الشارقة: محمد ولد محمد سالم يتناول كتاب (جواهر بنت محمد القاسمي.. رحلة الأمل والإنسانية) لصالحة غابش، السيرة القيادية لقرينة صاحب السمو حاكم الشارقة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، وأسلوبها في قيادة المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والصحية التي تعمل بجهود المرأة، وتحقق الرؤية الوطنية والإنسانية عبر برامج التنمية الشاملة في إمارة الشارقة والإمارات عموما، والأسس التي شكلت شخصيتها القيادية والإنسانية. تستعرض صالحة غابش في مقدمة الكتاب أجواء النهضة الثقافية والتنموية التي بدأت في الشارقة في العقود الماضية وتطورت إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه الآن بفضل جهود البناء الجبارة التي قادها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة. تقول غابش إنه في هذه الظروف برزت قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة لتعلن عن مكانها في جهود الدعم المجتمعي والوطني والإنساني، من خلال مسؤولياتها المتعددة في قطاعات اجتماعية وتربوية وثقافية ورياضية ونسائية، ويأخذ الجانب الصحي للإنسان موضعه المهم في سعي سمو الشيخة جواهر لجعل حياة الإنسان أكثر أمانا، فرعت ودعمت هذه القطاعات بأداء لافت جعل منها أنموذجا للمرأة القيادية، التي أصبحت تمثل سماحة دينها، وتقاليد مجتمعها، وتطور وطنها في مجالات التنمية المختلفة عبر زيارات عملية واتفاقيات مع مؤسسات عربية وعالمية، شاهدة على رحلتها نحو منافذ مطلة على مصلحة الإنسان أينما كان. تضيف غابش في مقدمتها أن لكلمات سموها طوال سنوات عملها كقائدة لفرق متخصصة في مجالات مختلفة أثر في دفع كل فرد إلى أن يؤدي دوره في صيغة عمل مبدع، وأن يجود فيه كي يحظى مجتمعه بالنجاحات في كافة القطاعات، وإذا كان اهتمام سموها منصباً على خدمة الوطن والإنسان في الإمارات، والوقوف إلى جانب المرأة الإماراتية لكي تنهض، وتنمي نفسها وترعى أسرتها، فإن ذلك لم يحل بينها وبين نقل جهدها إلى الخارج خدمة للإنسانية عبر بوابة العمل الإنساني ما جعلها تحصل على أعلى الأوسمة في مجال مناصرة اللاجئين من طرف هيئة الأمم المتحدة، فهي تضاعف جهدها، ومساعدتها لأولئك الناس الذين وجدوا أنفسهم في لحظة من الزمن في العراء من دون مأوى ومن دون أبسط مقومات المعيشة، فوقفت كي تساندهم إلى طريق الوصول إليهم ومساعدتهم. تخلص غابش في مقدمتها إلى أن سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي سيدة قيادية بمعنى الكلمة، وأن الكتاب هو مساهمة في تقديم بعض من رحلتها القيادية الملهِمة إلى الأجيال الجديدة من الفتيات اللواتي يرين فيها الأنموذج والذي يحلمن بأن يكنّ عليه في المستقبل، لما تمثله من قيّم العطاء والمحبة والانتماء لدين السلام وللوطن الأجمل وللنبض الإنساني، وللذات التي تحتاج تطويرا مستمرا كي تجعل من العطاء شيئاً استثنائيا في حياتنا. ينقسم الكتاب إلى أربعة أجزاء: الأول خريجة مدرسة استثنائية ويتحدث عن أثر العائلة في تشكيل شخصية سمو الشيخة جواهر ورسم ملامح المستقبل الذي تريده وذلك من خلال علاقاتها الأسرية واطلاعها، وتأثرها بوالدها بشكل خاص حيث تورد الكاتبة استشهاداً من كلام سموها تقول فيه: تأثرت بوالدي الشيخ محمد بن سلطان القاسمي، كان طيباً حنوناً في تعامله معي ومع إخوتي، وكان في الجانب الآخر قائداً لنا على طريق الخير والعلم، يوجهنا إلى ما هو أنفع لنا ولمجتمعنا وبلادنا ويعزز فينا التوجه إلى ما يحقق لنا الأفضل في حياتنا، لم يكن يبخل في هذا التوجه على كل المقربين منه، كذلك تورد الكاتبة أن سمو الشيخة جواهر تأثرت أيضاً بصاحب السمو حاكم الشارقة الذي أصبح بمنزلة المعلم لها، بعد وفاة والدها، وأخذها إلى عالم واسع تطل نوافذه على مدارس وجامعات ومعاهد وفضاءات رحبة للعلوم، وتستشهد الكاتبة على ذلك بقول