منطق النفط - أيمن الحماد

  • 3/18/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في العام 1937م وبعد أربع سنوات من التنقيب، اكتشف النفط في السعودية من قبل شركات وجيولوجيين أميركيين، ومنذ سبعة وسبعين عاماً، أصبح البترول هو منطق اللعبة السياسية بين أميركا والمملكة. لقد أسهم النفط وحده في النهضة التنموية للمملكة، وللأسف فإن العقود الستة التي تعاونا فيها مع واشنطن، لم نستفد منها بشيء فكنا مجرد مستهلكين لما تنتجه مصانع «ديترويت» و»وادي السيلكون»، والعكس لا يحدث؛ فطوال تلك المدة استثمرت أميركا نفط المملكة وغيرها من الدول، وعكفت على أبحاث طويلة لتطوير تقنيات الطاقة، وإذ بنا نفاجأ بالرئيس الأميركي باراك أوباما يقول إن بلاده سوف تتخطى السعودية في إنتاج النفط. وبعيداً عن دقة ذلك القول، فإننا بتنا نلمس بعض سياسات عدم المبالاة من جانب الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط، وهذا بالتأكيد ليس مرده إلى الملل أو قلة الحكمة، بل هي عقلية رجل الأعمال. لقد كان بالإمكان أن نستفيد من القدرات التقنية والتصنيعية المتطورة للغاية للولايات المتحدة في مجال تصنيع السيارات والحاسبات والمنتجات الطبية. كان يجب أن نتعامل مع واشنطن بذات العقلية. عندما نشتري منها السلعة فإننا يجب في نهاية العقد أن نعرف كيف نصنعها. أميركا عندما تخترع فهي لا تخترع لنفسها بل تخترع لتبيع المنتج وتحتفظ بالتقنية أو «السر». خلال مؤتمر ميونخ قبل شهرين دار حوار قصير وعميق المعنى بين السيناتور جون ماكين والوزير أحمد داود أوغلو عندما أثير موضوع شراء تركيا صواريخ دفاعية من الصين، فتحدث ماكين ممازحاً أوغلو، قائلاً: أنصحكم بشراء الصواريخ الأميركية فالتكنولوجيا لدينا متقدمة عن الصين، فكان جواب الوزير التركي «نحن نبحث عن نقل التقنية والأمر يعود لكم». اليوم نحن بمقدورنا أن نشتري ما نريد لأننا نملك القيمة، لكن ماذا سنفعل إذا انتهى هذا المال، لدى كوريا الجنوبية تجربة مثيرة في هذا الجانب، فعندما قررت تطوير سلاح ذري منعتها الولايات المتحدة من القيام بذلك واكتفت بالقيام ببرنامج نووي سلمي، وأرسلت كوريا مهندسين إلى أميركا للتدريب على التقنيات النووية، ثم طلبت سيئول نقل التقنية النووية ورفضت واشنطن الطلب. في ذلك الوقت تعلم المهندسون الكوريون كثيراً وطوروا التقنية التي رأوها في الولايات المتحدة، وأخيراً وافقت أميركا على نقل تقنية المفاعلات، وأصبح لدى كوريا الجنوبية نموذج أو تصميم خاص. واليوم المملكة مهتمة بشراء مفاعلات نووية من كوريا الجنوبية، بالرغم من أن التعاون الأميركي - الكوري في مجال الطاقة بدأ في منتصف السبعينات أي بعد حوالي أربعين عاماً من التعاون السعودي الأميركي في مجال النفط. اليوم لدينا فرصة حقيقية ومذهلة وكأن التاريخ يعيد نفسه تماماً، دول الصين والهند واليابان تشكل اقتصادياتها رعباً حقيقياً للدول الصناعية، وتنفق بكين لوحدها على التطوير والأبحاث ما تنفقه أوروبا، وتولي الدول الثلاث اهتماماً كبيراً بالمملكة، بل إن دولة كاليابان تخزن النفط السعودي في جزيرة أوكيناوا، والهند تريد القيام بذلك أيضاً، لذا من الأجدى أن نستغل ذلك ونعمل من أجل نقل التقنيات المتقدمة التي تمتلكها تلك الدول، وألا ننتظر تلك اللحظة التي تبحر فيها ناقلاتهم النفطية من موانئنا ولا تعود.

مشاركة :