القاهرة: الخليج يوافق الشهر الجاري، نوفمبر / تشرين الثاني 2016، مرور 146 عاماً على بناء أول أوبرا مصرية، وافتتاحها بعرض أول عمل أوبرالي على مسرحها، وذلك في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1869، احتفالاً وتزامناً مع افتتاح قناة السويس، في عهد الخديوي إسماعيل. الأوبرا القديمة استغرق العمل فيها ستة أشهر فقط، وتكلف بناؤها مليوناً و600 ألف جنيه، وقام بالبناء والتصميم مهندسان إيطاليان، ليتم افتتاحها بحضور الخديوي إسماعيل والإمبراطورة الفرنسية أوجيني. الأوبرا المصرية القديمة هي الأولى في قارة إفريقيا، ويعد مسرحها واحداً من أكثر مسارح العالم آنذاك اتساعاً، حيث كان يتسع لنحو 850 مشاهداً، كما شيد بها الكثير من الردهات المجهزة والمخصصة للراحة والتدخين. أما خلف المسرح فكانت هناك 3 طبقات، احتوت الأولى على غرف مخصصة لفرق الرقص والتدريبات وغرف للممثلين وفرق الإنشاد، وخصصت الثانية كمخزن للديكورات، بينما استخدمت الثالثة في حفظ الملابس والأثاث والأدوات، كما اشتمل المبنى على الكثير من الورش لصناعة الملابس وتصميم الديكورات والأثاث للعروض المختلفة، إلى جانب متحف للأكسسوارات، وخزينة للمجوهرات التي تستخدم في العروض للممثلين والمغنين. أول من تولى رئاسة دار الأوبرا بعد افتتاحها درانت بك في عهد الخديوي إسماعيل، تلاه الفنان اليوناني بافلوس في الفترة من 1869 إلى 1886، ثم بعده بسكوالي كلمنته من 1886 إلى 1910، وبعده فنان الأوبرا جنارو فورنارنو في الفترة من 1911 إلى 1931، تلاه الفنان الإيطالي نورتاتوتو كانتونى من 1932 إلى 1937. ثم كان منصور غانم أول مصري يترأس الأوبرا لمدة عام واحد، من 1937 إلى 1938، وبعده الفنان سليمان بك نجيب، لمدة 16 عاماً، في الفترة من 1938 إلى 1954، ثم ترك منصبه بناء على رغبته. ثم تولى رئاسة الأوبرا الشاعر عبد الرحمن صدقي لمدة عامين 1954 - 1956، ثم المهندس محمود النحاس 1956 - 1962، ثم الفنان صلاح طاهر 1962 - 1966، وتولى رئاستها صالح عبدون بدءاً من 1966، حتى احتراقها في فجر الثامن والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول 1971، عندما شب الحريق في المبنى الذي كان قد مضى على تأسيسه 102 عام، وشاهد المصريون النيران وهي تلتهم تماماً المبنى بطرازه المعماري الفريد من نوعه، بما في ذلك الملابس والديكورات وإكسسوارات العروض التي قدمت على مسارحها، والكثير من التحف النادرة، والمجوهرات الثمينة، والمؤلفات الموسيقية التي أهداها كبار الفنانين الذين زاروا الأوبرا، وظلت النيران مشتعلة ست ساعات، وساعد البناء الخشبي على سرعة واشتداد النيران، وسط حسرة وحزن للفنانين والعازفين من أبنائها. بعد غياب دام 17 عاماً، وفي مارس/آذار من عام 1985، وضع حجر الأساس للأوبرا الجديدة، بالتعاون مع شركة كاجيما اليابانية، وانتهى البناء في 31 مارس/آذار 1988 أي بعد 34 شهراً من بدء العمل، ثم افتتحت دار الأوبرا المصرية الجديدة في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه. شمل التصميم مساحة 22772 متراً مربعاً، يقع المبنى على مساحة 13855 متراً مربعاً منها، بارتفاع 42 متراً كحد أقصى. شارك في افتتاح دار الأوبرا الجديدة الأمير توموهيتو أوف ميكاسا، الشقيق الأصغر لإمبراطور اليابان، كما شاركت اليابان لأول مرة في مصر والعالم العربي وإفريقيا في افتتاح هذا الصرح الثقافي بعرض الكابوكي، الذي ضم 50 عضواً، إضافة إلى فنانين من أعلى مرتبة في مجالات الموسيقى والأوبرا والباليه، إلى جانب تقديم أوبرا عايدة بفنانين مصريين وإيطاليين.مع التأسيس الثاني لدار الأوبرا المصرية في 1988، كانت د. رتيبة الحفني، أول من يتولى رئاستها ولمدة عامين حتى 1990، تبعها د. ناصر الأنصاري لمدة 6 سنوات من 1991 إلى 1997، ثم د. مصطفى ناجي حتى 2000، ثم اللواء سمير فرج، كأول رئيس لدار الأوبرا المصرية من القوات المسلحة، واستمر في منصبه لمدة 4 سنوات حتى 2004، تلاه د. عبد المنعم كامل لمدة 8 سنوات حتى 2012، لتتولى المهمة بعده د. إيناس عبد الدايم منذ ذلك العام وحتى الآن. يذكر أن الإدارة المركزية للأوبرا صارت تشرف على أربع دور للأوبرا في مصر، بعد تحويل مسرح سيد درويش في الإسكندرية ليكون الأوبرا الثانية في مصر، ثم بناء أوبرا ثالثة في مدينة دمنهور، والرابعة في المنصورة، لتتحول دار الأوبرا المصرية إلى مراكز، ليس لتقديم فنون الأوبرا والباليه والموسيقى العربية فقط، بل إضافة إلى ذلك لتقديم وجبات ثقافية، وتقريب تلك الفنون إلى المواطنين.
مشاركة :