زلات الألسنة لو أردنا أن نتحدث عنها باستفاضة لما كفانا في ذلك مجلدات، ومن يرجع لما كتب عن الزلات يعرف ذلك ولاشك، ولكننا اليوم إنما أردنا بهذا المقال التحذير من استعمال اللسان وهو نعمة عظمى أنعم الله بها علينا لنعبر به عن مكنونات صدورنا، وما يدور في عقولنا، واستعماله في غير ما شرع الله لنا أن نستعمله فيه من إبلاغ الناس ما ينجيهم في دنياهم وأخراهم إن كنا من أهل ذلك علماً وفضلاً، أو إبلاغ الآخرين ما نريده منهم ونحن نحفظ لهم كرامتهم وأقدارهم، حتى في محيط التعامل الأسري، الذي قد تنفلت فيه الألسنة من عقالها فتؤذي من نحب كالتخاطب بين الزوجين، أو بين الوالدين وأولادهم، ثم بين الأقرباء ثم بين عامة الناس، وما اهتمام الدين بحفظ اللسان أن يزل ويهوى بصاحبه لما لا يحبه الله ويرضاه إلا اعتراف بخطر زلة اللسان، وما قد تؤدي إليه من ضرر بالغ، فقد جاء في الحديث: (إذا أصبح ابن آدم، فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان «أي تذل له وتخضع» تقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا)، وفي رواية عند الإمام أحمد: (لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه) وسيدنا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يقول: (والذي لا إله غيره ما على ظهر الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من اللسان)، وأسوأ ما يستخدم فيه اللسان نشر السوء وما حرم الله من الأقوال والأفعال، فكم من كلمة اليوم تلقى في خضم الإعلام تقول لصاحبها دعني لما فيها من السوء أو الحث على الباطل، وما نسمعه اليوم جهاراً في كثير من وسائل الإعلام من عيب في الإسلام وعلمائه ومصادره هو من الزلات التي لا تغتفر، وتهوي بصاحبها أحياناً إلى الدرك الأسفل من النار، ويطلقها صاحبها وهو سعيد بها، يرى أنها تشهره بين الناس، ومن أسوأ السوء أن يستعمل اللسان في القدح في الناس وتتبع عوراتهم وقد جاء في الحديث:(يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته)، وهذا سلوك اليوم انتشر بين الناس لا يردعهم عنه رادع، وهو أحياناً من إشاعة الفاحشة بين الناس، المنهي عنها بقول الله تعالى: (إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِى الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ)، وأسوأ زلات الناس ما صدرت عن من ينسب نفسه إلى العلم بالشرع ويقدره الناس لذلك، خاصة إذا كانت مما يعارض الشرع أو يبطل حكمه، والمتعالمون في عصرنا هذا كثر يفعلون ذلك، عصمني الله وإياكم من زلات اللسان وأعاننا على حفظه واستعماله فيما يرضي ربنا عنا، فقولوا آمين. alshareef_a2005@yahoo.com
مشاركة :