وجّه «حزب الشعب الجمهوري» المعارض أقوى انتقاد للحكومة التركية منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز (يوليو) الماضي، إذ اعتبر أن سياستها تشكّل أبرز «خطر» على البلاد و «مستقبلها وأمنها وديموقراطيتها». تزامن ذلك مع اتهام وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسلبورن السلطات التركية باستخدام أساليب انتهجها النازيون، في حملة «تصفية» تشنّها على جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن الذي تحمّله أنقرة مسؤولية تدبير المحاولة الفاشلة. لكن أنقرة اعتبرت أن تصريحات أسلبورن تعكس «جهله» بالتاريخ، مؤكدة أن «النازيين يبدون مثل تلاميذ مدرسة ابتدائية» مقارنة بجماعة غولن. موقف «حزب الشعب الجمهوري» صدر بعد اجتماع «ناري» لمجلس الحزب الذي يستشعر رئيسه كمال كيلجدارأوغلو خطراً مشابهاً لما واجهه «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي الذي جمّد نشاطه في البرلمان، بعد اعتقال 9 من نوابه، بينهم رئيساه، تمهيداً لمحاكمتهم بتهمة «الترويج للإرهاب»، في إشارة إلى «حزب العمال الكردستاني». ولفت كيلجدارأوغلو إلى «رفع قضايا» ضد نواب من حزبه ورؤساء بلديات ينتمون إليه، وزاد: «علينا أن نكون حذرين وأن نكشف حقيقة ما يحدث للرأي العام، لكننا لن ننزل إلى الشارع، ولو اضطُررنا إلى دفع ثمنٍ غالٍ». ويخشى كيلجدارأوغلو الوقوع في «فخ سياسي»، على رغم انه يواجه ضغوطاً قوية من قواعد الحزب، للنزول إلى الشارع والتظاهر ضد سياسات الحكومة. واعتبر «حزب الشعب الجمهوري» أن «سياسات الحكومة وقصر الرئاسة، والتي دأبت على دعم جماعة غولن وحزب العمال الكردستاني و(تنظيم) داعش، هي الأخطر على تركيا ومستقبلها وأمنها وديموقراطيتها». ورفض تذرّع الحكومة بالمحاولة الانقلابية لـ «تصفية المعارضة والإعلام الحرّ»، مذكّراً بأن الحكومة كانت أبرز داعمٍ لجماعة غولن طيلة 14 سنة، وبمهادنتها «الكردستاني» ودعمها مسلحين متشددين في سورية. في غضون ذلك، تطرّق أسلبورن إلى توقيف أكثر من 110 آلاف موظف عام في تركيا، أو عزلهم أو تجميد عملهم، منذ المحاولة الانقلابية، وقال: «هذه أساليب استُخدمت خلال الحقبة النازية، وشهدت تركيا تطوراً سيئاً جداً منذ تموز (يوليو)، لا يمكن الاتحاد الأوروبي قبوله». وعلّق عمر جليك، الوزير التركي لشؤون الاتحاد الأوروبي، معتبراً أن تصريحات أسلبورن «تعكس جهلاً بالتاريخ»، ومشدداً على أن «معركة تركيا تذكّر بالنضال ضد النازيين بعد تسلّمهم الحكم». وأضاف: «النازيون يبدون مثل هواة وتلاميذ مدرسة ابتدائية، مقارنة بالمنظمة الإرهابية لغولن. لا يظنّن أحد أننا سنتراجع في حربنا ضد منظمة استخدمت مقاتلات ودبابات وسفناً حربية ومروحيات ضد شعبها». وأعلن جليك بعد لقائه سفراء دول الاتحاد الأوروبي في أنقرة، أنه أبلغهم «استياءنا من مواقف اتخذها الاتحاد». وأضاف: «نمرّ في مرحلة حساسة جداً في علاقاتنا، ومعارضة تركيا في شكل دائم ليست سياسة سليمة». ووصف دعوات إلى تجميد محادثات عضوية تركيا في الاتحاد، بأنها «عنصرية». على صعيد آخر، بدأت في أنقرة محاكمة 36 شخصاً يُشتبه بانتمائهم إلى «داعش» وتورطهم بتفجيرَين انتحاريَين أوقعا 101 قتيلاً، خلال مسيرة سلمية لناشطين أكراد في العاصمة التركية عام 2015.
مشاركة :