أثار انتخاب الجمهوري دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة أمس الأربعاء قلقاً بين جماعات المعارضة السورية وتفاؤلاً حذراً في دمشق، حيث ينظر لانتصاره على أنه نتيجة أفضل من فوز الديموقراطية هيلاري كلينتون. ولطالما وجهت المعارضة السورية انتقادات شديدة لما ترى أنه دعم غير كاف من إدارة الرئيس باراك أوباما لمعركتها ضد الرئيس السوري بشار الأسد، رغم أن واشنطن راع مهم للانتفاضة. لكن تصريحات ترامب في شأن سورية وموقفه الأكثر انفتاحاً على روسيا حليفة الأسد أثارت قلق المعارضة في شأن السياسة التي قد ينتهجها بخصوص الصراع السوري الذي تنفذ فيه القوات الروسية ضربات جوية ضد جماعات المعارضة المسلحة. وقال زكريا ملاحفجي رئيس المكتب السياسي لجماعة معارضة مقرها حلب لـ «رويترز»: «أتصور أن الأمور ستكون صعبة بسبب تصريحات ترامب وعلاقته مع (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين وروسيا. أتصور أن هذا الأمر لن يكون جيداً للقضية السورية عموماً». وتقول المعارضة السورية إن أوباما فشل في دعمها في شكل كاف، بعد أن دعا إلى رحيل الأسد عن السلطة وأخفق في فرض «خطه الأحمر» على الاتهامات باستخدام دمشق السلاح الكيماوي عام 2013. وقال أبو حامد رئيس المجلس العسكري لجماعة «لواء الحق» متحدثاً من حماة: «لم يصدق الأميركيون معنا. أغرقونا في مستنقع والكل يتاجر بدماء السوريين ومعاناتهم». ويعتقد بعض المعارضين أن ترامب لن يحدث أي اختلاف في السياسة الأميركية الراسخة منذ فترة طويلة تجاه المنطقة. وقال أبو أسعد دابق وهو قائد في جماعة تدعمها تركيا تحارب تنظيم «داعش» في شمال سورية: «ترامب مثل أي رئيس أميركي... السياسة الغربية وبالأخص الأميركية صارت واضحة في الشرق الأوسط في عدائها لتطلعات الشعوب المظلومة». وفي دمشق قال عضو في البرلمان السوري إنه متفائل بأن السياسة الأميركية ستتحول لمصلحة الأسد، لكنه تفاؤل مشوب بالحذر. وأضاف شريف شحادة في مقابلة أجرتها معه «رويترز» عبر الهاتف: «ينبغي أن نكون متفائلين لكن بحذر». ورأى أن دولاً إقليمية دعمت الانتفاضة السورية كانت تعوّل على فوز هيلاري كلينتون وأنها الآن في مأزق. وقال «على الإدارة الأميركية أن تنفذ ما وعدت به في حملة الانتخابات». وساعد التدخل الروسي دعماً للأسد في تغيير كفة الموازين لمصلحة دمشق ضد مقاتلي المعارضة الذين كانوا يحققون انتصارات ثابتة على الأرض، كما منح موسكو نفوذاً حاسماً في المساعي الديبلوماسية. وقال جورج صبرا السياسي السوري المعارض: «نحن لا نتوقع أشياء كثيرة من الإدارة الأميركية الجديدة ولكن نأمل بأن نرى وجهاً للرئيس دونالد ترامب يختلف كلياً عن الوجه الذي شهدناه للسيد دونالد ترامب كمرشح للرئاسة». وقال ترامب في مقابلة أجرتها معه «رويترز» يوم 25 تشرين الأول (أكتوبر) إن هزيمة تنظيم «داعش» لها أولوية على إقناع الأسد بالتنحي، وحذّر من أن كلينتون ستدُخل الولايات المتحدة إلى حرب عالمية جديدة في شأن الصراع في سورية. وكانت كلينتون وزيرة للخارجية الأميركية عندما بدأت الانتفاضة ضد الأسد في 2011 ضمن موجة احتجاجات ما يُعرف بـ «الربيع العربي». وتحولت الانتفاضة السورية إلى حرب أهلية قتلت مئات الآلاف من الأشخاص وسمحت بصعود تنظيم «داعش» وخلقت أسوأ أزمة لاجئين في العالم. وقدّمت روسيا وإيران دعماً عسكرياً مباشراً للأسد، بينما قدمت الدول التي تريد رحيله وبينها الولايات المتحدة ودول إقليمية الدعم للمعارضين، بما في ذلك الدعم العسكري. وقالت شخصية معارضة أخرى إن المؤشرات إلى أن سياسات ترامب ستكون أكثر انعزالية من الرئيس باراك أوباما تعني أن دولاً أخرى في المنطقة ستبدأ في لعب دور أكبر في أزمة سورية وغيرها من الأزمات في الشرق الأوسط. وقال هادي البحرة الرئيس السابق والعضو الحالي للائتلاف الوطني السوري المعارض لـ «رويترز» إن الجوانب الإيجابية المحتملة لانتخاب ترامب تتضمن معارضته للنفوذ الإيراني والاتفاق النووي الإيراني مع القوى الدولية وما ينظر إليه أنه استعداده للعمل مع روسيا في شأن القضية السورية. وقال البحرة: «كل هذه المؤشرات يمكن البناء عليها لصياغة سياسات تتماشى مع المطامح الوطنية وأهداف الثورة السورية».
مشاركة :