معركة الموصل لم تنته بعد، ومعركة تلعفر على الأبواب، ومشاركة الميليشيات بقيادة قاسم سليماني في الثانية باتت مؤكدة، والمخاوف من جرائم وانتهاكات متوقعة تتزايد. العربهارون محمد [نُشرفي2016/11/10، العدد: 10451، ص(9)] يبدو أن الخطة الأميركية العراقية لتحرير الموصل، لم تسر وفق ما رسمته القيادة العسكرية المشتركة بين البلدين، التي حددت فترة المعركة بـثلاثة أسابيع وصفحتين أولى وثانية، خطط لها أن تبدأ في السابع عشر من الشهر الماضي، وتستمر إلى الثامن من الشهر الحالي، تزامنا مع بدء الانتخابات الأميركية، حيث كانت التحضيرات قد استكملت -وفق تقارير عسكرية عراقية- لإنزال عسكري على طرفي الجسر الرابع (القادسية) الذي يربط جانبي المدينة الأيسر والأيمن والقريب من معسكر الغزلاني ومطار الموصل، بتغطية وحماية طائرات الأباتشي التي يهابها الدواعش ويتطيرون من نشاطها، ليتم إعلان الانتصار على التنظيم وتحرير المدينة، ورفع الأعلام العراقية على أطراف الجسر الكبير، خاصة وأن الأميركيين قد نشروا، بالفعل، 1700 مظلي من قواتهم في قواطع العمليات، استعدادا لتنفيذ عملية الإنزال. هكذا كان يفترض أن يكون سيناريو نهاية معركة تحرير الموصل كما خططه ضباط عراقيون وأميركيون وأكراد، بقيادة الفريق الأول الركن طالب شغاتي قائد العمليات المشتركة، ولكن دخول ميليشيات الحشد على خط المعركة أفسد الخطة وأربك سير عملياتها. لقد نجحت الخطة المرسومة في دفع مسلحي داعش من المحاور الجنوبية والشرقية والشمالية للموصل، وأجبرت أكثرهم على الانسحاب إلى مركز المدينة، بعد أن تركت محورها الغربي مفتوحا، والهدف واضح في إتاحة الفرصة للمسلحين للهروب من الموصل باتجاه سوريا عبر قضاءي تلعفر والبعاج المتاخمين للأراضي السورية، إلا أن إصرار ميليشيات الحشد الشيعي على التوغل جنوب مدينة تلعفر لغرض احتلالها، أجل إعلان النصر الذي كان منتظرا الاحتفال به يوم الثلاثاء الماضي. ومما عقد سير العمليات العسكرية ومن ضمنها إرجاء إنزال جسر القادسية، أن الدواعش الذين انسحبوا من المحاور الثلاثة نحو الموصل، تحصنوا فيها وعززوا قواتهم داخلها، خصوصا في جانبها الأيمن وهو الأكبر، ولم يغادروها باتجاه سوريا كما كان متوقعا، والسبب أنهم علموا بانطلاق ميليشيات الحشد من شمال القيارة، صعودا إلى جنوب قضاء تلعفر للاستيلاء عليه، لضمان قطع الطريق البري الذي يربط القضاء بمحافظة الحسكة السورية، مما يخلق متاعب لمسلحي التنظيم إذا قرروا التوجه نحو سوريا، وهذا الأمر فرض على مقاتلي التنظيم، خوض المعركة داخل الموصل، بدلا من تلعفر التي لو سقطت بأيدي الحشديين، فإن قادة التنظيم يعتقدون أن قواتهم المتمركزة في تلعفر ذاتها وناحية ربيعة غربها، وقضاء البعاج في جنوبها الغربي وجبال سنجار شمالها، قادرة على محاصرة الميليشيات وتكبيدها خسائر جسيمة، وقد عرض التنظيم أفلام فيديو تظهر فرار مقاتلي الحشد من ضمنهم معممون وملالي جراء تفجير عجلات داعش عليهم في قرى جنوب تلعفر. لا يستبعد أن يكون وصول قائد فيلق قدس الإيراني قاسم سليماني إلى قاطع عمليات تلعفر، لوضع خطة جديدة تتضمن تسريع التقدم نحو تلعفر لتعزيز مصداقية قادة الحشد وكان الخطاب الأخير