جائزة عربية بصفِّ نوبل؟ | واسيني الأعرج

  • 11/10/2016
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

لِمَ لا؟ ما الذي ينقصها لتكون كذلك في ظل الوسائل المالية والتواصلية المتاحة اليوم؟ ما هي المعوقات التي تقف في طريقها وتمنعها من تحقيق أمنية غالية على كل عربي؟ ما الذي جعل نوبل تحتل هذا الصف المتقدم في الجوائز العالمية لتصبح حالة انتظار لكل المبدعين عالميا؟ صحيح أن الجوائز الأدبية العربية تقليد جديد، لم يتعود عليه المثقف بالشكل الكافي. وفوق هذا، هو خيار ثقافي نبيل في جوهره لأنه يُكرِّم كاتبا على جهد مهم، سرقت منه العزلة الكثير من الراحة، وفرص الحياة الجميلة. لكن السؤال الكبير الذي يشغل الجميع في سياق تثمين الجوائز العربية، ما الذي ينقص هذه الجوائز لكي تصبح عالمية، مرجعا ساميا ومركزيا لجائزة نوبل، ترسخ الأسماء العربية، وغير العربية التي تستحق أن تحتل مكان الصدارة أدبيا، بأعمالها التي كان لها الدور الأسمى في الدفاع عن الحق الإنساني في الوجود والاستمرار، وإنتاج القيم الجمالية. الذي ينقص الجوائز العربية لتصبح محاذية للعالمية وقادرة على إبراز الأهم والأفضل والأكثر تميزا، ليس كبيرا، سوى تلك اللمسة المتبصِّرة التي تنقلها من الدائرة المحلية، إلى الدائرة العالمية، الأكثر اتساعا، حيث يصبح الصوت العربي مسموعا عالميا. هناك أولا مشكل التصور والحلم الممكن. إذا أرادت الجائزة العربية التمدد وتوسيع دائرة الضيق، هناك شرطيات مسبقة كثيرة، يقف على رأسها فعل الحرية. لا رهان للتطور والانطلاق خارج هذا الهاجس الحاسم والمركزي. لا يمكن تطبيق عقلية المنع على النصوص العالمية والعربية المنضمة للترشيح، التي لا تروق أخلاقيا، فالقيمة الجمالية هي الأسمى والأبقى. رفع سقف الحرية أكثر من ضرورة بالنسبة للمبدع على المستوى الإنساني والعالمي. ثانيا لملمة الجهود العربية المختلفة والمتشظية في منظومة موحدة. والاشتراك في الهدف الأسمى، أي إدراج الجهد العربي في الأفق العالمي والتنافس معه. يحتاج أمر مثل هذا إلى تثمين المنجز العربي الذي يستحق، وتوسيع الرؤية الثقافية وإخراجها من دائرة السياسي والمباشر. ثالثا، المشكل في النهاية، ليس في الجوائز، إذ لها نظمها وتخصصاتها، وللكتاب كل الحق في أن يقبلوا بها أو يرفضوها، لكن في تعامل المثقف العربي معها. هل هو مؤسَّس ذهنيا على تقبل أن لا يكون في القوائم الترشيحية، الطويلة أو القصيرة، وحتى عدم الفوز كما يحدث في كل بلدان العالم؟ المعادلة المترسخة في عقلية الكاتب العربي هي الفوز، ولا شيء غير الفوز، أو سيصبح كل شيء سيئا. وتصبح الجائزة عميلة ولا تستحق الاعتراف. عقلية الفوز المطلق أو لا مشاركة. طبعا من هذه الناحية؟ كل إنسان حر فيما يفعله ويختاره. فماذا لو توحدت هذه الجوائز في هولدينغ ثقافي موسع لتقدم مرشحا عربيا واحدا مثلا لنوبل، أو تتحول هي نفسها إلى رديف لجائزة نوبل؟ القصد من وراء ذلك هو أن هناك إمكانيتين أمام الجائزة العربية: المساهمة في تقديم الكاتب العربي الذي له القدرة على المنافسة على جائزة نوبل، أو تحول الجائزة العربية إلى رديف لنوبل فتفتح أبوابها أمام المنجز الإبداعي العالمي. رابعا، يحتاج المبدع العربي إلى عقل آخر، ويقبل بالدخول إلى الجائزة والخروج منها أيضا بعقلية الرياضي. ولتكن النتائج كما تكون، فهي تجسد ذوقا وطريقة استقبال لجنة من اللجان وحساسيتها الفنية. نحتاج إلى تربية ثقافية جديدة، ونقلل من الصخب الذي يفسد كثيرا الأدب. رهان الكاتب الأول والأخير هو الكتابة، ولا شيء إلا الكتابة، والاستفادة من حظ ليس معطى لجميع الناس: القدرة على التخيل وتجسيده بالكتابة. ولهذا يحتاج الكاتب العربي الى إدراك قيمة ذلك كله، قبل الدخول في المعترك الإنساني الأكثر اتساعا - أي نوبل أو الجائزة العربية الموحدة أو المرشِّحة. العنصر الخامس الذي ينقص الجوائز العربية لتحتل الموقع الذي يليق بها، الدعاية لها كما يجب. فهي خدمة للكاتب وللجائزة حتى لا تبقى في دائرة ضيقة، ولهذا الشأن متخصصوه. يجب أن تأخذ الجائزة بيد الكاتب وتتابعه وتقوده نحو مجالات أوسع تتعلق بالاهتمام الاستثنائي بالكتاب الفائًز، بالترجمة إلى اللغات العالمية، بالاشتراك مع كبريات دور النشر العالمية التي لا تطلب إلا ذلك. العرب هم أقل الأمم اهتماما بأدبهم. يحتاجون اليوم إلى الدخول إلى غمار العالمية. لا يمكنهم أن ينتظروا من الآخر أن يفعل ذلك مكانهم. هناك جهود تبذلها المؤسسات المشرفة على الجوائز العربية الكبيرة، لكن الأمر ما يزال محدودا. نحتاج اليوم إلى كاتب عربي يخترق الأبواب العالمية الموصدة، وأن تكون المؤسسات العربية المهتمة بالجوائز، وراءه. قيمة الجائزة تكمن في التحول إلى دافع حيوي للخروج نحو عالم لا يقبل إلا بالتمايز والإبداع بمعناه الأكثر اتساعا وإنسانية.

مشاركة :