار النسبي بإدارة واحتواء آثار اقتصادية كارثية ترتبت على تعطيل العمل والإنتاج والفساد أيضاً لسنوات. هذا،وإذاكانت القرارات الاقتصادية الأخيرة بتحرير سعر الصرف للعملات الأجنبية وتقليص دعم المواد البترولية بداية لإصلاح حقيقي وهيكلي للاقتصاد المصري،فإنقصور دور الحكومة في احتواء الآثار المترتبة على هذا الإصلاحاجتماعيا ضخَّم من حجم تلك الدعوات المجهولة. محمد سويد
مشاركة :