قانون الحشد الشعبي يثير مخاوف أطياف عراقية مختلفة ويهدف إلى الاعتراف بالميليشيات كجهاز عسكري مستقل عن بقية أجهزة الحكومة. العرب [نُشرفي2016/11/11، العدد: 10452، ص(1)] أجندة غير عراقية بغداد - تسابق الأحزاب العراقية الوقت لتمرير قانون الحشد الشعبي في البرلمان قبل أن تنتهي معركة الموصل خوفا من أن يؤدي طرد داعش من المدينة إلى انتفاء المبررات التي تشرّع لاستمرار الإنفاق الحكومي على الميليشيات الشيعية. وقوبل هذا الحرص على إحالة القانون إلى البرلمان لإقراره باعتراض سني عليه، ومحاولة توسيع المشمولين به. ولا يهدف القانون إلى استيعاب مقاتلي الحشد في الجيش أو القوات العراقية، ولكن إلى الاعتراف بالميليشيات كجهاز عسكري مستقل عن بقية الأجهزة وتتولى الحكومة العراقية الإنفاق عليه على أن يحتفظ الحشد باستقلالية إدارته وأجنداته. وتثير هذه الصيغة من الإدماج مخاوف أطياف عراقية مختلفة لأنها تضفي شرعية على ميليشيات لديها أجندات غير عراقية، من حيث ارتباطها بإيران، وتخطيطها لخوض حروب بالوكالة لفائدتها، مثل إعلانها الانتقال إلى سوريا للقتال إلى جانب قوات الرئيس السوري بشار الأسد بعد الانتهاء من معركة الموصل. وقال مراقبون عراقيون إن إضفاء شرعية قانونية على ميليشيات طائفية سيجعل الحكومة مطالبة بإضفاء شرعية على مكونات أخرى عرقية وطائفية مثل وحدات البيشمركة الكردية والحشد الوطني السني، أو أنها ستعلن انحيازها لطائفة دون أخرى وتفقد صفتها كحكومة عراقية جامعة. ويمنح القانون الذي يتبناه التحالف الوطني (الشيعي)، مقاتلي الحشد الشعبي امتيازات موازية لتلك التي يتقاضاها منتسبو وزارة الدفاع العراقية، وهي امتيازات عالية نسبيا قياسا برواتب المؤسسات المدنية. ويلزم مشروع القانون الحكومة بتسليح الحشد الشعبي، وتأمين جميع مستلزماته اللوجستية، ومنحه صلاحية تحرير المحافظات الواقعة تحت سيطرة داعش، ما يعني إضفاء شرعية على انتشاره في المناطق السنية، وما يتبع ذلك من تجاوزات وانتهاكات ذات بعد طائفي ضد السكان المحليين. وأشار مراقب عراقي إلى أن مشروع القانون يرفع الحرج على الحكومة في تمويل الحشد والترفيع في الموازنة المخصصة له رغم اعتراض طيف عراقي واسع على ذلك خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الناجمة عن تدني أسعار النفط. وأكد المراقب في تصريح لـ”العرب” أن الحكومة العراقية لم تسع إلى التمسك بالحياد في ملف الحشد الشعبي، وقد تعاملت مع الأمر وكأنه حزب سياسي لديه مقاتلون في الحشد. وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد أعلن في أغسطس الماضي عن تقليص الميزانية المخصصة للوزارات مقابل الرفع في مخصصات الحشد الشعبي. وأثمر ضغط الأحزاب الشيعية زيادة مخصصات الحشد لنحو 2.6 مليار دولار لتشكل 3.6 بالمئة من إجمالي النفقات الحكومية في ميزانية 2016. وكانت تبلغ حوالي مليار دولار تقريبا في عام 2015. وأكدت النائبة عن الحزب الديمقراطي نجيبة نجيب “أن نسبة 25 بالمئة من الميزانية تصرف للجيش والحشد الشعبي، وهذه نسبة كبيرة بالنسبة لميزانية الدولة”. وحاول النواب السنة في البرلمان أن يوسعوا دائرة المشمولين بالقانون الجديد ليصبح قانون الحشد الشعبي والعشائري، لكنهم قوبلوا برفض شيعي حاسم لأن هذا التعديل من شأنه أن يفتح الباب أمام الاعتراف بالحشد الوطني الذي دربته أنقرة وواشنطن للمشاركة في معركة الموصل. ولتلافي رفض التحالف الشيعي، أدخل النواب السنة “المادة 6” على مسودة القانون. وتنص المادة على “إعادة هيكلة مقاتلي الحشد الشعبي وفق النسب السكانية لمناطقهم”، ما يعني أن كل محافظة تقدم مقاتلين إلى الحشد حسب تعدادها السكاني، وهو ما قوبل باعتراض شيعي أيضا على اعتبار أن هذا التعديل يهم قانون الحرس الوطني وليس الحشد الشعبي. وينحدر معظم عناصر الحشد الشعبي حاليا من محافظات جنوبية، والموافقة على هذه المادة تعني تسريح جزء كبير منهم، وتعويضه بمقاتلين من المحافظات السنية. ولم يوافق أغلب أعضاء البرلمان من التحالف الشيعي على المادة المذكورة ولم يسمحوا بتمريرها أو إدراجها في القانون، خلال جلسة البرلمان الأربعاء، وفي مقابل الإصرار السني، جرى الاتفاق على تأجيل عرض القانون حتى جلسة البرلمان القادمة، في السادس والعشرين من الشهر الجاري. وتشير خارطة النواب المعترضين، إلى إجماع سني نادر على معارضة القانون. وهناك حرص كبير من الأحزاب الشيعية على تشريع هذا القانون، ويكرر زعماؤها في تصريحاتهم الإعلامية هذا الوعد، ما يرجح أن الأمر يتعلق بالدعاية الانتخابية. يشار إلى أن معظم هذه الأحزاب لديها مقاتلون في الحشد الشعبي الذي يتوقع أن يكون حصانا رابحا في الانتخابات. :: اقرأ أيضاً محمد بن زايد في القاهرة لتأكيد دعم الخليج لخطوات الإصلاح الاقتصادي هل أوصل المسلمون دونالد ترامب إلى البيت الأبيض؟ الحكومة الأردنية بحاجة لدعم البرلمان لتمرير قرارات مؤلمة تضارب مواقف الإخوان يضفي غموضا على مظاهرات الغلابة
مشاركة :