لزعيم تنظيم داعش، أبوبكر البغدادي، قد لمح إلى احتمال خسارة الموصل والانسحاب إلى خارجها “الهجرة إلى ديار الدولة الإسلامية الأخرى” كما قال، الأمر الذي حفز القوات العراقية والكردية والأميركية على شن هجمات مركزة على مواقع التنظيم في أطراف الموصل، من حمام العليل جنوب المدينة، إلى الكوير والحمدانية وبرطلة شرقا، إلى بعشيقة شمالا، بينما لم تباشر أي عمل عسكري في مناطق غربي المدينة، تاركة طريق (الموصل – الحميدات – تلعفر – سنجار – سوريا) كمنفذ مفتوح لانسحاب عناصر التنظيم إلى الحدود السورية. غير أن انتشار ميليشيات الحشد جنوب تلعفر بعد أن سيطرت على قرى تل عبطة والمشرفية وعين الجحش والعريش وهي غير مأهولة بالسكان باستثناء النساء والأطفال وكبار السن بعد أسر رجالها وشبابها من قبل التنظيم ونقلهم إلى الموصل لاستخدامهم دروعا بشرية كما أعلنت الأمم المتحدة، أفشل خطة القيادة العراقية الأميركية المشتركة لإنهاء معركة تحرير الموصل في وقت قياسي وبأقل الخسائر. ورغم أن التقارير الواردة من قواطع عمليات غربي الموصل، تشير إلى أن قوات الحشد تواجه صعوبات في التقدم نحو مركز تلعفر، بعد أن وصلت إلى قرية الزركة جنوب شرقي المدينة بعشرين كيلو مترا -حسب بلاغاتها- إلا أنها اضطرت إلى التحصن في القرية لتتفادى تطويقها من قوات التنظيم التي لا تزال تتخندق شمالا في تلعفر نفسها، وتحتل ناحية ربيعة في غربها، ومدينة البعاج في جنوبها الغربي. وبهذا الصدد فإنه لا يستبعد أن يكون وصول قائد فيلق قدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني إلى قاطع عمليات تلعفر، لوضع خطة جديدة تتضمن تسريع التقدم نحو مركز تلعفر لتعزيز مصداقية قادة الحشد الذين أعلنوا أن السيطرة على هذه المدينة هو الهدف المركزي لمشاركتهم في معركة الموصل التي حرموا منها، إضافة إلى تأمين مؤخرة قواتهم من هجمات التنظيم انطلاقا من البعاج، وحماية قطعاتهم الغربية من جهة ربيعة، والشمالية من ناحية جبال سنجار. معركة الموصل لم تنته بعد، ومعركة تلعفر على الأبواب، ومشاركة الميليشيات بقيادة قاسم سليماني في الثانية باتت مؤكدة، والمخاوف من جرائم وانتهاكات متوقعة ضد سكانها السنة العرب والتركمان تتزايد، والمعلومات تفيد بأنهم أكثر من مئة ألف إنسان، اضطروا إلى البقاء فيها صابرين ينتظرون من الحكومة تحرير مدينتهم التي فرط فيها نوري المالكي في صيف 2014 ويسعى الحشد الشيعي إلى استباحتها هذه الأيام. اللعنة على دولة داعش ومثلها على صاحب صيحة “ما ننطيها” الذي شجعها على احتلال المحافظات العراقية وأهدى مسلحيها أطنانا من الأسلحة والمعدات في نكبة الموصل، لقتل السنة العرب وتخريب مناطقهم، واللعنة مضاعفة على قاسم سليماني الحاقد وقطيعه الطائفي. كاتب عراقي هارون محمد :: مقالات أخرى لـ هارون محمد الميليشيات الشيعية أربكت معركة الموصل وأرجأت تحريرها, 2016/11/10 وثيقة التحالف الشيعي لا تصلح للمصالحات الوطنية, 2016/11/03 إعادة الصدر إلى بيت الطاعة.. الهلال الشيعي يتقدم, 2016/10/27 مرحلة ما بعد تحرير الموصل.. الضمانات والتداعيات, 2016/10/20 العبادي بين مطرقة المالكي وسندان الميليشيات , 2016/10/13 أرشيف الكاتب
مشاركة :