سموها: تعلمت كثيراً من صاحب السمو حاكم الشارقة، تعلمت المسؤولية والعمل المجتمعي في الإمارة، كان دافعاً لي لمعرفة تفاصيل العمل الذي ننجح فيه في دعم مجتمع الشارقة بالخدمات التي تحقق له الرخاء والاستقرار، وفي هذه المدرسة مدرسة صاحب السمو حاكم الشارقة تربت سموها، وتطور فكرها، وشاركته في النهوض بأعباء الحياة بدءا من المنزل، حيث شاركته في البداية تربية الأبناء وتهيئتهم وإعدادهم للأدوار المستقبلية ومتابعة تحصيلهم العلمي حتى مراحل دراساتهم العليا، لتبدأ بعد ذلك العمل الفعلي والمباشر مع مؤسسات المجتمع. أما الجزء الثاني فجاء بعنوان 1982 أسلوب جديد في العمل المؤسسي وتناولت فيه غابش المسؤوليات المجتمعية لقرينة صاحب السمو حاكم الشارقة وقيادتها المؤسسية التي بدأت عام 1982 برئاسة أول نادٍ اجتماعي ثقافي رياضي للفتيات في المنطقة وهو نادي المنتزه للفتيات، وتفرعت منه أحلام كبيرة بحجم المؤسسات الكبرى التي تعمل تحت قيادتها بإمارة الشارقة، وتغطي كافة الجوانب التي تحتاجها الأسرة التي تعتبر المكون الأساسي للمجتمع، فتشارك بذلك في صياغة القرارات المهمة التي تصبّ في صالح المجتمع الإماراتي، وشكل النادي يوم انطلاقه حالة ثورية في حياة الفتيات الإماراتيات في ذلك الوقت، حيث افتتح مقرا جديدا يوفر الأنشطة التي تخدم المرأة، فبينما وجدت مؤسسات تعمل على تطوير مبادرات المرأة في الطبخ والخياطة والتطريز والمهارات التراثية أخذ النادي دورا فاعلا لتحقيق التكاملية بين المؤسسات، فتم استثمار المرافق الموجودة في المبنى الخشبي للنادي بما فيها (حوض السباحة وملاعب تنس وكرة السلة وتنس الطاولة، وقاعات المناسبات والألعاب الرياضية الأخرى لتقدم خدمات مختلفة للمرأة تتضمن الترفيه والرياضة والثقافة وتعتني بإبداعات المرأة في الشعر والقصة القصيرة وكان مسرح النادي ملهما للقيام بعروض مسرحية ومسابقات ثقافية كتلك التي انتشرت في ذلك الوقت مثل برنامج سين جيم، وكان هذا هو منطلق سموها نحو أسلوب جديد من العمل المختلف الذي يوفر للمرأة المعاصرة كل الخدمات التي تحتاجها، ولا يقتصر على مجال واحد، أو مجالات تقليدية، وسوف يفتح هذا الأسلوب آفاقا جديدة لتطوير العمل وتوسيعه، وإقامة مؤسسات متخصصة تتبع لرعاية سموها في مختلف المجالات، وإقامة المهرجانات بالأندية والمدارس التي تعتني بفنون وإبداعات المرأة والطفولة، وتنمي قدراتهما. الجزء الثالث جاء بعنوان رحلة الأمل ورصد نشاط قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة في مجال العمل الإنساني في العالم، ذلك النشاط الذي بدأ بمؤسسة محلية لرعاية أمراض السرطان، ليتوسع فيشمل الوقوف إلى جانب الإخوة العرب في البلاد التي تعاني الحروب والشتات، في فلسطين ولبنان وسوريا، وغيرها، ولايزال هذا النشاط مستمرا إلى اليوم، وفي إطاره، كانت مواقف سموها العظيمة لاحتواء اللاجئين والتعبير عن صوتهم واحتياجاتهم في المحافل الدولية، واحتواء الإنسان الذي يعيش تحت ظروف قاسية كالأمراض والتشرد والحروب، وسعيها من خلال ذلك النشاط إلى عقد اتفاقيات تلزم المؤسسات المعنية باللاجئين والجوعى في العالم بالقيام بمسؤولياتها تجاه الإنسان، واضعةً أمامها هدف الوصول باللاجئين العرب إلى مواطن الأمان ليستعيدوا دورهم الطبيعي في بناء مجتمعاتهم، وقد كان من نتائج هذا العمل الحثيث أن حصلت سموها في مايو/ أيار 2013 على لقب المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين الذي وشحها به وفد من مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، تقديرا لدورها البارز في هذا الصدد. الجزء الرابع من الكتاب جاء على شكل سيرة ذاتية قدمت فيها الكاتبة أبرز محطات العمل التي قادتها سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي والمؤسسات التي أنشأتها والجوائز والألقاب الكثيرة التي حصلت عليها.
مشاركة :