رفضت تركيا اليوم الإثنين، أمام سفراء دول الاتحاد الأوروبي في أنقرة، انتقادات بلدانهم لحملة التطهير الواسعة التي أعقبت محاولة الانقلاب في يوليو/ تموز، وحذرت من أن العلاقات أصبحت أكثر هشاشة، فيما يعد الاتحاد تقريرا حول مساعي أنقرة المتعثرة للانضمام إلى التكتل الأوروبي. وتصاعدت وتيرة انتقادات الاتحاد الأوروبي لتركيا في الأيام الأخيرة بعد توقيف زعيمي حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد الجمعة، وثمانية من نوابه، إضافة إلى عاملين في صحيفة «جمهورييت» المعارضة. ويأتي هذا التوتر فيما تستعد المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي، لنشر تقرير جديد الأربعاء حول أهلية تركيا للانضمام إلى الاتحاد، ويتردد أن هذا التقرير سيكون الأكثر سلبية حتى الآن. وصرح وزير الشؤون الأوروبية التركي عمر جيليك، للصحفيين بعدما استدعى سفراء دول الاتحاد الأوروبي في أنقرة، «أبلغناهم باستيائنا من المواقف التي اتخذها الاتحاد الأوروبي». وأضاف في تصريحات متلفزة، «نمر بمرحلة حساسة جدا في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي. إن معارضة تركيا في شكل دائم ليست سياسة سليمة». «عواقب واضحة» .. تسعى تركيا منذ الستينات إلى الانضمام للتكتل الأوروبي. وبدأت مفاوضات الانضمام رسميا العام 2005، لكنها تواجه تعثرا. إلا أن هذه العملية شابها الكثير من المشاكل بينها تهديد أردوغان بإعادة العمل بعقوبة الإعدام، وهي الخطوة التي يقول منتقدون في الاتحاد الأوروبي، إنها ستقضي على مساعي أنقرة للانضمام إلى الاتحاد فور البدء في تطبيقها. وبين العوائق الأخرى تقسيم جزيرة قبرص المتوسطية التي تجري محادثات بشانها في سويسرا الإثنين برئاسة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي قال، إن التوصل إلى اتفاق «بات ممكنا». وانتقد جيليك الأصوات «العنصرية» في الاتحاد الأوروبي التي دعت إلى وقف عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد بسبب حملة القمع التي أعقبت المحاولة الانقلابية. من ناحيته عبر وزير الخارجية النمسوي سيباستيان كورتس، اليوم الإثنين، عن رغبته في أن يشدد الاتحاد الأوروبي لهجته تجاه أنقرة ردا على حملة القمع الجارية، وأن يعدل عن تقديم المليارات الموعودة في حال لم تحترم هذه الدولة اتفاقها مع بروكسل حول الهجرة. وفي إطار اتفاق الاتحاد الأوروبي مع تركيا الموقع في مارس/ أذار، وعدت بروكسل بتسريع مفاوضات انضمام أنقرة وتحرير تأشيرات الدخول وتقديم ثلاثة مليارات يورو لإعادة المهاجرين الذين يصلون إلى اليونان من السواحل التركية. ودعا كورتس إلى إدراج مسألة تركيا على جدول أعمال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يرتقب عقده الإثنين المقبل، معربا عن أمله في أن يقرر المجتمعون «سياسة أوروبية مختلفة» حول هذا الموضوع. وقال لإذاعة محلية، «في السنوات الماضية، ابتعدت تركيا بشكل متزايد عن الاتحاد الأوروبي، لكن سياستنا بقيت على حالها. هذا الأمر لا يمكن أن ينجح». وذكرت صحيفة «فرانكفورتر الغيماينه تسايتنوع» أمس الأحد، أن تقرير الاتحاد الأوروبي حول تركيا، سيتحدث عن «تدهور خطير» في حرية التعبير. وأضافت، أنه سيقول، إن الإجراءات القانونية في حملة القمع التي أعقبت المحاولة الانقلابية تطبق «بشكل انتقائي وعشوائي». وفي بروكسل رفضت المفوضية الأوروبية التعليق على ما ذكرته الصحيفة. «مثل النازيين» .. اعتبر جيليك، أن الاتحاد الأوروبي لم يظهر تضامنا كافيا مع أنقرة بعد محاولة الانقلاب على الرئيس رجب طيب أردوغان، منتصف يوليو/ تموز. وقال، «من غير المقبول أن يقول بعض أصدقائنا الأوروبيين في جملة واحدة، أنهم يدعموننا ثم يقولوا تسع جمل تتضمن انتقادات». وتتهم أنقرة، الداعية فتح الله جولن، المقيم في منفاه الأمريكي، بأنه دبر محاولة الانقلاب، وتقول، إنه يدير جماعة تطلق عليها أنقرة اسم «منظمة فتح الله الإرهابية»، وتتهم أوروبا بأنها لا تفعل ما يكفي لتسليم أنصاره. وهاجم جيليك أيضا تصريحات أدلى بها وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسبلورن، لإذاعة ألمانية يشبه فيها حملة التطهير في تركيا بالأساليب النازية. ورأى أن هذه التصريحات «تعكس عدم معرفة بالتاريخ. أن معركة تركيا تذكر على العكس تماما بتلك التي خيضت ضد النازيين بعدما تسلموا الحكم». وأضاف، أنه «مقارنة مع منظمة فتح الله الإرهابية، فإن النازيين يبدون كمتدربين أو كتلاميذ مدرسة ابتدائية». واعتقلت السلطات التركية نحو 35 ألف شخص، وأقالت عشرات الآلاف بعد المحاولة الانقلابية. واعتقلت الإثنين نهاد أكدوغان، النائب في حزب الشعوب الديمقراطي، وستنظر إحدى المحاكم في مسألة اعتقاله. ولا يزال نائبان آخران في الحزب مطلوبين يقال، إنهما في بلجيكا.
مشاركة :