القاهرة: عبد الستار حتيتة قال مصدر عسكري مصري لـ«الشرق الأوسط» أمس إن بلاده تتجه لاستئناف التدريبات المشتركة مع الجيش الأميركي والمعروفة باسم «النجم الساطع»، التي كانت تقام عادة في بدية الخريف كل عامين، في المنطقة الواقعة على الساحل الشمالي لمصر على البحر المتوسط، بمشاركة دول أخرى. وكشف المصدر، للمرة الأولى، عن أن بلاده «هي التي طلبت من الجانب الأميركي تأجيل إجراء تلك التدريبات في العام الماضي بسبب الظروف الأمنية التي كانت تمر بها مصر»، آنذاك. يأتي هذا في وقت عقدت فيه الحكومة المصرية «جلسة طارئة»، لتشديد إجراءات الأمن وملاحقة العناصر الإرهابية، حيث شدد رئيس الحكومة إبراهيم محلب على «المضي قدما في استكمال خارطة الطريق»، عقب «الجلسة» التي استمرت أربع ساعات الليلة قبل الماضية. ومن المعروف أن العلاقات بين واشنطن والقاهرة أصيبت بالتوتر عقب الإطاحة بنظام حكم الرئيس السابق محمد مرسي الصيف الماضي، لكن دبلوماسيا غربيا تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن وجود «تحسن ملحوظ» و«تدريجي» في العلاقات المصرية الأميركية، خاصة على الصعيد العسكري والأمني. وبشأن وجود اتجاه لاستئناف مناورات «النجم الساطع» علق قائلا إن الولايات المتحدة «لم تكن متحمسة منذ سنوات لاستمرار هذه المناورات، لأسباب اقتصادية، لكنها لا يمكن أن تتخلى عنها لأهميتها للجيش الأميركي، كما هي مهمة للجيش المصري الذي يعد من أفضل جيوش منطقة الشرق الأوسط، ولا يوجد ما يمنع من استئنافها». وبدأت مناورات «النجم الساطع» بين البلدين منذ نحو 35 عاما، وذلك في أعقاب توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، إلا أن أهمية هذا النوع من المناورات الذي تشارك فيه قوات برية وبحرية وجوية باستخدام أحدث الأسلحة، أغرى دولا أخرى من أوروبا وآسيا وأفريقيا، للاشتراك فيها ولو بشكل رمزي. ومن جانبه أضاف المصدر العسكري المصري، مشترطا حجب تعريفه، أن مصر «كانت صاحبة تأجيل مناورات النجم الساطع السنوية»، مشيرا إلى أن «واشنطن أعلنت بعد ذلك أنها هي التي أرجأت هذه المناورة وهذه التدريبات، احتجاجا على عزل مرسي»، لكن «سبب وقف التدريبات المشتركة العام الماضي، في الحقيقة، كان بطلب مصري جرى إبلاغه في حينه للجانب الأميركي، ولا علاقة له بمرسي، ولا نعرف سبب ربط الجانب الأميركي لهذا الأمر بموضوع مرسي، من الأصل». وأضاف المصدر أنه عقب ثورة المصريين على حكم جماعة الإخوان في الصيف الماضي، بادرت القوات المسلحة المصرية بإبلاغ الجانب الأميركي بأن الظروف الأمنية لا تسمح بإجراء مناورات «النجم الساطع» في تلك السنة (2013)، لافتا إلى أنه يوجد اتجاه في الوقت الحالي لاستئناف هذه المناورات، خاصة مع التقدم الكبير الذي تحرزه السلطات في حفظ الأمن في البلاد، في الوقت الراهن، مقارنة بما كان عليه الحال العام الماضي. وتابع أن التدريبات المشتركة التي يقوم بها الجيش المصري للاستفادة واكتساب الخبرة، لا تقتصر على «النجم الساطع»، ولكن توجد تدريبات مشتركة تحت أسماء أخرى مع دول مختلفة منها «عين جالوت» مع الأردن، و«اليرموك» مع الكويت، و«زايد» التي اختتمت الأسبوع الماضي في دولة الإمارات وشهدها المشير عبد الفتاح السيسي. ومن جانبه لمح دبلوماسي غربي، في رده على أسئلة «الشرق الأوسط»، إلى أنه أصبح يمكن ملاحظة وجود «تحسن تدريجي» في علاقات القاهرة وواشنطن، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة «خاصة قيادات من الجيش وأعضاء في الكونغرس، يزورون مصر منذ أشهر، والتقى بعضهم بالمشير السيسي.. في الحقيقة يوجد تفهم لما يجري في مصر». على صعيد آخر صادق المشير السيسي أمس على قبول دفعة جديدة من المجندين لتأدية الخدمة العسكرية بداية من يوم 25 الشهر الحالي، وفقا لما أعلنه المتحدث العسكري المصري، العقيد أركان حرب، أحمد محمد علي. وكان المشير السيسي، الذي يشغل موقع نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع والإنتاج الحربي، شارك في «جلسة طارئة» للحكومة، برئاسة محلب، وفي حضور اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، وعدد آخر من الوزراء، لمراجعة الحالة الأمنية، وذلك في أعقاب مقتل ستة من المجندين على يد مسلحين فجر يوم أول من أمس شمال القاهرة. وشدد مجلس الوزراء على عدة قرارات في ختام «الجلسة الطارئة»، منها «التصدي بكل حسم لمن تسول له نفسه الاعتداء على المواطنين والمنشآت المدنية والحكومية والمرافق العامة»، و«تشديد الإجراءات الأمنية على المرافق الحيوية والاستراتيجية في الدولة، والرقابة على المنافذ الحدودية، وملاحقة العناصر الإرهابية وتقديمها للعدالة». كما أكد مجلس الوزراء على أن الدولة «عازمة على المضي قدما في استكمال خارطة الطريق، مهما كانت التحديات والتضحيات».
مشاركة :