أكد مرشح الدائرة الخامسة ناصر المري أن «الكويت يمكنها إصلاح الوضع الاقتصادي والأمني والاجتماعي والسياسي والصحي والتعليم في أقل من عام، لكن هذا الأمر يحتاج إلى قرار وإدارة»، موضحا أن «البلد إن كان قويا اقتصاديا يستطيع أن يكون قويا في جوانب أخرى مهمة في الحياة». وأضاف المري في لقاء مع «الجريدة»، أن «الهرم الاقتصادي في البلد مقلوب، والجميع يعلم أن من يستفيدون من الدعم المالي هم أصحاب الدخول المرتفعة، على حساب المواطن محدود أو متوسط الدخل»، مبينا أن «من يدير الدولة هي الحكومة ممثلة بوزرائها، ولذلك يجب ألا يتحمل المواطن الأخطاء التي تقع فيها الحكومة، فمن أوصلنا إلى هذا الوضع الاقتصادي السيئ والهدر المالي الكبير والمستوى العالي من الفساد الإداري والمالي والأخلاقي هي الحكومة»... وفيما يلي تفاصيل اللقاء: * كيف تقيم أداء المجلس السابق؟ - المجلس السابق هو اختيار أهل الكويت ولا نطعن فيه، لكن هناك بعض المآخذ عليه بأن لديه نهما تشريعيا أدى إلى بعض الأخطاء التشريعية، خصوصا مع صدور قوانين معيبة كان يجب ألا تصدر من المجلس، مثل البصمة الوراثية والتأمين الصحي للمتقاعدين الذي يعد فكرة جيدة، لكن تم تشويه هذا القانون، لأنه فرغ من كل المزايا ولم يشمل العلاج في الخارج، وأصبح عملية تنفيع، إضافة إلى إقراره بعض القوانين "الحكومية"، التي استطاعت الحكومة بتكتيكها تمريرها، ومعظمها في غير مصلحة المواطن، مثل زيادة البنزين، وفرض ضريبة وإجراءات مالية من شأنها أن تؤثر سلبا في حياة المواطن، وبالتالي لم يكن المجلس على قدر المسؤولية في تمرير قوانين مستحقة وتعديل أخرى ومنع أي قانون من شأنه الإضرار بالمواطن، سواء في المكتسبات الشعبية أو الدستورية والقانونية، كما أن المجلس أهمل الشق الرقابي، بل أصبح حكومة ظل للدولة تحت جلباب الحكومة، وكان يعمل كأنه موظف حكومي وليس مشرعا يمثل الأمة. * هل تعتقد أن حل المجلس فرصة مناسبة لتصحيح هذه الأخطاء؟ - أعتقد أن حل المجلس كان تكتيكا حكوميا - برلمانيا، ظاهره عدم الرضا عن زيادة المحروقات، وإن كان مرسوم الحل الذي نحترمه ونجله، قد ذكر أن أسباب الحل هي الظروف الإقليمية، لكن من وجهة نظري هو تكتيك حتى يعود معظم نوابه لتمرير خطة التقشف القاسية التي ستقدمها الحكومة للمجلس القادم في السنة المالية المقبلة، لذا ارتأت الحكومة حل المجلس، حتى لا يكون وقت الانتخابات في الصيف، فيطاح بغالبية الأعضاء الحاليين، فالبلد على مفترق طرق، إما أن نكون كويتا جديدة بفكر برلماني واقتصادي جديد، أو نكون بلدا منهارا اقتصاديا مثل اليونان أو الدول العربية المنهارة اقتصايا، فالحكومة تريد تمرير قوانين أخرى لتحرير أسعار الوقود ورفع سعر الغاز وفرض ضرائب على السيارات والعمالة المنزلية وعمالة الشركات، وضريبة على المبيعات والدخل والسكن الخاص، ورفع أسعار المحروقات والكهرباء والماء وتراخيص البناء والتراخيص التجارية والمهنية، وهي أمور من شأنها التأثير سلبا على حياة المواطن، وبرأيي أن الحكومة والمجلس كانا يتجهان إلى تحطيم ما تبقى من دولة الرفاه. * هل تعتقد أن المشهد السياسي القادم سيشهد تصادما بين المجلس والحكومة، خصوصا بعد عودة المقاطعين؟ - أتوقع أن نسبة التغيير في المجلس القادم ستكون من 70 إلى 80 في المئة، وسنرى نوعية جديدة من النواب لن يكون هدفها التصادم، بل هدفهم تشريعات ورقابة مالية لصيقة على العمل الحكومي، حتى يكون هناك إنصاف للمواطن وعدم السماح للحكومة بتعليق أخطائها على المواطن وجيبه، وبالتالي فإن عودة المقاطعين هي حق دستوري وقانوني لهم، ونقول حياكم الله، والشعب له الكلمة الأخيرة في اختيار من يراه أهلا لحمل الأمانة، وبالتالي فمن يحدد العلاقة بين الحكومة والمجلس هو ما تقدمه الحكومة من خطة إصلاح اقتصادي، فإذا كانت الحكومة تتعامل مع المواطن كأنه "طوفة هبيطة" فسيكون الصدام من أول شهر، أما إذا أرادت تعويض العجز لديها عبر وقف الفساد، وتعظيم