قد يحرر دونالد ترامب العالم. فمرشح الرئاسة الأميركية قال صراحة: لن نحمي من لا يدفع لنا. بدت منافسته الديموقراطية مذعورة من تصريحه. هي تعرف أن انتشار القواعد الأميركية في العالم لا علاقة له بحماية الشعوب. إنها قضية تتعلق بإبقاء الدول العنيدة بعيدة عن فرص التنمية مادامت ترفض التخلي عن سيادتها للأميركيين. تبدو المسألة أشبه بلص يهدد سكان المنزل بالمغادرة ما لم يعطوه المال. تفضل.. مع السلامة. تمثّل هيلاري كلينتون مرحلة ما بعد مارشال-ماكارثر. المشروعان الأميركيان المخصصان للنهوض بأوروبا واليابان. تبيّن أن النتيجة سيئة. فالدول الصاعدة أصبحت تزاحم الولايات المتحدة في أسواق المنتجات والخدمات، وتخطف منها الصفقات والوظائف. يبدو أن الطبقة الحاكمة في الدولة العظمى قررت عدم تكرار الخطأ. وُلِدَ مبدأ النفوذ الرخيص: أن تحاول أميركا السيطرة على أكبر قدر ممكن من الدول، بأقل قدر ممكن من المال. أنشأت الولايات المتحدة لهذه الغاية سلسلة من المؤسسات المدنية وشبه العسكرية مثل آفريكوم وفريدوم هاوس والمعهد الديموقراطي الأميركي والمعهد الجمهوري الدولي. جميعها تحصل على تمويل من دافعي الضرائب الأميركيين. تعمل هذه المؤسسات على عقد الدورات والندوات بعيداً عن الدخول في مشروعات تنموية مكلفة. كشفت مذكرات المرشحة الديموقراطية عن ولعها بمتابعة نشاط هذه المؤسسات والإشراف عليها. أما دونالد ترامب فلعله يمثل مرحلة ما بعد هيلاري كلينتون. يقول على أميركا التوقف عن لعب دور شرطي العالم باهظ التكلفة. هذا الطرح من شأنه إتاحة الفرصة لعشرات الدول العربية والآفريقية واللاتينية للتخلص من الضغوط. رجل الأعمال المهوس بالربح، لن يكترث بتمويل أي مشروع لا يؤتي ثماره حالاً. وعدَ بتقليص ميزانية الإنفاق العسكري البالغة 600 مليار دولار وبإعادة عشرات الآلاف من العسكريين والمدنيين الأميركيين المنخرطين في برامج الرصد والتأثير، والذين يفوق عددهم نصف المليون. ستجفف الولايات المتحدة مستنقعاتها بنفسها. لن يستطيع الجواسيس التكاثر تحت الشمس. لا أحد يرغب بمصير كوسوفا وليبيريا وهاييتي. دولٌ استسلمت للنفوذ الأميركي فحصدت الفقر وسوء الحال. هناك من ضاق ذرعاً بـشرطي العالم المتطلب فشرع في التخلص منه مثل الفلبين وماليزيا وإندونيسيا. المرشح الجمهوري المشاغب يشبه نحلة في ظاهرها الأذى وفي باطنها العسل. إنه يعتبر تدخلات بلاده السامة في شؤون الدول الأخرى مساعدات مجانية ويريد ثمناً لها. سيحوّل أميركا من بلاد العم سام إلى دكان العم سام. ينتظر العالم هذا التحول بشغف. هيلاري أعلنت مراراً تمسكها بالعقيدة التجسسية للولايات المتحدة
مشاركة :