أزمة إشكالية الفهم

  • 11/11/2016
  • 00:00
  • 24
  • 0
  • 0
news-picture

لم توفق بعض الحركات والجماعات الإسلامية في توظيف إمكاناتها العلمية والشرعية والدعوية في تكريس التماسك الاجتماعي وإنما دخلت في تشابكات تاريخية معقدة ومآلات معاكسة وتجاذبات تركت أثرا سلبيا على المجتمع فبعض تلك الحركات لا تسعى إلى مشروع حضاري واضح تناضل من أجله ولم تكن منطلقاتها تمثل مبادئ ثابتة توجه سياستها وإنما كيانات تسعى لتغيير الولاءات لصالح الواقع، فالمشكلة تكمن في النظريات التحليلية لنشأة وتوجهات بعض تلك الحركات بتعدد الموجهات السياسية، والثقافية، والحضارية وبتأثيرات الرواسب التاريخية، وتكمن المشكلة الأخرى في مسألة افتراض العصمة، وإضفاء المشروعية على تلك الحركات وكأنها هي الإسلام، رغم كونها جهدا بشريا وصيغة من صيغ إحياء الدين وتجديده، وذلك يحول دون نقدها وبالتالي دون تطويرها. ذلك أن الاستقراء الموضوعي يكشف بوضوح على أن هيمنة بعض الحركات الإسلامية على أوجه الحياة: الدينية والاقتصادية والاجتماعية تشكل أسبابا جذرية لمعظم المشاكل الداخلية فقد سعت إلى صياغة وعي المجتمع بطريقتها الخاصة لإعاقة محاولات التقدم الحضاري، مستهدفة بذلك ثوابت الوحدة الوطنية ومتخذة مقولات خصومها ذرائع لها وإقامة حواجز أمام التنوير الإسلامي. إن السلم الديني الاجتماعي حالة طبيعية يسعى المجتمع إلى تحقيقها مما يستوجب سبل إعادة الترابط الاجتماعي وتقوية الجبهة الداخلية وتفويت الفرصة على الحركات التي تسعى إلى خدمة مصالحها وتعتمد المذهبية مدخلا لتدمير الوحدة.. وذلك بالمحافظة على الوحدة الوطنية ومحاربة التعصب المذهبي والعرقي والنظر إلى التنوع كعامل تفاهم لا فرقة والتأكيد على وطنية العمل الديني والتمسك بأصول الدين والأخوة الإنسانية ووحدة الوطن وإيجاد جو من الثقة المتبادلة عبر إزالة الرواسب والعقد الموروثة عن فترات التباعد والخصام. إن عالم اليوم تمزقه الاضطربات ويسوده التعصب والكراهية وتطغى في أجزاء كبيرة منه المادية المفرطة لهو أحوج ما يكون إلى الحوار والتسامح وإشاعة السلام وتوطيد الاستقرار وغرس روح الثقة في السلوك والمعاملات. لقد عمقت بعض الحركات الهوة بين المجتمع والدولة من خلال برامجها القائمة على غرس مفاهيم غير محايدة لكل ما يتصل بمؤسسات الدولة. وقد أورثت مفاهيم مؤسسة على تقسيم الناس إلى طوائف تؤجج الصراع السياسي والحضاري من أجل كسب المواقف والمزايدات السياسية والتعاطي مع الأزمات وكأنها قدر تاريخي غير قابل للحلول أو المعالجات وتسييس الدين بشكل مصطنع وتسخيره لحسابات سياسية وتعقيد القضايا الواضحة بدعوى البحث عن حلول.

مشاركة :