كفيفات يبصرن آفاقاً جديدة في أوركسترا «النور والأمل»

  • 11/10/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تبدأ المقطوعة الموسيقية بآلة الفيولا الوترية، ثم نسمع صوت الساكسوفون بحدته المعهودة، بينما تتحول حركات العزف على الفيولا إلى مداعبات خفيفة للأوتار، تتدرج بانتظام يقطعه الناي والبيانو. لا نوتات أمام العازفات ترشدهن، ولا عصا مايسترو تقي من الحيرة، فقط حدس وإحساس وعالم ترسم خيوطه الموسيقى. استطاعت أوركسترا «جمعية النور والأمل» لرعاية الكفيفات في مصر التي أسست عام 1954، إبهار كل من يقوده حظه للاستماع إلى عزفها. يحدث ذلك ليس لمجرد الإعجاز في كون كفيفات يعزفن على آلات موسيقية، وإنما لبراعتهن التي تضعهن في مصاف أفضل العازفين المبصرين بل والتفوق عليهم، كما حدث في منافستين في اليابان وفرنسا، نلن فيهما المركز الأول. تقول نائب رئيس «جمعية النور والأمل» آمال فكري إن الأوركسترا «شاركت بحفلات في 24 دولة، بداية من النمسا عام 1987، ثم ألمانيا وإنكلترا وكندا والسويد وإسبانيا فالأردن والكويت... وفي كل دولة يستقبلهن سفير مصر فيها بكلمات متشابهة عن دورهن في رسم صورة إيجابية عن مصر خلال ساعات قليلة، فيما تمضي القنوات الديبلوماسية التقليدية شهوراً عدة في ممارسة الدور نفسه من دون التأكد من نجاحها في أدائه». إتقان الكفيفات عزف الموسيقى يمر بعمل شاق وفترات تدريب طويلة، تبدأ بترجمة النوتة الموسيقية على طريقة «برايل»، ليقرأنها بأصابعهن قبل عزفها. في المرحلة الأولى تلك يتعلمن جملاً موسيقية قصيرة، ومن ثم يتخلين عن النوتة ليعزفن جملاً أطول على أن يكون شخص آخر يجلس بجوارهن يقرأها لهن، وبعد فترات طويلة من التدريب والبروفات يصلن إلى مرحلة حفظ النوتة والانسجام الكامل في ما بينهن، إلى درجة أن كلاً منهن تعلم متى تعزف ومتى تتوقف، فتخرج المقطوعة متناسقة. يعود تأسيس «معهد النور والأمل لتعليم الموسيقى» إلى العام 1961، حين عادت سمحة الخولي من إنكلترا ومعها شهادة الدكتوراه في الموسيقى، لتضيء في ذهن رئيسة الجمعية استقلال راضي فكرة إنشاء معهد لتعليم الموسيقى على أسس علمية للكفيفات. عرَضت الفكرة على صديقتها فتحمَّست بشدة، وتشاركتا في تأسيس المعهد، وأوركسترا من 15 عازفة. قدمت حفلات عدة في دار الأوبرا المصرية، تضمنت مقطوعات كلاسيكية غربية، مع بعض المقطوعات الشرقية المطورة لتؤدى على آلات غربية. وصل عدد أفراد الأوركسترا إلى 50 عازفة، وأسست أوركسترا أخرى لمبتدئات تضم 24 عازفة ممن يدرسن في المعهد. تقول إحدى عازفات الكمان في الأوركسترا شيماء يحيي (32 سنة) عن تجربتها مع الأوركسترا: «انضممت إليها وأنا في الثامنة من عمري، وكنت في الوقت ذاته أتعلم في المعهد، بعد اجتيازي اختباراً للوقوف على مدى موسيقية الأذن والاستعداد لتعلم الموسيقى». وتشير إلى أن الدراسة في العام الأول نظرية، ومن العام الثاني يبدأ توزيع الدارسات على الآلات بعد خضوعهن لاختبارات أخرى. هي كانت تتمنى أن تعزف آلة الكمان التي تعشقها من صغرها، والاختبارات أوضحت قابلية أصابعها لذلك. تلقت يحيى وزميلاتها الدراسة الموسيقية على أيدي أساتذة متخصصين من معهد الموسيقى العربية والكونسرفتوار، إلى أن وصلن إلى درجة الاحتراف. وتقول إن مقطوعة «المماليك» للموسيقي محمد عبدالوهاب هي أكثر ما تبدع في عزفه. وتضيف أن الانضمام إلى معهد الموسيقى أثَّر إيجابياً فيها بصورة كبيرة، فقبله كانت منطوية، بينما منحتها الموسيقى قدرة على التواصل مع الناس وثقة بالنفس، واستقلالية جعلتها تسافر إلى دول عدة، وتحتك بثقافات مختلفة، من خلال إجادتها اللغة الإنكليزية، إلى جانب إجادة العزف على الكمان.

مشاركة :