إيراد الدولة من قسائم الشويخ والري، والحيازات الزراعية والحيوانية والاسطبلات والمصانع، والشاليهات والمزارع، فهذه يمكنها أن توفر على الدولة 18 مليار دينار، وتغني الدولة عن اللجوء إلى زيادة البنزين والمحروقات، خصوصا أننا نرى حاليا أن الهدر الحكومي والعمولات وغيرها يصل إلى 3 مليارات دينار، كما أن وزارة الصحة يوجد فيها هدر كبير يصل إلى حدود ملياري دينار، ووزارة التربية أكثر من مليار ونصف، ولم نلمس أي رضا عن مستوى ومخرجات التعليم، لذا يجب تحويل هذا المبلغ إلى استثمار حقيقي في تطوير التعليم والمعلم والطالب والمنهج. * كيف ترى الوضع الاقتصادي في الكويت؟ - الهرم الاقتصادي في البلد مقلوب، والجميع يعلم أن من يستفيد من الدعم المالي هم أصحاب الدخول المرتفعة، على حساب المواطن محدود أو متوسط الدخل، نصيب الأسرة من الدخل يقارب 45 ألف دينار يتم استغلالها بطريقة سيئة، من يدير الدولة هي الحكومة ممثلة بوزرائها، لذلك يجب ألا يتحمل المواطن الأخطاء التي تقع فيها الحكومة، مَن أوصلنا إلى هذا الوضع الاقتصادي السيئ والهدر المالي الكبير والمستوى العالي من الفساد الإداري والمالي والأخلاقي، وتردي البنية التحتية والتعليم والصحة هي الحكومة، التي تمتلك مقدرات الدولة والأراضي، والنفط والمشاريع الحكومية، لذا يجب أن تتحمل هذه الأخطاء، ويجب أن يحاسبها المواطن. - هل تعتقد أن التغيير يجب أن يمس الحكومة أيضا بالتوازي مع تشكيلة المجلس القادم؟ بلا شك، يجب أن يكون هناك تغيير في الحكومة، من خلال عملية اختيار الوزراء، إذ يجب ألا يقتصر التغيير على أعضاء مجلس الأمة، بل نرى أنه من الضروري اختيار أعضاء الحكومة سواء وزراء أو وكلاء أو مديرين وهيئات من نوعية مختلفة، عن طريق مفاضلة وإتاحة الفرصة لجميع أبناء الشعب الكويتي، ليشعر الجميع أن هناك عدلا اجتماعيا وعدالة في توزيع الدخل والمناصب والفرص الوظيفية على الشباب، أما إذا عادت الحكومة بالتشكيلة نفسها (فلا طبنا وغدا الشر)، لأن الهدر والفساد والتخبط واللجوء إلى جيب المواطن، كل ذلك سيستمر. * ما رأيك بقضية سحب الجناسي، والبصمة الوراثية، ووثيقة الإصلاح الاقتصادي؟ - هذه القوانين سيف مصلت على رقاب الناس، فسحب الجناسي أداة حكومية لإرهاب الشارع وتصفية الحسابات، أما قانون البصمة الوراثية فهو قانون معيب ووصمة عار في جبين الحكومة والمجلس، خصوصا أنه لم يطبق في أي بلد بالعالم، وهو تعد على خصوصية الإنسان ومخالف للقانون والشرع، وأود أن أتقدم بالشكر إلى سمو الأمير الذي أمر بمراجعة القانون وإعادة النظر فيها، أما ما يتعلق بوثيقة الإصلاح الاقتصادي فنحن نسمع بها ولم نرها، وهي معيبة أعدت في ديوانية وليس مكاتب عالمية متخصصة، هي ليست رؤية اقتصادية واضحة المعالم، بل هي تخبط واضح، إذ يجب أن تكون الوثيقة وفق رؤية اقتصادية قابلة للقياس والتقييم، أعدت من أصحاب الاختصاص، فما نراه اليوم هو تخبط اقتصادي سيدمر ما تبقى من الاقتصاد الكويتي وإن لم ننتفض ونغير، فسينحدر المستوى الوظيفي للمواطن الكويتي ونجده يعمل في مهن لا تليق به. * شعارك "رؤية اقتصادية"، هل يعني هذا انه في حال وصولك إلى المجلس ستتبنى القضايا الاقتصادية دون غيرها؟ - إذا صلح الاقتصاد فسيصلح التعليم والصحة والإسكان وغيرها من القضايا التي تهم المواطن، ومتى كان البلد قويا اقتصاديا، فإنه يستطيع أن يكون قويا في جوانب أخرى عديدة، سواء تعليمية أو ثقافية أو اجتماعية وغيرها، بالتالي سأتبنى إصلاح ما يمكن إصلاحه من منظور قوة اقتصادية كويتية، وأنا توقعت انخفاض أسعار النفط قبل سنوات، كما توقعت أزمة اقتصادية وقدمت بها ورقة من أجل تفاديها، لكن لم أجد آذانا صاغية، ومن يتحمل المسؤولية هي الحكومة، وإذا تغير مفهوم إدارة البلد فسيتغير كل شيء، خصوصا أن الكويت يمكنها إصلاح الوضع الاقتصادي والأمني والاجتماعي والسياسي والصحي والتعليم في أقل من عام، لكن ذلك يحتاج إلى قرار وإدارة.
مشاركة :