بثينة العيسى : كل رواية عندي تبدأ بسؤال

  • 11/11/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: محمدو لحبيب تهمة الشعر الجميلة عندها إشاعة مغرضة رغم غلبة اللغة الشعرية عندها أحياناً على النثر، مشوارها السردي كله بدأ برد فعل على احتلال بلدها الكويت في القرن الماضي، وتعتبر بداياتها الروائية تعبيراً عن خوفها من هذا العالم، ثم تطور الخوف إلى قلق دائم يستوطنها بعد ذلك وبشغف بالأسئلة التي لا تنتهي، وبحث دائم عن العمق الفلسفي في قلب بنية الحكاية وتفاعلاتها الدرامية. تعتقد أن الكتابة الروائية لا تحتاج لطقوس خاصة، وتؤمن بأن الرواية تصنع تماماً كما يبدع النحات في نحت منجزاته، لذلك فهي إحدى مؤسسي مشروع تكوين الذي يضم ورشات للكتابة الإبداعية توصف بأنها لمساعدة الكتاب على امتلاك أدواتهم، وصقل براعتهم في استخدامها، وزيادة لياقتهم الأدبية، وطلاقتهم الذهنية، مما يعينهم على الإحاطة بمتطلبات المشروع الكتابي، والسير في داخله بخطوات أقل تخبطاً وأكثر رشاقة. تلك هي الروائية الكويتية بثينة العيسى، والتي التقيناها على هامش ندوة ضمن فعاليات المعرض تحت عنوان طقوس وآليات عمل الكاتب، فحاورناها عن القلق السردي الذي يتلبسها، وعن ذلك السؤال الفلسفي الذي تدخل به كل رواية، وعن صناعة النص عبر الإنترنت، والعلاقة المشتبكة مع القارئ الإلكتروني، وعن علاقتها بالشكل التجريبي للرواية، وعن الشعر الذي تتهرب من وصفها به. توصفين بأنك كاتبة تخلق عالمها السردي من القلق، كيف تفسرين تلك العلاقة المشتبكة مع القلق؟ متى بدأت وكيف استمرت معك؟ أنا دائماً أدخل إلى الرواية وكأنني أدخل إلى سؤال، يعني دائماً أنا في حالة تساؤل، وأعتقد أن اليقين والوثوقية المطلقة بأفكارنا هي لا تنتج إبداعاً، فكل كتابة بالنسبة لي ينبغي أن تنبثق من حالة قلق معينة، وهذا القلق هو الذي يصنع حالة حراك نفسي أو عقلي داخلي في ذهن الكاتب، وهو الشيء الذي أنطلق منه إلى خلق النص. كيف يمكن أن يؤسس النص لنهاية درامية إذا كان يبدأ بسؤال وينتهي بآخر، ألا يكون نصاً فلسفياً أكثر منه روائياً؟ لا ليس بالضرورة أن يحدث ذلك، فمثلاً في رواية 1984 للكاتب جورج أورويل، أنا أعتقد أن الرواية طرحت سؤالاً عميقاً جداً ومخيفاً جداً، وهو إلى أي حد نحن نستطيع إيذاء بعضنا بعضاً ربما معظم القراء لتلك الرواية يركزون على الجانب الآيديولوجي أو السياق التاريخي لرواية 1984 ويهمل أو ينسى ذلك البعد الفلسفي العميق لها. أيضا فيما يتعلق برواية البؤساء للروائي الفرنسي فيكتور هوجو هناك ذلك البعد المتسائل، فنجد السؤال الإشكالي: ماذا نختار بين اتباع القانون اتباعاً حرفياً كما فعل غابير، واتباع صوت الضمير الداخلي الذي ربما لا يتطابق مع القانون كما فعل جان فالجان. نعم هذه قراءات فلسفية لكنها لا تنفي عن العمل دراميته أو القالب الحكائي المألوف. توصفين بأنك من القلة من الروائيين الذين يجيدون استخدام الإنترنت لخلق علاقة حميمة مع قرائك، كيف استطعت ضبط العلاقة مع القارئ الإلكتروني، الذي يوصف بأنه ملول وسريع التحول في ظل الخيارات العديدة المتاحة له بمجرد ضغطة زر؟ بصراحة أنا لا أفكر بهذا الأمر، لا أفكر كيف أحافظ على القارئ أو كيف أجتذبه، أنا دائما أفكر في كيف أكتب هذا النص بأفضل طريقة ممكنة، وربما تأتي المكافأة لاحقاً من القارئ إذا أعجبه هذا النص. إذاً هل يمكن القول إنك من الكتاب الذين يكتبون لإرضاء ذواتهم أولاً قبل إرضاء القارئ؟ أكتب لإرضاء القارئة في داخلي، وأعتقد أنها متجاوزة لكاتبتها، ولكني أهتم لقارئي الآخر أيضاً، وكيف لا أهتم ومن يقرأ رواياتي بأن الكلام من قبيل عدم الاهتمام بالقارئ لا ينطبق على تجربتي. يعاني بعض القراء العرب - ربما أغلبهم - عدم فهم الأشكال التجريبية في الكتابة وفي السرد الروائي تحديداً، وبالتالي عدم تقبلهم لها، كيف تستطيعين التعامل مع هذه المعضلة؟ هناك 15 طبعة من إحدى رواياتي فإذا كانت أصلاً غير مفهومة أو نخبوية أكثر مما ينبغي لما بيعت كل تلك الطبعات، فحتى مع اهتمامي بأدواتي السردية وأنني يجب أن أكتب النص بأفضل طريقة ممكنة، فهذا لا يعني أبداً عندي القطيعة مع القارئ. أنت شاعرة، ومع ذلك تحضرين في المشهد الثقافي كروائية أكثر منك شاعرة، بم تفسرين غلبة النثر عندك على الشعر؟ أنا لست شاعرة، أنا سميت شاعرة فقط، ولم أدع يوماً أني كذلك، وبصراحة تلك إشاعة مغرضة (تضحك)، أعتقد أنني مولعة بخلق عوالم ربما هي امتداد لتلك العوالم التي كنت أخلقها أيام الطفولة ومرحلة اللعب بالدمى، وصولاً إلى العوالم التي أبنيها الآن من اللغة داخل رواياتي، والشعر هو أداة إذا كانت هذه الأداة ستخدمني داخل الرواية فأنا سأوظفها كما فعلت في روايتي كبرت ونسيت أن أنسى، أما إذا كان النص لا يحتمل هذه الشعرية فأنا ببساطة شديدة أستطيع أن أكتب بلغة ربما أكثر مباشرة وأكثر تخففاً من الشعر فالأمر يعتمد على طبيعة العمل وعلى العالم الذي أحاول أن أخلقه. تتميز عناوينك كما يقول بعضهم بالمباشرة مثل (سعار، ارتطام لم يسمع له دوي، وغيرها) ألا تخشين من أن يروي القارئ شغفه بالحكاية بمجرد قراءة مثل هذه العناوين؟ أنا لا أعتقد أصلاً أن عناويني مباشرة حتى سعار وخراطتي وارتطام لم يسمع له دوي أين المباشرة في ذلك كله؟؟!. ما رأيك بالتقسيمة المشهورة للأدب إلى أدب رجالي وأدب نسائي؟ لا أقرها، ولا أعترف بمصطلح الأدب النسائي، أعترف فقط بالأدب.

مشاركة :