خرج المتظاهرون بالآلاف إلى الشوارع في أنحاء الولايات المتحدة لليلة أخرى أول من أمس، احتجاجاً على فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية، متخوفين أن يوجه انتصاره «ضربة إلى الحقوق المدنية». وبعد ساعات من استقباله الرئيس الأميركي المنتخب - الذي وعد أثناء حملته الانتخابية بتدابير حازمة في مكافحة الإرهاب وضرب «القاعدة» وتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) والتعاون مع روسيا في هذا المسار - أمر الرئيس باراك أوباما - وهو على عتبة خروجه من البيت الأبيض - بملاحقة وقتل قادة «جبهة النصرة» واسمها الجديد «جبهة فتح الشام»، وذلك للمرة الأولى منذ اندلاع «الربيع السوري» العام 2011. كما أصدرت وزارة الخارجية الأميركية لائحة جديدة للمنظمات الإرهابية ضمت أربعة من قادة «النصرة». ووضعت وزارة الخزانة الأميركية القاضي العام لجيش الفتح في سورية، السعودي عبدالله المحيسني وثلاثة آخرين على قائمة العقوبات التي تضم مَن تتهمهم واشنطن بالإرهاب وتمويله. وذكر مكتب الأصول الخارجية في وزارة الخزانة الأميركية في بيان له ان «العقوبات تهدف إلى عرقلة أنشطة جبهة فتح الشام في سورية، لتقليص أنشطتها العسكرية والمالية، ووقف تجنيد الأشخاص للقتال إلى جانبها، وسيتم حظر ممتلكات ومصالح هؤلاء الأفراد المصنفين، وتخضع أصولهم المالية لتصرف الولايات المتحدة، ويحظر على عموم الأشخاص والهيئات في أميركا الانخراط في معاملات معهم». وعن أسباب تصنيف المحيسني في هذه القائمة قال البيان «منذ أواخر عام 2015 كان المحيسني عضواً مقبولاً في دائرة القيادة الداخلية للجبهة، وعمل مستشاراً دينياً لها، وممثلاً في غرف العمليات في محافظة إدلب، وشارك في انضمام المقاتلين إلى الجبهة، وأطلق في أبريل 2016 حملة تجنيد 3000 طفل ومراهق في شمال سورية للانضمام للجبهة، ولعب بين عامي 2013 و2015 دوراً حاسماً في توفير مساعدات مالية تقدر بملايين الدولارات للجبهة، ونظم أخيراً حملة لجمع التبرعات جمعت 5 ملايين دولار». كما طالت العقوبات جمال حسين زينية الملقب بـ «أبو مالك التلي» أمير جبهة فتح الشام في القلمون السوري، والذي تتهمه وزارة الخارجية الأميركية بالضلوع في تنفيذ وتخطيط العمليات العسكرية للجبهة في سورية ولبنان. كما طالت العقوبات أيضاً كلاً من عبدول حاشاري، وأشرف أحمد العلاق، لجمعهما الأموال لأسر مقاتلين، وتقديم مشورات عسكرية لقيادات جبهة فتح الشام. وعلى صعيد انتخاب ترامب رئيساً، سار مئات من المحتجين في أوكلاند في كاليفورنيا في الشوارع وشقوا طريقهم إلى الطريق 580 السريع وأوقفوا حركة المرور، وراقبت الشرطة الاحتجاجات السلمية والمنظمة في معظمها. كما تظاهر المئات في بالتيمور على الساحل الشرقي مرددين «ليس رئيسي!» وحملوا لافتات كتب عليها «لم أنتخب الحقد رئيساً»، كما نظمت تظاهرات أيضاً في نيويورك وشيكاغو ودنفر ودالاس وأوكلاند ومدن أخرى في الولايات المتحدة. وفي بورتلاند، أكدت الشرطة أن تجمعاً تحول إلى أعمال شغب بسبب ما وصفوه بأنه «سلوك إجرامي وخطير» في إشارة إلى قيام متظاهرين بتحطيم واجهات المباني. وفي سان فرانسيسكو، نزل نحو ألف من الطلاب وساروا من حي المال نحو مقر البلدية مرددين «هذا ليس رئيسنا»، وسجلت تظاهرات أخرى في شمال كاليفورنيا ونابا وهايورد. وفي لوس أنجليس، سار مئات الطلاب في حرم جامعة كاليفورنيا حاملين يافطات كتب عليها «تخلوا عن ترامب»، كما احتشد عشرات من المحتجين المناهضين لترامب خارج البيت الأبيض، ورددوا أغاني مناهضة لترامب ورفعوا لافتات بينها لافتة كتب عليها «لست رئيسي». وفي أول تعليق له على التظاهرات، حمل ترامب وسائل الإعلام مسؤولية ذلك. وقال: «لقد أجريت للتو انتخابات رئاسية مفتوحة وناجحة. الآن نزل متظاهرون محترفون للاحتجاج بتحريض من وسائل الإعلام. هذا ظلم». ولاحقاً، وعد ترامب بتوحيد بلده المنقسم، مشيداً ببعض المحتجين الذين يتظاهرون ضده. وقال: «أحب حقيقة أن المجموعات الصغيرة من المتظاهرين الليلة (قبل) الماضية لديهم شغف لبلدنا العظيم. سنتحد معاً ونصبح فخورين!». وفي لندن، اضطرت الحكومة البريطانية أمس، إلى إصدار بيان رسمي نفت فيه أنها ستستخدم نايجل فراج، زعيم حزب «المملكة المتحدة المستقل» (يوكيب) المعارض، وسيطاً بينها وبين ترامب، وحاولت وضع حد للتسيُّب الضار بالمصالح البريطانية الذي ساد في التغطية الإخبارية التي تقدمها وسائل الإعلام البريطانية لتطورات الوضع في الولايات المتحدة بعد انتخاب ترامب وتداعياتها على الساحة الدولية. وحتى مساء أمس، حيث جرى التركيز في وسائل الإعلام البريطانية على حركة الاحتجاج الأميركية ضد فوز ترامب، وقدّمت القنوات التلفزيونية المختلفة ومن ضمنها قنوات «هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية» (بي بي سي) تغطيات توحي بوجود تعاطف من جانب هذه القنوات مع المحتجين.
مشاركة :